
كريترنيوز/ متابعات /أمجد اعرار
هل نجحت الضربات الأمريكية الثقيلة في إنهاء البرنامج النووي الإيراني تماماً أم أدت إلى تأخيره فحسب؟
لم تمر سوى بضعة أيام على تلك الضربات، لكن الموضوع الذي بات يشغل العالم ينطوي على تناقض حاد في التقييم، من دون أن يخلو الأمر من خلفيات سياسية، وربما شخصية، جعل تقييم ما حدث تحت جبل من الغموض والانتظار.
يأتي التناقض في التقييمات غداة الكشف عن معلومات استخبارية سرية أمريكية، دعمتها تقييمات للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أثارت شكوكاً حول فعالية الضربات، التي نفذتها الولايات المتحدة ليل السبت – الأحد على ثلاثة مواقع نووية رئيسية في إيران، هي فوردو ونطنز وأصفهان.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يكرر بأن البرنامج النووي الإيراني تراجع عقوداً إلى الوراء، وأن الضربات التي نفذتها القاذفات الاستراتيجية ألحقت «دماراً شاملاً» بالمواقع المستهدفة.
و«لن يصنعوا قنابل لوقت طويل». ويشبه ترامب تأثير القصف الجوي الأمريكي للمواقع النووية الإيرانية بنهاية الحرب العالمية الثانية، مشيراً إلى أن الأضرار جسيمة.
ليست قاطعة
وقال ترامب للصحافيين خلال اجتماع مع الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، قبل قمة في لاهاي أمس، «معلومات المخابرات… ليست قاطعة تماماً».
كان ترامب يجلس بجوار وزيري الخارجية، ماركو روبيو، والدفاع، بيت هيغسيث، اللذين شككا أيضاً في مصداقية تقييم وكالة مخابرات الدفاع. وقال هيغسيث «عند التدقيق في التقرير، وهو بالمناسبة تقرير سري للغاية، فهو تقرير أولي، ونسبة الثقة فيه ضعيفة.. هناك دافع سياسي هنا».
وأضاف، إن مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) يحقق في تسريب محتمل، مشيراً إلى أن المسؤولين عن نشر التقرير أساؤوا تفسيره، وقال «هذه هي اللعبة التي يلعبونها».
وانتقد الرجال الثلاثة التقارير الإعلامية بشأن تقييمات المخابرات.
وقال روبيو، إن إيران أصبحت «أبعد بكثير عن امتلاك سلاح نووي» بعد الضربة الأمريكية. وأضاف «هذا هو أهم شيء يجب إدراكه، لحقت أضرار جسيمة، جسيمة جداً، بمجموعة متنوعة من المكونات المختلفة، ونتلقى المزيد من المعلومات عنها».
وكانت شبكة «سي إن إن» أول من كشف عن هذا التقييم الاستخباراتي الثلاثاء، وكتب ترامب عبر منصة «تروث سوشيال»: «شبكة «سي إن إن» الكاذبة، بالتعاون مع صحيفة «نيويورك تايمز» الفاشلة تضافرت جهودهما لتشويه سمعة إحدى أنجح الضربات العسكرية في التاريخ.
المواقع النووية في إيران مدمرة بالكامل!». جاءت تعليقات ترامب وأركان إدارته في أعقاب تقارير نشرتها وسائل إعلام كشفت أن وكالة مخابرات الدفاع الأمريكية «DIA» قدرت أن الضربات عطلت البرنامج النووي الإيراني بضعة أشهر فقط.
ووفقاً لتقارير إعلامية أمريكية استناداً إلى تقييم سري للبنتاغون، فإن الضربات الأمريكية أرجأت البرنامج النووي الإيراني لبضعة أشهر فقط.
وخلص تقرير استخباري أولي سرّي أوردته وسائل إعلام نقلاً عن أشخاص مطلعين، إلى أن الضربات الأمريكية لم تدمّر بالكامل أجهزة الطرد المركزي أو مخزون اليورانيوم المخصّب، خصوصاً في منشأة فوردو المحفورة في جوف الجبال.
ووفق التقرير، أغلقت الضربات مداخل بعض من المنشآت من دون تدمير المباني المقامة تحت الأرض، وبالتالي أعادت برنامج طهران النووي بضعة أشهر فقط إلى الوراء ولم تدمّره.
وفي تقييمه للنتائج، خلص مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، أمس، إلى أن إيران لديها القدرة على إعادة بناء منشآتها النووية.
يقول غروسي، إن «الخبرة الفنية موجودة والقدرة الصناعية موجودة، ولا يمكن لأحد أن ينكر ذلك»، لافتاً إلى أن أجزاء من البنية التحتية النووية الإيرانية نجت من الهجمات.
«ضربة موجعة»
في إسرائيل، أشار المتحدث باسم الجيش ايفي ديفرين إلى أن البرنامج النووي الإيراني تعرض لـ«ضربة موجعة»، لكنه قال، إن «من المبكر تقييم نتائج العملية».
بينما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أشاد بتحقيق «انتصار تاريخي»، قائلاً، إن الضربات الجوية الإسرائيلية والأمريكية «أحبطت مشروع إيران النووي»، مضيفاً «لن تحصل إيران أبداً على سلاح نووي».
ويعتقد خبراء أن إيران قد تكون نقلت مواد نووية من المواقع المتضررة، وتؤكد طهران أنها لا تزال تمتلك مخزوناً من اليورانيوم المخصب. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، إن منشآت نووية تعرضت «لأضرار بالغة»، لكنه لم يحدد مدى هذه الأضرار، وتأثيرها الزمني على البرنامج النووي.
ومن خارج الدائرة المباشرة، قال يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للشؤون الخارجية الأربعاء، إن الولايات المتحدة وإيران تختلفان بشأن حجم الأضرار، التي ألحقتها الضربات الجوية الأمريكية بالمنشآت النووية الإيرانية.
وأضاف أوشاكوف «الجهة التي نفذت الضربات تعتقد أن أضراراً جسيمة وقعت، والجهة التي تلقت هذه الضربات تعتقد أن كل شيء كان معداً مسبقاً، وأن هذه المنشآت لم تتضرر بشدة».
في المحصلة، سيحتاج المهتمون لبعض الوقت حتى «يذوب الثلج»، إذ إن الجدل محكوم باعتبارات سياسية تحاول منع جهات الاختصاص من التأثير على «منجزات» مسجلة أو مدّعاة في خضم حرب تداخل فيها الأبعاد الشخصية والحزبية والقومية، حتى لو كانت القضية على مستوى كبير من الخطورة.