عربية

ليبيا.. ثلاثة مسارات تتصارع في مشهد ملتبس

كريترنيوز /متابعات /البيان/طرابلس

بين مجلس النواب السائر من مقر انعقاده في بنغازي باتجاه تكليف رئيس لحكومة جديدة في البلاد خلال الأيام القليلة المقبلة، وبين حكومة الوحدة في طرابلس الرافضة تسليم السلطة قبل تنظيم الانتخابات البرلمانية، وبين البعثة الأممية الباحثة عن حل توافقي باعتماد مخرجات لجنتها الاستشارية، وبمحاولة إيجاد مخرج يعكس خيارات المجتمع الدولي، ويلقى قبولاً من الفرقاء الداخليين، لا يزال المشهد الليبي يراوح مكانه باحثاً عن آفاق للحل في ظل اختلافات جوهرية في وجهات النظر بين طرابلس وبنغازي، وكذلك في ظل عجز المجتمع الدولي على وضع خطة ذات جدوى يمكن أن تدفع بالأطراف الداخلية لتجاوز الخلافات بشأن توحيد المؤسسات وتقاسم الثروة وحل الميلشيات وتهيئة الظروف الملائمة لتنظيم الانتخابات.

المسار الأول يمثله مجلس النواب الذي يواصل استعراض برامج المرشحين لرئاسة الحكومة الموحدة لاختيار أحدهم وتكليفه بقيادة المرحلة المقبلة. وطلب رئيس المجلس، عقيلة صالح، الدعم المحلي والدولي للحكومة التي يسعى المجلس لتشكيلها، محذراً من أن أي تأخير في تشكيلها سيؤدي إلى الفوضى والإضرار بمصلحة البلاد، معتبراً أن إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية يتطلب وجود حكومة واحدة، مضيفاً أن المجلس أصدر القوانين الانتخابية، ولذلك أعلنا قبول ملفات المرشحين لرئاسة الوزراء بالتوافق مع مجلس الدولة.

وقبل ذلك، دعا صالح حكومة الوحدة الوطنية إلى الخروج من السلطة، طوعاً أو كرهاً، والمثول أمام القضاء لاستخدامها القوة المفرطة على المتظاهرين السلميين، داعياً النواب إلى القيام بأدوارهم لتجنب حدوث فراغ في السلطة في المنطقة الغربية، مشيراً إلى أن الحكومة شرّعت وجود الميليشيات المسلحة الخارجة عن القانون ودعمتها بأموال الليبيين، وقامت بدمجها في أجهزة نظامية بدل تفكيكها، ثم خلقت صدامات بينها وسط مناطق السكان المكتظة في طرابلس. ويجد هذا الاتجاه دعماً واسعاً في الأوساط الشعبية وبين القوى السياسية الديمقراطية وفريق خالد المشري داخل مجلس الدولة، ويثير جدلاً واسعاً بين بعض الأطراف التي تبدي خشيتها من تكرار سيناريوهات الماضي بتشكيل سلطات جديدة دون ضمان النتائج الإيجابية التي تطمح إليها وفي قدمتها توحيد المؤسسات وتنظيم الانتخابات.

مراحل انتقال

ويمثل رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة، المسار الثاني، والذي أكد أول من أمس أن التمديد من خلال خلق مراحل انتقالية جديدة لا شرعية له، ولا يمثل إرادة الليبيين. وأكد خلال اجتماع عقده بديوان رئاسة الوزراء بطرابلس، مع النائب الأول، وعدد من أعضاء المجلس الأعلى للدولة، أن رؤية حكومته تقوم على إنهاء المراحل الانتقالية بالذهاب مباشرة نحو الانتخابات، معتبراً أن استفتاء الشعب الليبي على المسار المطلوب هو أداة مهمة لتجاوز ما وصفه التقاعس من قبل رئاسة مجلس النواب، وما ترتب عليها من تعطيل متعمد لمسار الانتخابات.

وأكد الدبيبة كذلك استمرار جهود الحكومة في إنهاء مظاهر التسلح خارج إطار الدولة، وتعزيز دور مؤسسات الجيش والشرطة الرسميين في حفظ الأمن والاستقرار، مشيراً إلى أن أهمية تضافر الجهود بين مختلف المؤسسات السياسية والأمنية لدعم هذا المسار، بما يرسخ سلطة الدولة ويحقق تطلعات المواطنين في الاستقرار والعدالة.

حل توافقي

وتمثل البعثة الأممية المسار الثالث ببحثها عن حل توافقي بين الفريقين الأساسيين في النزاع السياسي الليبي، فقد أكدت رئيسة البعثة، هانا تيتيه، على ضرورة اتباع مسار سياسي توافقي في أي خطوة لتشكيل حكومة جديدة، محذرة من مخاطر التحركات الأحادية الجانب التي قد تزيد الانقسام وتعقد فرص التوصل إلى حل شامل في البلاد. ترى تيتيه أن الحديث عن تشكيل حكومة جديدة يحتاج إلى مسار سياسي توافقي يفضي إلى رئيس وزراء تقبله جميع الأطراف، وأن أي طرف يريد تغيير الحكومة عليه أن يفكر في ما جرى الاتفاق عليه مسبقاً، في إشارة إلى الالتزامات القانونية والدستورية التي تشكل أساساً لشرعية أي سلطة تنفيذية جديدة.

وبحسب قولها، فإن محاولات مجلس النواب السابقة لتشكيل حكومة بديلة عن حكومة الوحدة الوطنية لم تحظ بقبول واسع، ما يدل على أن التحركات الأحادية لن تنجح، وفق تقديرها، وأن المشاورات الوطنية الشاملة هي السبيل الوحيد لبناء توافق جديد يحظى بدعم غالبية الليبيين.

وانطلاقاً من رؤيتها للمشهد العام، أكدت تيتيه أن المجتمع الدولي لا يزال يعترف بحكومة الوحدة الوطنية التي تقر بأنها تواجه مظاهرات ورفضاً من قبل المدنيين، لا سيما في طرابلس وغرب ليبيا. واعتبرت أن المضي في تغيير الحكومة من دون توافق أو شرعية سيؤدي إلى مزيد من الانقسامات، داعية جميع الأطراف الليبية إلى التحلي بالمسؤولية الوطنية وتغليب الحوار على التصعيد، لا سيما أن ليبيا ليست مستعدة لتنظيم انتخابات الآن، وفق تقديرها.

زر الذهاب إلى الأعلى