سقطرى .. جزيرة تواجه الغياب الحكومي وتتّكئ على يد إنسانية لا تخذل

تقرير / أسماء العليمي
في أقصى الجنوب ، وبين أمواج المحيط الهندي ورياحه الموسمية العنيفة ، تقف جزيرة سقطرى على هامش المشهد الرسمي ، تعاني من غياب الدولة ، وتواجه تحديات كبيرة في أبسط مقومات الحياة.
ورغم العزلة الجغرافية والظروف المناخية القاسية ، ظل أهل سقطرى صامدين ، يواجهون واقعًا صعبًا بموارد محدودة ، حتى برز في المشهد اسمٌ إنسانيّ أصبح ، مع الوقت ، ملاذًا للجزيرة في الأزمات : مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية.
•غياب الدولة وتردّي الخدمات
يعاني أرخبيل سقطرى من غياب واضح لمؤسسات الدولة ، خاصة في الجوانب الخدمية والتنموية .. فلا وجود فعّال للجهات الرقابية ، ولا حلول ملموسة لمشكلات الحياة اليومية.
فيما يشكو المواطنون من ارتفاع الأسعار دون رقيب ، وضعف البنية الاقتصادية ، وندرة فرص العمل ، مما دفع كثيرًا من الشباب إلى البطالة والهجرة بحثًا عن مصدر دخل .
•الرياح الموسمية تعمّق العزلة
تزداد معاناة السكان كل عام مع حلول فصل الرياح الموسمية ، الذي يعزل الجزيرة كليًا عن العالم الخارجي ..
وتتوقف الحركة التجارية بشكل شبه كامل ، فترتفع الأسعار ، وتُفقد الكثير من السلع ، ويزداد الضغط على الخدمات الضعيفة ،
وفي ظل هذه الظروف ، يجد المواطن السقطري نفسه في مواجهة العزلة، بلا دعم حقيقي من الدولة أو حلول مستدامة.
•ضعف التوظيف وغياب التعزيز المؤسسي
يشكو أبناء سقطرى من ضعف كبير في التوظيف الرسمي ، وانعدام التعزيز الوظيفي في معظم القطاعات الحكومية.. المدارس والمراكز الصحية والمكاتب الإدارية تعمل بأدنى طاقتها ، في ظل نقص الكوادر وغياب الدعم التشغيلي ..
ولولا المبادرات الفردية والتكافل الاجتماعي ، لكانت كثير من الخدمات قد توقفت تمامًا
•مؤسسة خليفة.. حضور إنساني يملأ فراغ الغياب
في ظل هذا الغياب المؤسسي ، برزت مؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية كفاعل رئيسي في حياة السقطريين ، مقدّمة يد العون في أصعب اللحظات.
فقد وفّرت الكهرباء في مناطق عديدة من الأرخبيل ، وأسهمت في تحسين البنية التحتية ، من خلال مشاريع رصف الطرق ، وتأهيل المرافق ، ودعم القطاعات الخدمية.
ولم تكتفِ المؤسسة بالدعم الخدمي فقط ، بل فتحت أبواب التوظيف أمام المئات من أبناء سقطرى ، في قطاعات النقل ، والصحة ، والتعليم ، والمياه وغيرها ، ما أعاد الأمل لشباب الجزيرة في حياة كريمة داخل أرضهم.
•السقطريون : لا ننسى من كان سندًا وقت الشدة
يؤكد كثير من أبناء سقطرى أن ما قدمته مؤسسة خليفة خلال السنوات الأخيرة لم يكن مجرد دعم طارئ ، بل سند حقيقي في وقت المحن ، وبديل مؤقت لغياب الدولة.
“ في الوقت الذي أغلقت فيه الأبواب ، كانت المؤسسة تمدّ يدها ” يقول أحد السكان مضيفًا : ” يبقى التواجد الإنساني لدولة الإمارات العربية المتحدة شعاع أمل لا ينكر ، وسندا حاضرا في لحظات العجز ، تمد يدها بالعون والدعم حين تغلق الأبواب ، وتؤكد بأفعالها أن سقطرى ليست وحدها ”
•خاتمة : بين الغياب الرسمي والحضور الإنساني
بين معاناة الواقع وقسوة الجغرافيا ، تواصل سقطرى صمودها ، مستندة على عزيمة أهلها ، وعلى مبادرات إنسانية خفّفت عنها الكثير من الأعباء.
وفيما تبقى مؤسسة خليفة للأعمال الإنسانية نقطة ضوء بارزة في مشهد يغلبه الغياب ، تبقى المسؤولية الكبرى على عاتق الدولة ، التي يجب أن تعود إلى هذه الأرض البعيدة ، لا بالشعارات ، بل بالفعل والاهتمام والخطط الواقعية.