طهران تحت القصف والإنذارات… وإصابة مقر رئيسي لـ«الحرس الثوري»
الهجمات طالت طريقاً مؤدياً لمنشأة فوردو وسجن إيفين... وإيران ردت بصواريخ «خيبر» و«فتاح»... وتحذيرات من انتهاك القانون الدولي

كريترنيوز / لندن – طهران / متابعات
في اليوم الحادي عشر من الحرب المستعرة، شنت إسرائيل ضربات جوية استهدفت منشأة فوردو النووية، ووسعت نطاق هجماتها على طهران لتشمل أجزاء من سجن إيفين الشهير، إضافة إلى مقار قيادية وعسكرية لـ«الحرس الثوري» في أنحاء البلاد. وفي رد سريع، أطلقت إيران مجموعة من الصواريخ الباليستية باتجاه أهداف داخل إسرائيل، وذلك بعد يوم من قصف الولايات المتحدة مواقع نووية.
وجاء تبادل الضربات بينما انشغلت طهران بتداعيات الهجوم الأميركي على منشآت فوردو، ونطنز، ومفاعل أصفهان، بعد مرور أكثر من 24 ساعة على إسقاط قاذفات أميركية قنابل خارقة للتحصينات على مواقعها النووية تحت الأرض، بينما كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث علانية عن إمكان الإطاحة بالحكومة الإيرانية.
وقال رئيس هيئة الأركان الإيراني اللواء عبد الرحيم موسوي، الاثنين، إن الرد سيكون بشكل حازم. وأضاف أن الولايات المتحدة «أطلقت أيدي قواتنا لمهاجمة مصالحها وقواتها». وقال قائد الجيش الإيراني، أمير حاتمي: «في كل مرة ارتكب فيها الأميركيون جرائم ضد إيران تلقوا رداً حاسماً وسيتكرر الأمر هذه المرة».
وقال إبراهيم ذو الفقاري، المتحدث باسم مقر «خاتم الأنبياء» العسكري المركزي في إيران، إن على الولايات المتحدة أن تتوقع عواقب وخيمة على أفعالها. وأضاف باللغة الإنجليزية في نهاية بيان مصور مسجل: «سيد ترمب، المقامر، قد تبدأ هذه الحرب، لكننا من سينهيها».
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترمب بعد الغارات إن أي رد انتقامي من إيران ضد الولايات المتحدة سيقابل بقوة أكبر بكثير من تلك التي استخدمت في هجمات مطلع الأسبوع. وقال رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال دان كين، الأحد، إن الجيش الأميركي عزز حماية قواته في المنطقة، بما في ذلك العراق وسوريا.
ووافق البرلمان الإيراني على خطوة إغلاق مضيق هرمز الذي تشترك فيه إيران مع سلطنة عُمان والإمارات، لكن لم يتم اتخاذ قرار نهائي بعد. وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو «سيكون انتحاراً اقتصادياً لهم (للإيرانيين) إذا فعلوا ذلك. ولدينا خيارات للتعامل مع هذا الأمر».
ولمح الرئيس الأميركي، الأحد، إلى اهتمامه بتغيير النظام في إيران، رغم تأكيد عدد من مسؤولي إدارته سابقاً أن الضربات الأميركية على المواقع النووية الإيرانية لا تهدف إلى ذلك. وقال: «ليس من الصواب سياسياً استخدام مصطلح (تغيير النظام)، لكن إن لم يكن النظام الحالي قادراً على جعل إيران عظيمة مرة أخرى فلم لا يكون هناك تغيير للنظام؟».
وفي وقت لاحق، صرح متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية أن تغيير النظام في إيران «يعود للشعب الإيراني»، مؤكداً أن الحرب ستتواصل حتى تحقق إسرائيل أهدافها المرتبطة بالبرنامج النووي والصواريخ الباليستية الإيرانية.
ونسبت «رويترز» إلى خمسة مصادر مطلعة على مناقشات مكثفة لاختيار خليفة المرشد الإيراني على خامنئي (86 عاماً) إن أبرز مرشحين هما نجله مجتبى (56 عاماً) وحسن خميني (53 عاماً) حفيد المرشد المؤسس لنظام الحكم (الخميني). وأضافت المصادر أن حسن خميني، وهو حليف للإصلاحيين ويحظى باحترام غلاة المحافظين لكونه حفيداً لمؤسس الجمهورية الإيرانية، برز بوصفه مرشحاً جدياً لأنه يمكن أن يمثل خياراً أكثر توافقاً على الصعيدين الدولي والمحلي من مجتبى خامنئي.
غارات عنيفة
ونفذ سلاح الجو الإسرائيلي سلسلة غارات جوية مكثفة في العاصمة الإيرانية طهران. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر في الجيش بأنها «تعدّ هذه الهجمات الأكبر من نوعها التي تُنفذ في وضح النهار على العاصمة الإيرانية حتى الآن، حيث أُسقط أكثر من 100 قذيفة خلال ساعتين فقط».
واستهدفت الغارات عدة مواقع حساسة، من بينها منشآت حكومية ومقار تابعة لـ«الحرس الثوري»، ومكاتب لوزارة الأمن الداخلي وقوات «الباسيج». وفي هذا السياق، أُفيد بأن الجيش الإسرائيلي قصف طرق الوصول إلى منشأة «فوردو» لتخصيب اليورانيوم دون استهدافها مباشرة.
وأعلن المتحدث العسكري الإسرائيلي، الاثنين، أن سلاح الجو الإسرائيلي استهدف جميع القواعد التي أطلقت منها إيران صواريخ نحو إسرائيل، بما في ذلك مواقع لـ«الحرس الثوري» في طهران وكرمانشاه. وأعلن عن مهاجمة 6 مطارات وتدمير 16 طائرة حربية ومروحية.
وأكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس استهداف سجن إيفين في طهران، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي ضرب مقر قيادة «ثأر الله»، وحدة قوات النخبة في «الحرس الثوري»، المكلفة تأمين العاصمة في الأوقات المتأزمة، وغيرها من أجهزة الأمن الداخلي المسؤولة عن «الحفاظ على استقرار النظام».
وكتب كاتس على «إكس»: «ينفذ الجيش حالياً ضربة غير مسبوقة ضد أهداف تابعة للنظام وأجهزة القمع الحكومية في قلب طهران». وأضاف أن من بين الأهداف «سجن إيفين… ومقرات الأمن الداخلي لـ(الحرس الثوري)». ومن بين الأهداف التي استهدفتها إسرائيل، حسب كاتس، «مقر الباسيج (قوات التعبئة الشعبية)… وأهداف أخرى تابعة للنظام».
وأشار إلى تدمير ما يعرف بـ«ساعة محو إسرائيل» الموجودة في ساحة فلسطين، وسط طهران، واصفاً العملية بأنها «رسالة واضحة للنظام الإيراني».
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إيفي ديفرين، في بيان متلفز: «في هذه اللحظة، تكثف الطائرات الإسرائيلية الضربات في منطقة طهران، مستهدفة مقر الحرس الثوري، بالإضافة إلى جميع الأهداف التي تهدد دولة إسرائيل». وأعلن «الحرس الثوري» مقتل تسعة من عناصره على الأقل الأحد في هجمات إسرائيلية على مدينة يزد وسط إيران.
ويقع مقر قيادة «ثار الله» في المنطقة الثالثة في شمال غرب طهران، بجوار سجن إيفين الذي تستخدمه طهران لاحتجاز السجناء السياسيين والمعارضين للنظام الإيراني، بالإضافة إلى مدافعين عن حقوق الإنسان وصحافيين. ويعتقد أن إيران تحتجز 20 مواطناً أوروبياً، بهدف الضغط على الغرب. وبثت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية مقطعاً مصوراً يظهر أفراد إنقاذ وهم يحملون رجلاً مصاباً على محفة وسط حطام في سجن إيفين. وقالت وكالة «ميزان» المنصة الإعلامية للقضاء الإيراني إن إجراءات عاجلة يجري اتخاذها للحفاظ على صحة السجناء وسلامتهم.
وأظهر مقطع مصور نشره وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر على موقع «إكس» انفجاراً في مبنى يحمل لافتة تشير إلى أنه مدخل سجن إيفين شمال طهران، وعلق قائلاً باللغة الإسبانية «تحيا الحرية!».
وذكرت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» أن محطة تغذية كهرباء في حي إيفين تعرضت للقصف. وأفادت شركة توليد وتوزيع ونقل الكهرباء الإيرانية بانقطاع التيار في بعض مناطق العاصمة.
وتضاربت التقارير الإعلامية الإيرانية عن النطاق الكامل للضربات على طهران، المدينة التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة، والتي فر قاطنوها بعد قصف على مدى 10 أيام. وأفادت «إيسنا» الحكومية أن جامعة «بهشتي»، إحدى الجامعات الرئيسية في طهران، تعرضت أيضاً للقصف. ونفى مكتب العلاقات العامة بالجامعة ذلك.
وتشن إسرائيل منذ 13 يونيو (حزيران) غارات واسعة على المنشآت النووية والقواعد العسكرية الإيرانية، لكن قائمة الأهداف توسعت لتشمل هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمية الإيرانية وقوات الأمن الداخلي، ما يدفع إلى التفكير بأن إسرائيل تحاول إطاحة النظام.
وقال مسؤولون إيرانيون الأسبوع الماضي إن أكثر من 400 شخص، معظمهم من المدنيين، قتلوا في الهجمات الإسرائيلية. وقالت إسرائيل إن الصواريخ التي أطلقتها إيران رداً على ذلك أودت بحياة 24 شخصاً وأدت إلى إصابة مئات آخرين، وهي المرة الأولى التي يخترق فيها عدد كبير من الصواريخ الإيرانية الدفاعات الإسرائيلية.
وقالت بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق، الاثنين، إن بعض القصف الإسرائيلي على إيران ربما انتهك القانون الإنساني الدولي، مشيرة إلى مقتل مدنيين في مبنى سكني وثلاثة من موظفي الإغاثة في العاصمة طهران، حسبما أوردت «رويترز».
تصاعد الدخان في محيط مقر الإذاعة والتلفزيون الإيراني (تلغرام)
تصاعد الدخان في محيط مقر الإذاعة والتلفزيون الإيراني (تلغرام)
وأوضحت: «بجانب ما ورد من تقارير عن عدم وجود إنذار مسبق فعال من جانب إسرائيل مما قد يؤثر على قدرة السكان على الوصول إلى بر الأمان، يثير هذا مخاوف جدية بشأن مبادئ التناسب والتمييز والحيطة المنصوص عليها في القانون الإنساني الدولي». وذكرت البعثة أن الملايين فروا من طهران حتى الآن، وأن نقص أنظمة الإنذار والملاجئ الكافية والقيود المفروضة على الإنترنت زاد من المخاطر.
وذكرت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» أن محطة تغذية كهرباء في حي إيفين تعرضت للقصف. وأفادت شركة توليد وتوزيع ونقل الكهرباء الإيرانية بانقطاع التيار في بعض مناطق العاصمة.
وأعلن الدفاع الجوي الإيراني أنه تمكن من تدمير أكثر من 130 طائرة مُسيرة في مناطق متفرقة من البلاد منذ اندلاع المواجهات مع إسرائيل قبل أكثر من عشرة أيام. وأعلنت إدارة الاستخبارات في محافظة بوشهر عن اكتشاف عدد كبير من الطائرات المسيّرة الصغيرة المستخدمة في أعمال تخريب. كما ادعى «الحرس الثوري» إسقاط مقاتلة إسرائيلية في أجواء تبريز بصاروخ من منظومة دفاع جوي متكاملة، وتحدث أيضاً عن إسقاط طائرة مسيّرة إسرائيلية من طراز «هرمس» في محافظة مركزي، قبل تنفيذها هجوماً.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين، انطلاق ثلاث دفعات من الصواريخ الإيرانية نحو الأراضي الإسرائيلية، مضيفاً أن أكثر من 50 مقاتلة هاجمت مراكز قيادة عسكرية ومواقع لإنتاج الصواريخ والرادارات في طهران.
وقال كاتس: «سيعاقب الديكتاتور الإيراني بشدة على كل صاروخ يطلق على الجبهة الداخلية في إسرائيل، سنواصل الهجمات بكل قوة».
ووصفت إيران هجومها يوم الاثنين بأنه موجة جديدة من عملية «الوعد الصادق 3»، وقالت إنها استهدفت مدينتي حيفا وتل أبيب، حسبما أفاد التلفزيون الرسمي الإيراني. وأوضح «الحرس الثوري» أنه «استخدم صواريخ (فتاح 1)»، مؤكداً أن القوات الإيرانية اكتسبت «سيطرة كاملة على أجواء الأراضي المحتلة»، متحدثاً عن إطلاق صاروخ «خيبر» متعدد الرؤوس لأول مرة في الهجوم على إسرائيل.
وفي وقت سابق، قال التلفزيون إن القوات المسلحة الإيرانية استخدمت في هجماتها اليوم على إسرائيل صواريخ «خيبر شكن» و«عماد» و«قدر» و«فتاح 1».
وجاء في بيان «الحرس الثوري» أن العمليات ستتواصل بتكتيكات متطورة، مستهدفة نقاط ضعف منظومات الدفاع الجوي، وأن الهجمات الجوية عبر الطائرات المسيّرة لن تتوقف على مدار اليوم، ما يُجبر الاحتلال على البقاء في حالة تأهب دائم.
وسُمعت انفجارات في القدس، يُرجّح أنها ناجمة عن أنظمة الدفاع الجوي، بينما قالت خدمة الإنقاذ الإسرائيلية «نجمة داوود الحمراء» إنه لم ترد تقارير عن إصابات
وفي تطور منفصل، أعلنت وكالة «تسنيم» الإيرانية إعدام محمد أمين شايسته، المتهم بالعمل لصالح الموساد الإسرائيلي، واصفة إياه بـ«زعيم فريق أمن إلكتروني متعاون مع الموساد».