هدنة غزة.. وهم المرحلة الثانية إلى أين؟

كريترنيوز /متابعات/ البيان /محمد الرنتيسي
ثمة تساؤلات كبرى أثارتها المرحلة الأولى من تنفيذ الخطة الأمريكية التي أفضت إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، تستحق كل واحدة منها وقفة خاصة، غير أن أهمها تتمثل في المبادرة الأمريكية لتسوية نهائية وشاملة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بينما تتعلق الثانية بعدم الرضا عن سير المرحلة الأولى من الاتفاق، ناهيك عن الأهداف الشخصية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب من وراء مشواره في السنة الأولى من ولايته الثانية.
في المحطة الأولى، حددت مسارات عدة، أهمها تبادل الأسرى، وإدخال المساعدات الإغاثية للسكان في قطاع غزة، وهي مسارات متعارف عليها، وتكررت بشكل روتيني في كل الاتفاقيات السابقة، لكن هذه المرحلة اصطدمت بعدة عراقيل ونخرتها الخروقات، وربما سجلت الإضافة الجديدة في هذا المسار، بعودة أعداد من النازحين إلى منازلهم.
لم يلتزم الجانبان (حركة حماس وإسرائيل) بالبنود المنصوص عليها في خريطة الطريق الأمريكية لوقف الحرب، وحاول الوسطاء المقاربة ما بين الربيع الإسرائيلي بتحييد محور إيران – حزب الله – حماس، والشتاء الفلسطيني الذي جاء عاصفاً بل ومشبعاً بسحب الحرب.
وكان واضحاً، أن أمريكا أخذت تضغط على الفريق الأضعف في معادلة الحرب وهم الفلسطينيون، والمبعوث الأمريكي للإشراف على تنفيذ وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ستيف ويتكوف، كان صريحاً في التركيز على أن رفع وتيرة إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، سيكون مشروطاً باستجابة حركة «حماس» وتعاونها، وخصوصاً لجهة تسليم جثث المختطفين الإسرائيليين كافة، ونزع سلاحها، ما وضعها في زاوية حرجة.
التزامات
وظل مطلوباً من الفلسطينيين المحاصرين، الإيفاء بالتزاماتهم، وتوفير الأمن للإسرائيليين في غلاف غزة (الخطة الأمريكية لم تقل غير ذلك) كي ننتقل إلى المرحلة الثانية، التي طرحت سؤالاً ملحاً: هل يتم نزع سلاح حركة «حماس» وتجاوز المطبات التي تحول دون ولوج المسار الثاني؟
يجيب المحلل السياسي محمـد دراغمة، أن إسرائيل غير راغبة في دخول المرحلة الثانية من الاتفاق، والشروع بإعادة إعمار قطاع غزة، قبل نزع سلاح حركة «حماس»، ولا ترغب كذلك بأي دور للسلطة الفلسطينية في إدارة شؤون قطاع غزة، حتى لو كان هذا مشروطاً بالإصلاحات التي طالبت بها واشنطن، وتريد للقوات الدولية أن تعمل كقوة تنفيذية تقوم بمهمة تجريد غزة من السلاح، تحت البند السابع من ميثاق مجلس الأمن، ما يجعل الخلافات أمام هوة عميقة.
بينما يقرأ الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، في المشهد السياسي، صعوبة الدخول في تنفيذ المرحلة الثانية من الخطة الأمريكية لوقف إطلاق النار، في ظل استمرار تعثر القضايا المحورية، وفي المقدمة منها نزع السلاح، ما يعني مراوحة المكان، واستمرار التفاوض إلى ما لا نهاية حول الحل الدائم والشامل.
ويجمع مراقبون على أن وهم السير لإحلال السلام بموجب الخطة الأمريكية، أهم بكثير من السلام نفسه بالنسبة لإسرائيل، التي تسعى لتغيير خريطة الشرق الأوسط كما يصرح قادتها ليل نهار، والأمر كذلك بالنسبة للإدارة الأمريكية، التي تتمسك بالشعارات ذاتها، لدرجة أصبحت مملة من كثرة تكرارها، على حد وصفهم.
فهل تتحول خريطة الحل الأمريكية من «بطة عرجاء» إلى طائر سماوي يحمل بشائر السلام؟ وهل ثمة مبالغة في هذا الوصف السلبي للمرحلة الأولى من الاتفاق؟ الكل يراقب من دون أن يكون بمقدوره مجرد التنبؤ، حول إذا ما كانت المنطقة ذاهبة نحو السلام، أم تجدد الحرب.