ما هي خطة ترامب لقيادة الذكاء الاصطناعي؟

كريترنيوز /متابعات /وائل زكير
في خطوة لافتة تحمل أبعادًا استراتيجية بعيدة المدى، أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا خطة وطنية تحت عنوان “الفوز في سباق الذكاء الاصطناعي: خطة عمل الذكاء الاصطناعي الأمريكية”، تستهدف تثبيت الريادة الأمريكية عالميًا في ميدان الذكاء الاصطناعي. وبينما تمثل الخطة نقلة في نهج الحكومة الفيدرالية، فإنها في الوقت نفسه تفرض على مجالس إدارة الشركات مواجهة مسارين متوازيين: الاستفادة من الانفتاح التنظيمي، وتحمّل مسؤولية الحوكمة الذاتية.
تعتمد الخطة على تسريع الابتكار من خلال تخفيف القيود التنظيمية، وتعزيز البنية التحتية الرقمية، وتكثيف الجهود لحماية التكنولوجيا الأميركية من التهديدات الخارجية. وبينما تفتح هذه الاستراتيجية الباب واسعاً أمام القطاعين العام والخاص للابتكار، فإنها في الوقت ذاته تفرض مسؤولية أكبر على الشركات في إدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي وضمان التزامه بالقيم المجتمعية.
ملامح الخطة: تحرير الذكاء الاصطناعي من القيود
تتضمن الخطة أكثر من 90 إجراءً فيدراليًا ضمن ثلاث ركائز محورية:
تسريع الابتكار: عبر إزالة القيود التنظيمية التي تُعيق تطوير الذكاء الاصطناعي، وتسهيل تبني القطاعين العام والخاص لهذه التكنولوجيا.
بناء بنية تحتية وطنية متقدمة: تشمل تسريع إنشاء مراكز بيانات، وتحديث شبكات الطاقة والمعلومات لدعم قدرات الحوسبة العالية.
الريادة في الدبلوماسية والأمن الدوليين: من خلال تعزيز التصدير التقني، والتحكم في تدفقات المعرفة والبيانات، وحماية التكنولوجيا الأمريكية من الاستغلال الأجنبي أو التحزّب الأيديولوجي.
تؤكد الخطة على ضرورة أن تكون أدوات الذكاء الاصطناعي محايدة وغير متحيزة سياسيًا، وتركّز على “الصدق والحياد”، كما تمنع الحكومة الفيدرالية من شراء نظم يُنظر إليها على أنها ذات توجهات أيديولوجية معينة، وفقا لـ ” فوربس”.
ثلاثة أوامر تنفيذية
وضمن سياق تنفيذ خطة الذكاء الاصطناعي الأمريكية، وقّع ترامب على ثلاثة أوامر تنفيذية جوهرية تُرسّخ توجّه الإدارة نحو تسريع الابتكار والحد من التدخلات التنظيمية:
الأمر الأول: يحظر على المؤسسات الفيدرالية شراء أدوات ذكاء اصطناعي يُشتبه في تحيزها السياسي، في محاولة لضمان حياد الخوارزميات المستخدمة حكوميًا.
الأمر الثاني: يعجّل من وتيرة تطوير البنية التحتية الخاصة بالذكاء الاصطناعي، من خلال إزالة العقبات البيروقراطية وتسريع التصاريح.
الأمر الثالث: يفرض رقابة مشددة على صادرات تقنيات الذكاء الاصطناعي الأمريكية، بهدف حماية الأمن القومي والتفوق التكنولوجي.
وبحسب “فوربس” فإنه من المرجح أن تتفاعل مجالس إدارة الشركات مع خطة الذكاء الاصطناعي عبر مسارين متوازيين، يمثل كل منهما خيارًا استراتيجيًا له تبعاته:
المسار الأول: الاستفادة من الخطة وتكييف الاستراتيجية المؤسسية
في هذا السيناريو، من المتوقع أن تخوض مجالس الإدارة حوارات معمقة مع الفرق التنفيذية لفهم تأثيرات الخطة على مسار الشركة التقني.
هذه المناقشات قد تشمل: استكشاف الفرص التي تتيحها الخطة لتوسيع تبني الذكاء الاصطناعي داخل المؤسسة، وتطوير أدوات وآليات رقابية داخلية لمتابعة مدى التزام عمليات الذكاء الاصطناعي بأهداف الكفاءة والمسؤولية، وتوجيه الاستثمارات نحو نماذج ذكاء اصطناعي تتماشى مع المبادئ الفيدرالية الجديدة للشفافية والحياد.
المسار الثاني: تحمّل عبء الحوكمة في ظل غياب التنظيم
المسار الأكثر تعقيدًا يكمن في إدراك أن تخفيف القيود الفيدرالية قد يُعرّض الشركات لمخاطر أكبر على مستوى السمعة والمسؤولية القانونية، خاصةً إذا ظهرت نتائج سلبية لاستخدام الذكاء الاصطناعي.
في المحصلة، نجاح هذه الخطة لا يعتمد فقط على قوة الحكومة في صياغة المبادئ، بل على قدرة المؤسسات الخاصة في ترجمة تلك المبادئ إلى واقع فعّال دون التفريط بالمسؤولية المجتمعية.