عربية

الضفة تشتعل قبل إخماد نيران القطاع

كريترنيوز/ متابعات /البيان/محمد الرنتيسي

استؤنفت، تعطلت، تدهورت.. إنها مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، التي بدت الضفة الغربية وكأنها تُضبط على توقيتها، لمعرفة مآلات لعبة الحرب والسلم، بين الفلسطينيين وإسرائيل، في ضوء الأخذ والرد في حرب غزة، والمد والجزر في أحداث الضفة.
وفي ظل المناخ المتوتر، الذي يستحضر حرباً لم تنتهِ في غزة، ويخشى أن تستمر باندفاعة أكثر قسوة، استبدت الحيرة بأهالي الضفة الغربية، وهم يفكرون بمصيرهم، خصوصاً في ظل موجة الاقتحامات وهدم المنازل التي ينفذها الجيش الإسرائيلي، بينما مظاهر الفواجع بمن سقطوا برصاص المستوطنين، لم تُمح بعد من ذاكرتهم.

مخيمات شمال الضفة الغربية، والمقصود هنا جنين وطولكرم، وبدرجة أقل بلاطة وعسكر قرب نابلس، بدت أكثر تحوطاً من تكرار سيناريوهات غزة المدمرة، والتي لم ترحم لا البشر ولا الحجر، إذ ثمة موجات نزوح صامت تشق طريقها، ومخيمات أشباح بدأت ترتسم، مع استمرار أوامر الإخلاء والهدم.. بينما في سائر أرجاء الضفة تستمر اعتداءات المستوطنين، وما زالت سهول القمح في ترمسعيا شمال رام الله، ومنازل جاراتها كفر مالك والمغير وسنجل شاهدة على ما يجري، ويمكن أن يتصاعد في أي لحظة، مع تزايد اندفاعة جديدة في هذه الاعتداءات.
قرى ومخيمات فلسطينية كثيرة، أنهكها الخوف، على وقع تهديد دائم وخطر داهم أخذ يلاحق أهلها، مع توسيع دائرة المداهمات والاعتداءات وتعالي نبرة قادة ووزراء في إسرائيل بتكرار كل الأساليب التهجيرية المجربة في غزة، وتسارع وتيرة التدمير وتشديد الخناق على الضفة الغربية، تمهيداً لضمها.
وتقبض إسرائيل على مجريات الأوضاع في الضفة الغربية، وفي المقابل ترسم خطوطاً حمراً في القطاع المنكوب، تقف وعين لها على مفاوضات التهدئة في الدوحة، وأخرى على كرة النار التي تدحرجت سريعاً من خان يونس وبيت حانون، إلى طولكرم وبروقين شمالاً، وحلحول جنوباً، التي تسلمت شعلة الاجتياحات والحصار، في الأيام الأخيرة.
مضامين سيطرة
ويصف مراقبون، ما يجري في الضفة الغربية، بأنه ترجمة إسرائيلية لمضامين السيطرة والضم، وفرض الهيمنة، إذ حجز الجيش الإسرائيلي بالنار رقعة لعملياته، بينما في قطاع غزة هناك ما يشي بخطوط حمر ترتسم حول مصير مفاوضات التهدئة، التي ما زالت تترنح على وقع خلافات تنشب بين الحين والآخر.
ووفق الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، يعيش الفلسطينيون في الضفة الغربية في محيط المواجهة مع إسرائيل، منذ بدء الحرب على غزة، لكنهم يركبون اليوم بحر التصعيد، في الوقت الذي تجري فيه مفاوضات التهدئة في الدوحة، في تناقضات تؤشر على مستقبل من الغموض.
وأضاف المصري: في هذه المرحلة المفصلية من حرب غزة، يظهر عامل الضفة الغربية، التي تؤثر فيها عناصر إسرائيلية إضافية، إضافة إلى تلك تضرب في غزة، ممثلة بالمستوطنين، بينما تميل المواجهة في قطاع غزة إلى تسوية سياسية، تبدو الضفة الغربية مشتعلة، ما ينبئ عن جمر تحت الرماد.

ولم يكن عابراً إظهار عرض القوة العسكرية في الضفة الغربية بالآليات الحربية الثقيلة، الأمر الذي يقرأ فيه مراقبون، اهتزازاً آخر على الأرض الفلسطينية، ورسائل بالنار للأهداف الإسرائيلية العميقة، وقوامها: إسرائيل فقط، هي التي تضبط لوحة السيطرة والتحكم، فلا حماس في غزة، ولا سلطة في الضفة.

زر الذهاب إلى الأعلى