دولية

ترامب في أوكرانيا.. أمريكا تسلّح وأوروبا تدفع

لا تناقض بين الدعوة لوقف الحرب ودعمها

كريترنيوز/ متابعات /أمجد عرار/دبي

كثيراً ما تحدث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن حرب أوكرانيا. خلال عهد الرئيس السابق جو بايدن، كان ترامب حين يريد أن ينتقده يقول: ما كان لحرب أوكرانيا أن تحدث لو كنت رئيساً. وردد كثيراً القول إنه قادر على وقف الحرب خلال 24 ساعة، مكرراً انتقاده لتوريد الأسلحة إلى أوكرانيا.
وعندما عاد للبيت الأبيض، أبدى حماسة لفتح قنوات حوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ثم بين موسكو وكييف. لكنه مع تعقيدات التفاوض، بدا متذبذباً بشأن دعم أوكرانيا، وبعدما كان في مواقف سابقة يرفض التمويل الأمريكي لأوكرانيا، بدعوى أن الحرب «خاسرة ومكلفة»، سرعان ما أعلن عن اتفاق مع حلفاء الناتو لتسليح كييف بأسلحة متطورة.
كالباتريوت، على أن يتحمّلوا هم التكلفة بالكامل. بعض العارفين بسياسات ترامب، لا يرون تناقضاً في موقفيه المتمثّلين بوقف التمويل والتسليح، وزيادتهما، بل استراتيجية تجمع بين السياسة والصفقات التجارية.

الربح والخسارة
في تصريحات سابقة، وصف ترامب إنفاق المال الأمريكي لدعم أوكرانيا بأنه «غير ضروري»، باعتبار أن الحرب ضد روسيا «خاسرة». أما في 14 يوليو، فتحدث عن صفقة لتسليح أوكرانيا، عبر الحلفاء في «الناتو»، لكن من دون أن تدفع أمريكا شيئاً، بل تأخذ ثمن السلاح من الأوروبيين.
الصفقة التي أعلن عنها ترامب لأوكرانيا، تتضمن تسليم بطاريات صواريخ باتريوت من مخازن أمريكا إلى أوكرانيا، لكن بتمويل كامل من دول الناتو. ألمانيا وفنلندا والدانمارك والسويد والنرويج والمملكة المتحدة وهولندا وكندا، استجابت بحماسة متفاوتة لتوجه ترامب، وأعلنت نيتها المشاركة في دعم أوكرانيا، من خلال الشراء من الولايات المتحدة.
ترامب ذهب أبعد من ذلك (تجارياً)، حين قال إنه كان ينبغي على أوروبا أن تبدأ في دفع ثمن الأسلحة الأمريكية المخصصة لكييف قبل ثلاث سنوات، متحدثاً عن إبرام اتفاقية للتو مع الاتحاد الأوروبي «سيدفع الاتحاد بموجبها للولايات المتحدة 100 % من ثمن جميع المعدات العسكرية. وسيتم إرسالها إلى الاتحاد الأوروبي، ثم يوزعونها، وسيذهب معظمها إلى أوكرانيا».
وبأسلوب رجل الأعمال النشيط، قال ترامب: «ما حدث كان مذهلاً حقاً. وافقوا على زيادة الإنفاق الدفاعي من 2 % إلى 5% (من الناتج المحلي الإجمالي)… هذا فرق كبير. تريليونات الدولارات». هذه التريليونات ستضاف إلى الخزينة الأمريكية.
صفقة رابحة
يرى محللون أن ما يقوم به ترامب لا يخرج عن أسلوبه المعروف، والمتمثّل في تحويل السياسة إلى «بزنس». ففي كلا الموقفين، وقف التمويل والتسليح الممول من أوروبا، يظهر ترامب كمستثمر ماهر وذكي.
حيث إنه من خلال وقف التمويل، يقلّص النفقات في حرب لا يرى فيها روسيا خاسرة عسكرياً أو اقتصادياً. ومن خلال صفقة سلاح يمولها الحلفاء، يربح أموالاً مقابل الأسلحة، حيث تتحمل دول الناتو التكلفة.

يعتقد ديمتري سوسلوف نائب مدير الأبحاث في المجلس الروسي للسياسة الخارجية والدفاعية، أنه «إذا قرر ترامب تمويل الإمدادات العسكرية من ميزانية بايدن، التي لا يزال يتبقى منها أقل بقليل من 4 مليارات دولار، فلن يقوم بخصخصة هذه الحرب، أما إذا طلب من الكونغرس ميزانية جديدة لدعم أوكرانيا، فهذا يعني أن حرب بايدن تحولت إلى حرب ترامب.
وهذا سيكون كارثة سياسية في الواقع، وهزيمة سياسية لترامب، لأنه سيزيد من استعداء قاعدته الجمهورية الضخمة، التي هي ضد الانجرار إلى حروب غير ضرورية».

إذن، ترامب لا يتناقض، فهو يتصرف كـ «رجل أعمال» يقرأ السوق، وفي حرب أوكرانيا يتصرف بأسلوب المنشار (يأكل ذهاباً وإياباً)، فإما أن يوقف الدعم، وبالتالي يوفر الأموال، أو يحوّل الدعم إلى صفقة، إذ يدفع الأوروبيون، وتربح المصانع الأمريكية من إنتاج الأسلحة. والنتيجة واحدة.. جنود تُسلّح، مصانع تبيع، وحسابات تربح، ليضاف كل ذلك إلى رفع التعرفة الجمركية على دول العالم في كل اتجاه.

زر الذهاب إلى الأعلى