ديون الأسواق الناشئة.. مكاسب تاريخية بدعم المشككين في الدولار

كريترنيوز/ متابعات /بلومبيرغ/دبي
دفعت تقلبات السياسات في الولايات المتحدة الأمريكية مديري صناديق الاستثمار إلى البحث عن بدائل في أنحاء العالم، ما أسهم في تحقيق السندات المحلية في دول الأسواق الناشئة أفضل أداء لها في النصف الأول من العام منذ 16 عاماً.
الارتفاع في الطلب على أصول الدخل الثابت بالعملات المحلية للأسواق الناشئة جاء إلى حد كبير كرد فعل لتراجع الثقة في الدولار الأمريكي، الذي نزل بنحو 11% منذ بداية العام الحالي.
وذلك لأسباب من بينها الحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وسعيه لخفض الضرائب رغم تفاقم العجز في الميزانية.
وسجلت العملة الأمريكية أسوأ أداء منذ سبعينيات القرن الماضي بعدما تكبدت خسائر واسعة النطاق، إذ تراجعت أمام 19 من بين أكثر 23 عملة ناشئة تداولاً، وبنسبة تجاوزت 10%.
النتيجة كانت أن مؤشر السندات المحلية في الأسواق الناشئة حقق عوائد تفوق 12% في النصف الأول من العام الجاري، وفق بيانات «بلومبيرغ»، متفوقاً على السندات المقومة بالعملات الصعبة التي سجلت ارتفاعاً 5.4% فقط في الفترة ذاتها.
تُعد مكاسب النصف الأول من العام هذه الأقوى منذ 2009 على الأقل.
قال إدويـن غوتييريز، رئيس ديون الأسواق الناشئة السيادية لدى «أبردين غروب»: «لا أظن أن أحداً كان يتوقع ضعفاً بهذا القدر الكبير للدولار الأمريكي.
كنا نتوقع أن تتفوق السندات بالعملات المحلية على تلك بالعملات الصعبة، لكن ليس بهذا الفارق الضخم».
تشهد صناديق ديون الأسواق الناشئة تدفقات مالية غير مسبوقة، إذ استقطبت أكثر من 21 مليار دولار منذ بداية العام الجاري، بحسب ما ذكره «بنك أوف أمريكا»، نقلاً عن بيانات «إي بي إف أر غلوبال».
جذبت هذه الصناديق تدفقات إيجابية على مدى 11 أسبوعاً متتالياً، من ضمنها 3.1 مليار دولار في الأسبوع المنتهي في 2 يوليو.
تخفيض الفائدة
من العوامل الداعمة الأخرى احتمال قيام البنوك المركزية في الدول الناشئة بخفض أسعار الفائدة، بحسب لويس جونز، مدير إدارة الديون لدى «ويليام بلير إنفستمنت مانجمنت» في نيويورك.
وقال: «نتوقع أن يكون هناك مجال أكبر أمام البنوك المركزية الناشئة لخفض الفائدة، وأن يستمر اتجاه ضعف الدولار الأمريكي أمام اليورو».
وقدمت اقتصادات أمريكا اللاتينية بعضاً من أفضل العوائد للمستثمرين، إذ حققت السندات المحلية المكسيكية المعروفة باسم «إم بونوس» مكاسب 22%، فيما تجاوزت عوائد بعض سندات البرازيل الحكومية 29%.
تعافت السندات البرازيلية بعد موجة هبوط كبيرة أواخر العام الماضي، إذ راهن المضاربون على أن دورة رفع أسعار الفائدة انتهت هناك.
وقالت أدرينا كريستيا، مديرة الاستثمارات الأولية لدى «بيكتت أسيت مانجمنت»: «ما زلنا مستثمرين في سندات «إم بونوس» المكسيكية، فهذه الصفقة لم تنته بعد بالنسبة لنا»، مشيرة إلى أن الشركة تحتفظ بمراكز استثمارية في السندات المحلية عبر مناطق متعددة في الأسواق الناشئة، من أمريكا اللاتينية إلى أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا.
إصدارات الديون
ربما تؤدي التحسنات في أساسيات الاقتصاد الكلي في بعض الأسواق الناشئة إلى دخول جهات إصدار جديدة إلى السوق.
على سبيل المثال، تخطط غانا، أكبر منتج للذهب في أفريقيا، لاستئناف مبيعات السندات المحلية في وقت لاحق من 2025، بعد انخفاض تكاليف الاقتراض قصيرة الأجل إلى أدنى مستوياتها في 3 سنوات.
كما أن تراجع التوترات بين إسرائيل وإيران يعزز بدوره جاذبية الاستثمار في ديون الأسواق الناشئة المقومة بالعملات المحلية.
ورغم هذا الارتفاع القوي، لا يرى غوتييريز من «أبردين» أنه حان وقت جني الأرباح من السندات المحلية في الأسواق الناشئة.
أوضح أن أبرز المراكز التي تتمتع بوزن زائد في محفظة شركته حالياً تشمل كولومبيا والفلبين وجنوب أفريقيا.
وعلى نطاق أوسع، يُفضّل المستثمرون حالياً أسواق البرازيل وجنوب أفريقيا وتركيا، بحسب مذكرة للعملاء كتبها ديفيد هاونر، رئيس استراتيجية الدخل الثابت في الأسواق الناشئة العالمية لدى «بنك أوف أمريكا»، بتاريخ 3 يوليو الحالي، استناداً إلى آراء العملاء.
وقال براد غودفري، الشريك في إدارة ديون الأسواق الناشئة لدى «مورغان ستانلي»: «سيكون ذلك مساراً يمتد لعدة سنوات لإعادة النظر في حجم الانكشاف على أصول الولايات المتحدة الأمريكية.
سيكون بمثابة عملية إعادة تعلم لبعض المستثمرين الذين لم يتعاملوا مع السندات المحلية منذ فترة طويلة»