الرجل الكريم

تأليف: علي عبد الكريم العمودي
في مدينةٍ صغيرةٍ يسكنها الطيبون…
كان هناك رجلٌ كريم، اعتاد كلَّ صباحٍ أن يتفقد أحوال الناس.
وفي يومٍ من الأيام، مرّ على بيتٍ قديمٍ يسكنه أيتامٌ لا يجدون من يعولهم.
اقترب منهم بابتسامةٍ دافئة، وجلس يحدثهم بلطف.
فقال له أحد الأطفال بخجل:
– ما عملك يا عمّي؟
فأجابه الرجل بابتسامةٍ متواضعة:
– أنا رجلٌ بسيط… لا أملك سوى قلبٍ يحبّ الخير.
—
تراجع الطفل بخوف، فسأله الرجل بحنان:
– مالك يا بني؟ هل هناك ما يخيفك؟
شعر الرجل أن هؤلاء الأطفال بحاجةٍ إلى الأمان قبل الطعام،
فنظر إليهم بعطفٍ وقال:
– لا تخافوا يا أحبتي، من اليوم أنتم لستم وحدكم.
سأهتم بكم كما يهتم الأب بأولاده.
—
وفي صباح اليوم التالي، عاد الرجل يحمل سلال الطعام والملابس الجديدة.
استقبله الأطفال بفرحٍ ودموعٍ من السعادة.
جلس معهم على الأرض، يوزّع الخبز بيده ويضحك معهم.
مرّ أحد الجيران وقال بتعجب:
– هؤلاء أيتام فقراء!
فابتسم الرجل قائلاً:
– وهل يُعطى الكرم إلا لمن يحتاج؟
ومنذ ذلك اليوم، صار بيت الأيتام عامرًا بالحب والرحمة،
وتحوّل الحيّ الصغير إلى مكانٍ يفيض بالعطاء.
—
مرت الأيام، وكبر الأطفال وهم لا ينسون فضل الرجل الكريم.
وفي يومٍ من الأيام، مرض الرجل مرضًا شديدًا، فاجتمعوا حوله يبكون.
قال لهم بصوتٍ ضعيفٍ لكنه مطمئن:
– لا تبكوا يا أبنائي، بل واصلوا طريق الخير من بعدي.
ابتسم ورفع يده إلى السماء قائلاً:
– الحمد لله الذي جعل للخير طريقًا لا ينقطع.
رحل الرجل، لكن أثره لم يرحل…
بقيت قصته تُروى في كل بيت،
تحكي عن رجلٍ عاش للناس… فخلّده الله في قلوبهم.