اقتصاد

قانون الحفر الجديد.. هل يكفي لإنعاش صناعة النفط الأمريكية؟

كريترنيوز/ متابعات /ألكسندرا وايت

 

رحّبت صناعة النفط والغاز بالتشريع الضريبي الجديد الذي أقرّته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي يمنحها وصولاً أوسع إلى عمليات الحفر في الأراضي والمياه الفيدرالية.
غير أن هذه السياسة قد تعجز عن تجسيد رؤية ترامب الطموحة المتمثلة في شعار «احفر يا حبيبي، احفر!»، في ظل التراجعات الحالية في أسعار النفط والغاز، فضلاً عن الضبابية الاقتصادية التي تلقي بظلالها على مستقبل إنتاج الوقود الأحفوري.

وقد أسهم «مشروع القانون الكبير والجميل» في توسيع نطاق منح عقود التنقيب عن النفط والغاز وتسريع وتيرتها في الأراضي والمياه الفيدرالية.

وبموجبه، يُلزم خليج المكسيك بإقامة ما لا يقل عن مزايدتين بحريتين سنوياً حتى عام 2039، بدءاً من عام 2026.

وبالمثل، يتعيّن على ألاسكا إجراء ما لا يقل عن ست مزايدات بحرية حتى عام 2032، إلى جانب تنظيم مزايدات ربع سنوية في ولايات الغرب الأمريكي مثل وايومنغ ونيو مكسيكو وكولورادو ونورث داكوتا.

وتمثل هذه السياسة تحولاً جذرياً عن نهج إدارة جو بايدن التي سعت إلى تقليص عدد عقود التنقيب من خلال فرض المزيد من القيود.
كما يُضفي القانون الجديد نوعاً من اليقين لدى شركات النفط والغاز، التي طالما عانت من التقلّبات السياسية، لا سيما في ما يتعلق بالتنقيب البحري، وذلك حتى ثلاثينيات هذا القرن.

وقال داستن ماير، نائب الرئيس الأول لشؤون السياسات والاقتصاد والتنظيم في «معهد البترول الأمريكي»: «تبعث كل هذه الإجراءات إشارة واضحة للصناعة بأن التطوير في هذه المناطق لن يحظى بالتسامح فحسب، بل سيلقى التشجيع الفعلي».
وفي السياق ذاته، أكد ويل هيكي، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة «بيرميان ريسورس»، للمستثمرين، أن القطاع سيجني ثمار «تخفيف العبء البيروقراطي المرتبط بتصاريح الحفر الفيدرالية ومزايدات الاستئجار الفيدرالية».
من جانبهم، يرى المحللون أن السياسة الجديدة لإدارة ترامب قد لا تكون كافية لتحفيز إنتاج النفط والغاز في الأراضي العامة، في وقت تواجه فيه الصناعة تحديات تراجع أسعار السلع الأساسية وحالة عدم اليقين التجاري.
وقال ماثيو بيرنستين، محلل قطاع التنقيب في شركة «ريستاد إنرجي»: «لا نتوقع أي زيادة في الإنتاج نتيجةً لهذه السياسات، فأي تقدم في هذا الاتجاه يستلزم تحفيزه بتحسينات ملموسة في المشهد الاقتصادي الكلي».
أما راؤول لوبلان، نائب رئيس قطاع التنقيب في أمريكا الشمالية بشركة «إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس»، فيشير إلى أن إنتاج النفط والغاز في الأراضي الفيدرالية لا يتجاوز 8 إلى 10 % من إجمالي الإنتاج الأمريكي، مشيراً إلى أن «العمليات تتركز بشكل كبير في أراضٍ خاصة».

وأضاف: «فتح المزيد من الأراضي الفيدرالية قد يكون مفيداً من حيث المبدأ، لكن يصعب ترجمة ذلك إلى قيمة اقتصادية حقيقية».

وعلى الرغم من ذلك، تبسط الحكومة الفيدرالية سيطرتها على معظم الأصول البحرية في خليج المكسيك، تلك المناطق التي يؤكد المحللون احتواءها على إمكانات واعدة للتنقيب في أعماق المياه.
بيد أن عمليات الحفر البحري تتسم بمسارات زمنية طويلة، حيث تستغرق دورة اكتشاف النفط الجديد ووصوله إلى مرحلة الإنتاج سبع سنوات كمتوسط، بحسب مايلز ساسر، كبير محللي الأبحاث في شركة «وود ماكينزي»، والذي يضيف قائلاً إن زيادة إمكانية الوصول إلى المساحات البحرية اليوم لا تعني بالضرورة تحولها إلى إنتاج فعلي قبل ثلاثينيات القرن الحالي.

ويتعين على شركات النفط والغاز دفع أموال للحكومة الفيدرالية في حال اكتشافها للوقود الأحفوري في الأراضي العامة، حيث خفضت الحكومة معدل الإتاوة إلى مستواه التاريخي البالغ 12.5 %، بعدما رفعته الإدارة السابقة إلى 16.6 %.
ورغم أن هذا الخفض في معدل الأموال قد يؤدي إلى تراجع سعر التعادل، وهو السعر الذي يحقق الربحية لعمليات الحفر، إلا أنه لن يكون كافياً لتشجيع أنشطة التنقيب إذا ظلت المؤشرات الاقتصادية الكلية غير مواتية. وقد شهدت أسعار النفط هذا العام ضعفاً ملحوظاً، ما دفع العديد من المنتجين إلى تقليص أنشطة الحفر.
وتتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يواصل سعر خام «برنت» تراجعه ليصل العام المقبل إلى 51 دولاراً للبرميل، تزامناً مع بدء المزيد من مزايدات التنقيب.

وبعد إعلان تحالف «أوبك+» عن عزمه إنهاء خفض الإنتاج بحلول الشهر المقبل، توقعت الإدارة أن يأتي معظم نمو الإنتاج العالمي من دول هذا التحالف، الأمر الذي سيدفع المنتجين الأمريكيين إلى تسريع وتيرة التراجع في عمليات الحفر، وهو التراجع المستمر منذ معظم فترات هذا العام، ما سيؤدي إلى انخفاض إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة.
كذلك، فقد ظلت أسعار الغاز منخفضة أيضاً خلال العام، وعلى الرغم من ارتفاع الطلب على الطاقة وزيادة الحاجة إلى الغاز الطبيعي، فإن ناثان نيميث، المحلل في شركة «وود ماكنزي»، يشير إلى أن المناطق الغنية باحتياطات الغاز تتركز في ولايتي تكساس وشمال شرقي الولايات المتحدة، وهي مناطق لا تُمثّل أهمية كبيرة ضمن الأراضي الفيدرالية.
وبالتالي، قد لا يؤدي النهج السياسي الجديد لإدارة ترامب إلى تحفيز استثمارات إضافية في قطاع النفط والغاز داخل الولايات المتحدة، في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة التي تُعزى بدرجة كبيرة إلى الحرب التجارية التي تخوضها واشنطن.

وقال كيفن بوك، المدير الإداري للأبحاث في شركة «كلير فيو إنرجي بارتنرز»: يميل انحسار العولمة إلى إذكاء التضخم، وقد يفضي إلى الركود الاقتصادي.
مضيفاً: نحن نعيش لحظة ترقّب، حيث ينتظر المستثمرون على المدى الطويل اتضاح الرؤية، وقليل من التنفيذيين يغامرون باتخاذ قرارات سريعة في ظل هذه الضبابية.

زر الذهاب إلى الأعلى