تقارير وحوارات

“المهاجرون الأفارقة”.. الموت القادم من القرن الأفريقي.. من يوقفه؟

كريترنيوز / تقرير

تتصاعد أصوات الجنوبيين بالعاصمة عدن وبقية محافظات الجنوب، محذرة من خطر المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين، القادمين من بعض دول القرن الأفريقي، إثيوبيا والصومال وإريتريا، إلى الجنوب، هجرة اختيارية لا اضطرارية وغير مبررة، هجرة من بلد أفضل حالاً إلى بلد أسوأ حالاً، لا يوجد لها سبب مقنع.
مهاجرون أفارقة قادمون من القرن الأفريقي، يدفعون المال للمهربين لشراء المعاناة والموت والقهر، في رحلة العذاب إلى اليمن والجنوب.

هجرة تطرح تساؤلات وعلامات استفهام:

ألا يعلم أولئك المهاجرون إلى أي جهة يساقون؟ طبعاً ليس إلى أوروبا ولا إلى أمريكا، وهم يعلمون ذلك..
هل هم أغبياء إلى هذه الدرجة ليخسروا أموالهم وأنفسهم، في رحلة محفوفة بالمخاطر محسومة الفشل؟! هل هم أغبياء إلى هذه الدرجة ليضعوا ثقتهم في أولئك المهربين، وفي تلك القوارب البدائية غير الآمنة؟!
حيث يقوم المهربون بنقل المهاجرين في قوارب مزدحمة وخطرة عبر البحر الأحمر أو خليج عدن.

كيف هي تركيبة أولئك البشر؟ كيف يفكرون؟ أليس لديهم اطلاع أو معلومات مسبقة عن ماهية الجهة التي يساقون إليها؟ علماً أننا نعيش في عصر الإنترنت والتواصل الاجتماعي، الذي بفضله أصبح العالم كالقرية الواحدة، يزودنا بمعلومات شبه مجانية عن وضع كل بلد في العالم.
أم أن الانفلات الأمني والأزمات وحالة الحرب التي يعيشها الجنوب واليمن كانت فرصة سانحة؟
هل يقتات أولئك المهاجرون على الأزمات؟

قوارب بدائية تحصد أرواح المئات من المهاجرين:

بحسب وسائل إعلام، أفادت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة، يوم الاثنين الماضي 4 أغسطس 2025م، بانقلاب قارب كان يحمل 154 مهاجراً إثيوبياً في خليج عدن بالبحر العربي، قبالة سواحل محافظة أبين، ما أسفر عن مقتل 68 شخصاً وفقدان 74 آخرين، يُعتقد أنهم لقوا حتفهم، بينما نجا 12 فقط.

وقال رئيس بعثة المنظّمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الصبور إسوييف، إنّ جثث 54 شخصاً جرفتها الأمواج إلى منطقة خنفر، وتمّ العثور على 14 جثة أخرى تم نقلها إلى مشرحة في مدينة زنجبار، عاصمة محافظة أبين.
ووصف رئيس بعثة المنظمة غرق الزورق، الأحد 3 أغسطس 2025م، بأنه “أحد أخطر” حوادث غرق مراكب المهاجرين قبالة اليمن هذا العام.

وذكرت مصادر أن 150 شخصاً كانوا على متن القارب. ووفقاً لمدير صحة مديرية زنجبار بمحافظة أبين، فقد تم انتشال جثث 54 مهاجراً من الذكور والإناث، وإنقاذ 10، هم 9 إثيوبيين ويمني، وما زالت عمليات البحث والإنقاذ جارية عن الباقين.
وكان المهاجرون في طريقهم إلى الأراضي اليمنية، ضمن موجات الهجرة غير الشرعية التي تتزايد عبر سواحل البلاد.
ووفقاً لوكالة “رويترز”، فقد انقلب القارب بسبب سوء الأحوال الجوية والرياح الشديدة قبالة سواحل مديرية أحور بمحافظة أبين الجنوبية، على بحر العرب.
وقال مدير أمن أبين أبو مشعل الكازمي إن هناك عملية جارية بحثاً عن المفقودين. مضيفاً أنه تم انتشال جثة قائد القارب، وهو مواطن يمني، بين 14 جثة أخرى قبالة زنجبار، عاصمة المحافظة.

وقالت المنظمة الدولية للهجرة: تسلط هذه الحادثة المؤثرة الضوء على الحاجة الملحة لمعالجة مخاطر الهجرة غير النظامية، على طول الطريق الشرقي.
من جهته، عبّر البابا لاوون الرابع عشر عن حزنه العميق تجاه الأرواح التي فُقدت في هذه المأساة الإنسانية.

من يوقف هذا التدفق العبثي؟

وتقول المنظمة الدولية للهجرة إن اليمن لا يزال يشهد زيادة كبيرة في تدفق المهاجرين غير النظاميين الوافدين من أفريقيا.
وذكرت أنها سجلت وصول أكثر من 37 ألف مهاجر إلى اليمن خلال الربع الأول من العام الجاري 2025م، مقارنة مع 60 ألفاً في العام 2024م.
وغالبا يلجأ هؤلاء الأشخاص، وأغلبهم من إثيوبيا والصومال، للهجرة بسبب ظروف المعيشة الصعبة، عبر ما يسمى الطريق الشرقي الذي تصفه المنظمة الدولية للهجرة بأنه أحد أكثر ممرات الهجرة ازدحاماً وخطورة في العالم. بل إنه طريق مميت يسلكه آلاف المهاجرين الأفارقة “الطريق الشرقي” كل عام، معظمهم من جيبوتي وإثيوبيا إلى اليمن، على أمل الوصول إلى دول الخليج الغنية بالنفط للعمل كعمال أو خدم منازل.
وعند وصولهم إلى اليمن، غالباً ما يواجه المهاجرون تهديدات إضافية في هذا البلد، الذي يُعدّ الأفقر في شبه الجزيرة العربية، وتمزقه حرب أهلية مستمرة منذ أكثر من عقد.

وفي العام 2024 لقي ما لا يقل عن 558 شخصاً حتفهم أثناء عبورهم الطريق الشرقي، وهو “العام الأكثر دموية في عمليات عبور المهاجرين بحرا” لهذا الطريق، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة.

كما لقي مئات المهاجرين حتفهم أو فقدوا في حوادث غرق قبالة سواحل اليمن في الأشهر الأخيرة. ففي مارس 2025م، توفي مهاجران وفُقد 186 آخرين بعد انقلاب 4 قوارب قبالة سواحل اليمن وجيبوتي، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة.

أمن أبين يسيطر على مواقع إيواء المهاجرين:

في السياق، وللحد من هذا التدفق العبثي للمهاجرين الأفارقة، نفذت الأجهزة الأمنية بمحافظة أبين يوم الثلاثاء 5 أغسطس 2025م، حملة أمنية واسعة سيطرت خلالها على عدد من المواقع التي كان المهربون يستخدمونها لإيواء المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين، في عدد من المناطق الساحلية بالمحافظة.

وشملت الحملة، التي نفذتها قوات الأمن العام والحزام الأمني ومحور أبين القتالي، السيطرة الكاملة على مواقع (تمحن، والكسارة، والحجلة بمدينة شقرة)، بالإضافة إلى أحد المواقع على ساحل مديرية أحور، وذلك بإشراف مباشر من مدير عام أمن أبين، العميد علي ناصر بوزيد “أبو مشعل الكازمي”.

وفي تصريح صحفي، دعا أبو مشعل الكازمي الجهات المعنية إلى تحمل مسؤوليتها، في حماية المياه الإقليمية ومنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين، مشددًا على ضرورة التنسيق مع الجهات الإقليمية والدولية للحد من هذه الظاهرة التي تشكل تهديدًا أمنيًا وإنسانيًا.
وأكد العميد أبو مشعل الكازمي أن الحملة الأمنية المشتركة مستمرة، وأنها ستتوسع خلال الأيام القادمة لتشمل المنطقة الوسطى ومديرية المحفد، في إطار خطة أمنية متكاملة لتجفيف منابع التهريب والحد من مخاطره.

وحذرت الأجهزة الأمنية من التعامل أو التستر على المهربين، مؤكدة أن العواقب ستكون وخيمة على كل من يثبت تورطه في تسهيل عمليات التهريب أو حماية معسكرات المهاجرين غير الشرعيين، مشيرة إلى أنه تم القبض في وقت سابق على عدد من المسلحين المتورطين في حماية تلك المعسكرات، وتم إيداعهم السجن واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

خطورة تتفاقم في ظل غياب الحلول الرادعة:

يتفاقم الخطر على حياة المهاجرين المخاطرين بأنفسهم في عرض البحر من جهة، ومن جهة أخرى تتفاقم خطورتهم على أهالي العاصمة عدن التي تحتضن الكم الأكبر منهم، أكثر من 6 آلاف مهاجر يفترشون شوارعها، ويشكلون خطراً على أطفالها ونسائها، ولايزال مسلسل التدفق مستمراً عبر سواحل محافظتي شبوة ولحج.

تتسع رقعة الخطر تدريجياً في ظل غياب الحلول الرادعة، وتتضاعف المعاناة على كاهل الدولة والمجتمع، فالدولة تعاني انهياراً اقتصادياً وغير قادرة على إطعام شعبها أو صرف المرتبات في وقتها. كما أن البنية التحتية بالعاصمة عدن هشة ومستوى الخدمات متدنٍ وغير قادرة على تلبية احتياجات المواطنين الأصليين. وتعاني أغلب الأسر فقرًا وعجزًا في تلبية متطلباتها الأساسية.

ووفق تقارير، فإن الظواهر السلبية المرافقة لتلك الهجرة في تنامٍ مستمر، وأنه يتعين على جهات الاختصاص سرعة التحرك قبل خروج الوضع عن السيطرة، لا سيما أن تلك الهجرة لا تندرج تحت إطار النزوح القهري الإنساني الخارج عن الإرادة، وإنما هي عمليات هجرة اختيارية ينفق لأجلها أولئك المهاجرون المال، وتتم عبر عصابات تهريب اتخذت منها مهنة وتجارة رابحة، غير مبالين بالتبعات السلبية المترتبة، سواءً على المهاجرين أو على البلد المضيف.
إلى ذلك، قالت تقارير إعلامية إن جماعة الحوثي تقوم باستجلاب المهاجرين الأفارقة من بلدانهم للزج بهم في جبهات القتال، واستخدام البعض منهم في أعمال تهريب للسلاح والمخدرات.

ختاماً..
المهاجرون الأفارقة يشكلون خطراً على أنفسهم وعلى المجتمعات الأخرى، وينبغي على المنظمات الدولية ذات العلاقة مخاطبة حكومات هؤلاء المهاجرين لوقف هذا العبث.

زر الذهاب إلى الأعلى