آداب وفنون

برامج الإذاعة الثقافية.. جهود وتحديات في زمن البودكاست

مواكبة تعقيدات المشهد الإعلامي والثقافي المعاصر تتطلب من الإذاعة جهوداً نوعية

كريترنيوز/ متابعات/ البيان/السيد رمضان السيد

 

في زمن تطورت خلاله أساليب الإعلام وأشكاله، وتزاحمت فيه سبل الوصول إلى المعلومة الواحدة، واستحوذت الصورة بنمطيها الثابت والمتحرك على المشهد العام، أصبحت الكلمة المسموعة المجردة من التصوير أمام تحدٍ كبير، وغدت الوسائل التقليدية المستعملة في دنيا الأثير شيئاً من الماضي، لا سيما مع ظهور تقنية البودكاست التي أضحت في نظر الكثيرين بديلاً مقنعاً للبرامج الإذاعية.

ولم يعد أداء العبارات المسموعة بأصوات دافئة عذبة وحده مجدياً لاجتذاب الملايين الذين يتفاعلون مع كل جديد حولهم، الأمر الذي استلزم الإجابة عن التساؤلات المحيطة بواقع البرامج الثقافية في الإذاعات المحلية، وكيفية إيجاد مخارج تضمن بقاءها واستمرارها في ظل تلك التحولات.

أكد الإعلامي الإماراتي راشد الخرجي، لـ«البيان»، أن الإذاعات المحلية تواجه تحديات كبيرة مع التطور السريع في الإعلام الرقمي وظهور وسائل جديدة مثل البودكاست وخدمات البث عند الطلب، مشيراً إلى أنه مع ذلك لا تزال الإذاعة تحتفظ بجمهورها، خصوصاً في فئات معينة مثل سائقي المركبات، وكبار السن، والمهتمين بالمحتوى المحلي المباشر، وأيضاً في أوقات الأزمات أو الأحداث المهمة التي تتطلب تغطية فورية، وأن القدرة على التكيف مع التحولات الرقمية، مثل إطلاق منصات بث رقمية وتوفير المحتوى عبر التطبيقات، ساعدت بعض الإذاعات في الحفاظ على حضورها.

وأوضح الخرجي أن برامج الإذاعة المحلية شهدت تطوراً ملحوظاً في طبيعة محتواها وأسلوب تقديمها؛ إذ لم تعد البرامج تعتمد على الأسلوب التقليدي القائم على الحوار المباشر فقط، بل أصبحت أكثر تفاعلية، حيث يتم إدماج وسائل التواصل الاجتماعي، وإشراك المستمعين في النقاشات، والاستفادة من الذكاء الاصطناعي في إعداد المحتوى، لافتاً إلى وجود تركيز أكبر على الموضوعات العصرية، مثل ريادة الأعمال، والذكاء الاصطناعي، والتنمية المستدامة، وذلك لتلبية اهتمامات الجيل الجديد من المستمعين.

وقال: «لضمان استمراريتها تحتاج الإذاعات المحلية إلى تبني نهج متعدد القنوات، بحيث تجمع بين البث التقليدي والمنصات الرقمية، من الضروري أيضاً تطوير المحتوى ليتناسب مع التغيرات الاجتماعية والثقافية، إضافةً إلى تعزيز التفاعل مع المستمعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي»، مؤكداً أن الاستثمار في الإنتاج الصوتي عالي الجودة واستقطاب شخصيات إعلامية مؤثرة سيسهمان في بقاء الإذاعة ضمن المشهد الإعلامي التنافسي.

تحديد الهدف

إلى ذلك، رأى الإعلامي الإماراتي، إبراهيم أستادي، أن معظم الإذاعات لم تستطع الحفاظ على حضورها لأسباب كثيرة، أهمها عدم تحديد هدفها الأساسي، الأمر الذي يؤدي إلى القيام بالعمل بصورة عشوائية، وعدم القدرة على التمسك بخط معين وتجويده.

وقال أستادي: «مع الأسف، معظم الإذاعات، إلا ما ندر، أصبحت تعتمد على الترفيه فقط، وبرغم أهمية الترفيه فإن كثيراً من الإدارات تجهل أن الإعلامي يستطيع تقديم أخطر وأهم الرسائل بشكل ترفيهي وسلس»، موضحاً أن مفهوم الترفيه أصبح يساوي الضحالة والسطحية في الطرح، وأن هذا ملحوظ في معظم الإذاعات المحلية، لا سيما الغنائية، أما الإذاعات البرامجية فتتسم معظمها بالرتابة برغم المعلومات القيمة التي تقدمها للجمهور.

وأضاف: «أنا شخصياً لا أرى أن طبيعة المادة التثقيفية وأساليب تقديمها في برامج الإذاعة المحلية قد تطور، هناك بعض المذيعين الإذاعيين المتفوقين والمميزين وجهودهم واضحة، ولكنني بصفتي إذاعياً سابقاً أتفهم المصاعب التي يمرون بها لتقديم مادتهم الإذاعية، فهم سابقون لعصرهم في ظل وجودهم في هذه البيئات الإذاعية».

 

وأكد ضرورة أن تستوعب الإذاعات المحلية والقائمون عليها أن عليهم مواكبة أسلوب حياة الناس، وتطوير أساليب الوصول إلى الجمهور، والاعتماد بالدرجة الأولى على المذيع المثقف الباحث والمتجدد، داعياً مديري الإذاعات إلى الحرص على تطوير الفريق من خلال تدريبه وتعريضه لتجارب عالمية ناجحة.

زر الذهاب إلى الأعلى