آداب وفنون

تناول حرف

[su_post field=”post_date”][su_spacer size=”10″]

خاطرة /

بقلم / وفاء الحيقي

في الساعة التاسعة مساءً قرر أن يُقلع عن الكتابة؛ أكد لنفس أنه مافائدة من تناول الحروف مادامت لا تداويه، ولا تُنفسُ عنه القليل من ذاك الاختناق الذي يلازمه طوال اليوم!

طرد كل فكرة مغرية للكتابة؛ وقرر أن يحرق دفتره المخضب بالذكريات وفي أول صفحة سحب قراره وعاد نحو مكتبهِ يحمل بين طيات تلك الصفحات انهزامًا قد جعله متهالك!

إنها الوحدة المشحونة بالذكريات قد زادت من حدة ألمه وذوابان قلبه! شوقٌ لمجهول يشدهُ نحو الكتابة ليمارس طقوس شوقه بهدوء!
يخيل إليه أن أشخاصًا كُثر قد أماتهم الوجع؛ فكان يُكَفنهم بحروفٍ سوداودية؛ ينزع قلوبهم من بين صدورهم ثم يعلقها بين كل سطر وسطر!
زاده ذلك كآبة؛ من الذي سيخرجه من وحل هذا الحزن؟!
من سيوقظه من هذه التخيلات البلهاء سوى تناول بعض الكلمات على مهلٍ، والقيام برشها على جدران قلبه، زاد اختناقه أكثر؛ وفكر في هذا الكون الواسع فرءاه ضيقًا حد الجنون،
أين يتنفس، لا شيء يسع ما أَلمَ به؟!

فجأة سقط كتاب من رف مكتبتهِ المزدحمة بالسنين، مشى إليه بخطى متكاسلة وفتح أول صفحة:

«الكتابة حياة ونجاة من الوحدة القاتلة؛ الكتابة مُتنفس! »

عرف أخيرًا أن قراره بالإقلاع عن الكتابة خاطئ؛ وأن عليه الآن تناول بعض الكلمات، حتى يعود نبض قلبه مستقرًا، وتتسع حلقات هذا الكون التي تبدو له ضيقة كثقب إبرة!

زر الذهاب إلى الأعلى