تقارير وحوارات

مؤتمرات دعم اليمن .. بين الحلول الفعلية والوعود المتكررة وتراجع المانحين

كريترنيوز /تقرير / محمود انيس

 

يعيش الجنوب خاصة واليمن أزمة اقتصادية ومالية مستمرة منذُ سنوات، وبالتحديد منذُ بدء الانقلاب الحوثي وصولاً إلى تحرير محافظات الجنوب حتى اليوم . وهذه الأزمة دفعت الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً للدعوة إلى عقد مؤتمر للمانحين لمواجهة الأزمة، في الوقت الذي يتوقع فيه ألا يلبي المؤتمر احتياجات اليمن كاملة.

 

ومن المعروف بأن مؤتمرات دعم اليمن غالبًا ما تكون مليئة بالوعود المالية والتعهدات التي تهدف إلى تقديم المساعدة الإنسانية والتنموية، ولكن في بعض الأحيان قد لا تترجم هذه الوعود إلى حلول ملموسة على الأرض. بينما تسهم بعض المؤتمرات في تخفيف معاناة اليمنيين بشكل مباشر من خلال توفير المساعدات الإنسانية.

ولكن فإن هناك تحديات عديدة تتعلق بكيفية إدارة هذه المساعدات، وآلية وصولها إلى المتضررين، فضلاً عن تأثيرات النزاع المستمر في البلاد.

 

وحسب خبراء فإنهم يرون أن هناك حاجة إلى حلول أكثر استدامة، تتضمن تحسين الوضع الأمني والسياسي، بالإضافة إلى تقديم الدعم الاقتصادي بشكل يساهم في بناء بنية تحتية قوية في الجنوب واليمن على المدى الطويل، وليس فقط عبر تقديم مساعدات طارئة.

حيث أن فاعلية هذه الموتمرات يعتمد على كيفية ترجمة الوعود إلى خطوات عملية، ومدى تعاون الأطراف المعنية في إيجاد حلول شاملة،كما تعتمد فعالية الدعم على عملية تنسيق العمل وتنفيذ الأعمال والمشاريع والشفافية في توزيع المساعدات وتتفيد الأعمال والمشاريع وغيرها من الأمور الذي يشملها الدعم. كما أن فعالية هذا الدعم يجب أن يترجم على أرض الواقع من خلال المساعدات التي تقدم للمواطن ويستفيد منها ،بالإضافة للمشاريع الذي تنفذ والذي مفترض أن تخفف من معاناة المواطن اقتصاديا إلى جانب الدعم الذي يفترض أن يرفع من مستوى الجانب الصحي والتعليمي ويحسّن من تدهور البنية التحتية وذلك من خلال إصلاحها وإعادة تأهيلها وذلك يعود على الجهات الحكومية بالتعاون مع المنظمات. كما يساهم المانحين بدعم المنظمات الدولية والمحلية التي تعمل على المساعدات في مجالات الإغاثة مثل توفير الغذاء والمياه النظيفة، الدعم الطبي، وتقديم المساعدات في مناطق النزاع، ولن يكون هناك فعالية لهذا إلا من خلال التنسيق مع الجهات المعنية والعمل بشكل دقيق لاستهداف الفئات التي يفترض أن تتلقى وتستفيد من عمل المنظمات، والعمل على أن تسخر النسبة الأكبر من أموال المانحين لهذه المشاريع والأعمال، لا للنفقات والنتريات الذي تستنزف الأموال،وأن يكون هذا العمل بالتنسيق بين المنظمات والحكومة. فهذه الفعالية لن تحدث إلا إن كان هناك برنامج محكم ومدروس يقوم على تنفيذه أشخاص ذات خبرة مشهودة بالنزاهة ،كما يتوجب أن يكون هناك رقابة فعلية من قبل المانحين على الأرض وأن لا يكون الاعتماد على تقارير ترفع لهم من قبل المنفدين المحليين ،بهذا يكون هناك فاعلية حقيقية لما يقدمه المانحون.

وهذا ما أكد عليه خبراء ومراقبون بأن الشفافية وتولي العمل لشخصيات ذات خبرة ونزاهة وجهات محددة لا عشوائية يضمن فعالية دعم المانحين والاستفادة منه.

والهدف من هذه المؤتمرات هو تحسين حياة المواطنين عبر تمويل المشاريع التنموية والإغاثية التي تساعدهم على تجاوز الأزمة الإنسانية.

 

أما فيما يتعلق بوعود المانحين المكررة أو تراجعهم عن وعودهم فإن هناك أسباب عديدة.

فتراجع المانحين عن وعودهم بخصوص اليمن يعود إلى عدة عوامل معقدة ومترابطة، منها :

* الأزمة الاقتصادية العالمية ..

ففي ظل الأزمات الاقتصادية العالمية مثل التضخم وارتفاع أسعار الطاقة، يواجه العديد من المانحين تحديات مالية تؤثر على قدرتهم والوفاء بالتزاماتهم تجاه اليمن والدول الأخرى المحتاجة، ولهذا نلاحظ تراجعهم عن ما وعدوا به من تقديم مساعدات. كما أن من أسباب تراجع المانحين هو الاستمرار في النزاع العسكري الدائر منذ سنوات.

فاستمرار النزاع المسلح في اليمن والجنوب يجعل من الصعب تنفيذ المشاريع التنموية والإغاثية بشكل فعّال ومطلوب، فطالما كان الوضع الأمني متدهورا ، فهذا يعيق وصول المساعدات الإنسانية إلى العديد من المناطق خاصة مناطق سيطرة الحوثي ومناطق خط النار، فهذا يؤدي إلى تأخير أو تقليص الدعم المقدم.

 

فالتحديات السياسية واللوجستية في اليمن تعد دافعا رئيسيا عن تراجع المانحين، فالوضع السياسي المعقد في اليمن، بما في ذلك الانقسامات بين الحكومة والحوثيين يجعل التنسيق وتوزيع المساعدات أكثر صعوبة. وهذا يؤدي إلى فقدان الثقة في قدرة الجهات المانحة على ضمان وصول الأموال إلى المستفيدين.

 

وأهم الأسباب التي جعلت المانحين يتراجعون هو الفساد المستشري في مرافق الحكومة والصراعات داخل السلطة، ولاشك بأن المانحين لديهم مخاوف من أن بعض الأموال قد يتم استغلالها أو سرقتها بسبب الفساد داخل بعض الجهات الحكومية أو في بعض المنظمات.

هذا الأمر قد يقلل من رغبة المانحين في الوفاء بوعدهم، خاصة إذا لم يروا تأثيرًا واضحًا للمساعدات على الأرض.

 

فما يحدث من أحداث في العالم قد تتسبب بالتراخي في الالتزامات الدولية مع مرور الوقت، مما يجعل الاهتمام الدولي باليمن يزداد تراجعا ، خصوصًا مع ظهور أزمات أخرى في مناطق مختلفة من العالم. قد يؤثر ذلك على استمرار الدعم المالي لليمن. وقد أصاب المانحين خيبات أمل غير متوقعة حول نتائج الدعم، وفي بعض الأحيان، تكون التوقعات بشأن تأثير المساعدات مبالغًا فيها، وعندما لا يتم تحقيق النتائج المتوقعة على الأرض، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تراجع الدعم المالي من قبل المانحين.

ولهذا فإن كل هذه العوامل مجتمعة تؤدي إلى تراجع المانحين عن الوفاء بالوعود الذي قطعوها بشأن تقديم الدعم المالي والإنساني.

وقام رئيس الوزراء بن مبارك خلال حضوره الاجتماع الوزاري الدولي في امريكا بحشد دعم لخطة الحكومة للتعافي الاقتصادي، وطالب المجتمع الدولي بضرورة دعم الحكومة الشرعية لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. كما قدم رؤية واستراتيجية من أجل تحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني مع التأكيد بتنفيذ برنامج إصلاح مؤسسي يضمن تحقيق الشفافية ومكافحة الفساد .

 

ختاماً ..

 

تحدث خبراء ومراقبون بأن الحكومة فشلت في إيجاد دعم من المانحين نتيجة لانعدام المصداقية والجدية في الحكومة لانتشال الوضع المتدهور في البلاد، مؤكدين بأن الحكومة الشرعية هي المسؤولة عن تدهور الاقتصاد وانهيار العملة تدهور الخدمات بشكل عام.

زر الذهاب إلى الأعلى