المرأة والقوة الخفية

كتب: هدوى محمود
يخطئ من يظن أن قوة المرأة تقاس بعلو صوتها أو بقدرتها على منافسة الرجل في ميادينه. الحقيقة أن للمرأة قوة خاصة لا ترى بالعين المجردة، لكنها تشعر وتلمس وتغير في حياة من حولها. قوة خفية تتجلى في الصبر، في الحنان، في الحكمة، وفي قدرتها على الجمع بين الأضداد دون أن تفقد اتزانها.
المرأة قادرة على أن تكون الحنان الذي يذيب القسوة، والعقل الذي يحسم المواقف، والقلب الذي يحتمل فوق طاقته ولا ينكسر. حين تضطر الظروف أن تتحول إلى عمود البيت وسنده، تقف شامخة كأنها جبل لا تهزه الرياح. وحين تحتاج أن تكون الحضن الآمن، تتحول إلى بحر واسع يحتضن الجميع.
القوة الخفية للمرأة لا تحتاج إعلانا ولا شعارات. هي قوة تمارس بالفعل اليومي: أم تستيقظ قبل الجميع وتنام بعدهم، موظفة تتحمل ضغوط الحياة بابتسامة، قائدة تعرف متى تتكلم ومتى تصمت، وزوجة توازن بين حبها وعطائها ومسؤولياتها.
المرأة لا تحتاج أن تثبت أنها قوية، فالقوة تسكنها بالفطرة. كل ما تحتاجه هو أن تدرك هي ذاتها تلك القوة، وألا تسمح لأحد أن يضعف إيمانها بنفسها. فحين تعرف المرأة قيمتها، تدرك أن قوتها الحقيقية ليست في مواجهة الآخرين، بل في قدرتها على أن تظل ثابتة، مُلهمة، ومرنة في آن واحد.
ولهذا، فإن القوة الخفية للمرأة هي سر بقاء المجتمعات. هي ما يجعل البيوت قائمة، وما يمنح الحياة معناها. إنها ليست قوة ترى، بل تعاش.