تقارير وحوارات

حكم الحوثيين بإعدام نجل عفاش (أحمد).. مراقبون: عملية استباقية لمنع عودته إلى صدارة المشهد في اليمن

كريترنيوز / تقرير

أصدرت المحكمة العسكرية المركزية في العاصمة اليمنية صنعاء، يوم 31 يوليو 2025، حكمها في القضية المنظورة رقم 27 لسنة 2023م، بحق نجل الرئيس اليمني الراحل أحمد علي عبد الله صالح عفاش. وقضى الحكم الحوثي بإدانته بجرائم الخيانة والعمالة والتخابر مع العدو والفساد، ومعاقبته بالإعدام ومصادرة جميع ممتلكاته. كما قضى حكم المحكمة باسترداد الأموال المختلسة في جريمة الفساد، بالإضافة إلى عقوبات تكميلية أخرى متعلقة بالوظيفة العامة وحرمانه من تولي أي منصب عام مستقبلاً.

حكم مفاجئ صدر في توقيت حساس، حيث يشهد حزب المؤتمر الشعبي العام اليمني حراكاً داخلياً لإعادة هيكلته، بهدف إعادة نجل عفاش (أحمد) إلى صدارة المشهد السياسي والعسكري اليمني، عقب رفع العقوبات الأممية عنه التي فرضت عليه في العام 2015، ثم ألغيت في يوليو 2024، ليعود إلى المشهد السياسي من خلال أنشطة دبلوماسية وتصريحات تدعو إلى التوافق الوطني، ويُنظر إليه باعتباره شخصية محورية تحظى بإجماع وتوافق داخل حزب المؤتمر الشعبي العام.

يُطرح اسمه أحياناً كورقة سياسية بديلة في ترتيبات ما بعد الحرب، لكنه لم يظهر في المشهد بشكل حاسم حتى الآن، بحسب وسائل إعلام.

وتساءل ناشطون عن السبب الحقيقي وراء إصدار حكم الإعدام في هذا التوقيت بالتحديد، في ظل بروز خلافات كبيرة داخل أسرة عفاش بين أحمد وابن عمه طارق، على زعامة حزب المؤتمر الشعبي العام، وتمثيل العائلة في الرئاسي والحكومة الشرعية، وفي قيادة العمليات العسكرية ضد الحوثيين.

ويرى مراقبون أن الحكم صدر لاستمالة طارق ودعمه ضد ابن عمه أحمد عفاش، في إطار سياسة (فرق تسد) لاستبعاد خطورتهم على الجماعة الحوثية في الحاضر والمستقبل.

ردود أفعال:

حكم الإعدام أثار ردود أفعال متباينة داخل وخارج اليمن. ويرى مراقبون أن إصدار جماعة الحوثي حكمها في هذا التوقيت بإعدام أحمد عفاش، يندرج في إطار عملية استباقية لقطع الطريق أمام إشراكه في أي تسوية سياسية قادمة، قد تعيده إلى صدارة المشهد. وأن إبقاءه “مداناً” قانونياً يمنح الحوثيين “ورقة ضغط” قد يستخدمونها متى أرادوا ذلك.

وشنت حسابات ومواقع إخبارية معارضة للحوثيين هجوماً عليهم بعد صدور هذا الحكم، واعتبروه محاولة “تصفية حسابات سياسية”، وتجريد أحمد علي صالح من أي نفوذ “مالي أو سياسي”، حيث تضمن الحكم مصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة.

ورصد تقرير لـ “bbc عربي” ردود الفعل في اليمن وخارجه على الحكم الذي أصدرته المحكمة العسكرية الحوثية، بإعدام أحمد عفاش ومصادرة ممتلكاته، بعد أن ادانته بتهمة “التخابر والخيانة”.

وقال معارضون للحوثيين إن هدف الجماعة حالياً هو “القضاء على ما تبقى من حزب المؤتمر الشعبي العام في صنعاء، في إطار حملة ممنهجة ستطال قيادات الحزب وأعضائه، تحت نفس الذرائع الجاهزة من تهم التخابر والخيانة والتآمر”.
وأشاروا إلى أن الحكم في هذا التوقيت يعكس “قلق الحوثيين من فقدان سيطرتهم على البلاد في ظل تنامي الغضب الداخلي ضدهم، وتنامي القاعدة الشعبية لأسرة صالح داخل اليمن”.

وقال أحد المستخدمين إن عودة أحمد علي صالح للحكم يعني “عودة الأمن والأمان في المنطقة وفي البحر الأحمر”.
بينما قال حساب على فيسبوك، إن السبب وراء الحكم هو “ظهوره في فيلم وثائقي على قناة العربية السعودية، مدته 48 دقيقة، عن آخر معارك والده علي عبدالله صالح، مما آثار استياء الحوثيين، فقرروا إصدار الحكم ضده”.

ورأى مؤيدون للحوثيين أن هذا الحكم جزء من “محاكمة الخونة والعملاء”، وهو ما يساعد في عودة الخطاب التعبوي وإحياء صورة “الثورة ضد النظام السابق”.
ومع هذا، يستبعد البعض أن يتم تنفيذ حكم الإعدام فعلياً، طالما أن أحمد علي خارج اليمن، لكن الرغبة في إبقائه “مداناً” قانونياً تمنح الحوثيين “ورقة ضغط” قد يستخدمونها متى أرادوا ذلك.

ووصفت الناشطة اليمنية توكل كرمان، أحمد علي عبدالله صالح بأنه “الخائن الكبير للجمهورية”، واعتبرت أن والده، الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، كان “الخائن الأكبر”، وذلك في منشور لها على فيسبوك.
لكنها في الوقت ذاته رفضت الحكم الصادر بحقه من محكمة حوثية، معتبرة أنه “صادر من جهة لا تملك أي صفة قانونية”.

كما نشر الكاتب الصحفي المصري مصطفى بكري، منشوراً على منصة “إكس” عن الحكم أثار جدلاً وتفاعلاً كبيراً بين المستخدمين، سواء من المؤيدين أو المعارضين.
وقال بكري: “عندما تصدر محكمة عسكرية حوثية حكماً بإعدام السفير أحمد علي عبدالله صالح، نجل الرئيس اليمني الأسبق، بتهمة العمالة والخيانة فتلك مهزلة سخيفة لا حدود لها”.
وتساءل بكري: “السؤال الذي يطرح نفسه هو: من الخائن؟ هل هو الذي قتل الرئيس الشهيد علي عبدالله صالح غدراً.. أم هو من اختطف الدولة اليمنية وسخرها لحساب المشروع الإيراني، أم هو الذي لا يزال يفرض حصاره على أحياء عديدة في محافظة تعز، أم هو الذي سرق بيوت المواطنين اليمنيين وصادرها لحسابه؟”.

من هو أحمد عفاش:

هو نجل الرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح (الأكبر)، ولد في العام 1972م، بالعاصمة اليمنية صنعاء.
حاصل على بكالوريوس في علوم الإدارة من الولايات المتحدة الأمريكية، والماجستير من الأردن، وتلقى دورات مختلفة في العلوم العسكرية.
كما خاض تجربة سياسية محدودة حين ترشح للانتخابات البرلمانية عن الدائرة (11) في أمانة العاصمة صنعاء، وتمكن من الفوز بها بأغلبية كبيرة.

وفي عام 1999، بادر بتأسيس القوات الخاصة وتولى قيادتها لاحقاً، كما تولى قيادة قوات الحرس الجمهوري اليمني، التي ضمت نحو 17 لواءً ونحو 80 ألف جندي. وتميزت هذه القوات بأعلى مستويات التدريب والتسليح مقارنة ببقية وحدات الجيش اليمني.
تمت إقالته من قبل الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، وعُين سفيراً لليمن في دولة الإمارات العربية المتحدة، خلال الفترة بين عامي 2013 و 2015م.
أقيل من منصب السفير بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء بعد إنهاء التحالف مع والده الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

في عام 2015 فُرضت عليه عقوبات دولية من قبل الأمم المتحدة والولايات المتحدة، واستمرت حتى تم رفعها رسميًّا في يوليو 2024، ليعود إلى المشهد السياسي من خلال نشاطات دبلوماسية وتصريحات تدعو إلى التوافق الوطني. ويُنظر إليه باعتباره شخصية محورية في حزب المؤتمر الشعبي العام..
ومازال يقيم في الإمارات بدون أي منصب رسمي.

ختاماً..
بحسب “اندبندنت عربية TV”، اعتبر مراقبون الإجراء الحوثي تصعيداً جديداً تجاه من بقي من شركائهم في حزب المؤتمر، ربما يعيد تحريك كرة ثلج الخلافات بين الطرفين، بعدما دفعتها الخلافات نحو اصطدام وشيك يشبه ذلك الذي جرى خلال ديسمبر (كانون الأول) 2017، وانتهى بمقتل زعيم الحزب ومؤسسه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وتفرد الجماعة بمقاليد السلطة في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها، وهو ما جرت قراءته في سياق المحاولات الحوثية لاجتثاث ما بقي من شركائهم في “المؤتمر” الذي أسسه صالح عام 1982، مما ينذر بانتهاء “زواج المصلحة” الذي جمع الطرفين عام 2014، عقب تشكيلهما كياناً تشاركياً ضمن ما سمي “حكومة الإنقاذ الوطني”، ضد الرئيس الجنوبي السابق عبدربه منصور هادي خلال الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) 2016، وشملت عدداً من الوزراء المنتمين لحزب المؤتمر بلا صلاحيات حقيقية، واتخذتهم – وفقاً لمراقبين – واجهة شكلية لـ”الشراكة الوطنية”، في مسعى لإضفاء شرعية على سياساتها المستمدة من النظام الإيراني، في حين تتركز الصلاحيات المدنية والعسكرية كافة في قبضة قادة المليشيات وارتباطها المباشر بزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وفي طليعتها مؤسستا الرئاسة والمجلس السياسي (أعلى هيئة إدارية تشاركية)، إضافة إلى القوات المليشياوية والاستخبارات وغيرها.

زر الذهاب إلى الأعلى