مقالات وآراء

وطن في قلب رجل

[su_post field=”post_date”][su_spacer size=”10″]

كتب/ نصر الأشول

قصة فقيد مناضل انهكه الكفاح
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا

تتساقط هامات الوطن, بين شهيد حرب, وشهداء متأثرين بجراحهم, ولكن هذه المرة, تبدل الحال,ومع تغيرات العالم للأفضل نرجع للوراء والأسوى.
في بلدي يموت المناضل قهرا وكمدا, ويقهر الوفي, ويئن المصلح والمكافح والمقدام من المرض, ولكن لا حياة في مسامع قادة بلده, حتى يخوى جسده, وتنتزع روحه للأعلى, ثم يدفن بين ذرات التراب والرمال.

في الذكرى الأربعون يوما من رحيله, نسرد بعض مآثر الفقيد المناضل
فقيد الوطن العقيد والمصلح الإجتماعي والهامة والمرجعية القبلية المناضل الشيخ مانع صالح قاسم
المشألي.
من هو المناضل مانع؟
نبذة مختصرة عن حياته, ورحلته العلمية والعملية ومضامير النضال بكل منعطفاته.

ولد مانع صالح قاسم علي بن علي بن صالح المشألي,في الواحد والعشرون من فبراير 1956.في مسقط رأسة مهد الشهداء ومصنع الأبطال قرية الرباط في منطقة مشألة في يافع الوفاء.
ينتمي فقيد الوطن الى أسرة كريمة عريقة متعففة وسطية لها مالها من الخصال الحميدة التي توارثها ابناء هذه الاسرة من أجدادهم وآبائهم, أسرة شيوخ ومرجعيات أهلية.
عاش وترعرع الفقيد في نفس منطقته ودرس فيها الابتدائية. ثم أنتقل في العام 1972 للدراسة في مدرسة الرئيس الجنوبي الأسبق المناضل سالمين في مديرية خرز الحدودية غرب محافظة لحج, والتي كانت تسمى مدارس البدو الرحل حيث كانت توفر التعليم والسكن والغذاء مجانا لكل منتسبيها القادمين من الأرياف البعيدة والفقراء درس حتى العام 1975.

وكما هي الحياة يتنقل الفقيد من محطة الى محطة في محطات الحياة وفي طريق بناء القدرات وكسب العلم والمعرفة.. ففي العام1976م. إلتحق الفقيد في جيش جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية وفي وجه التحديد في الدفاع الجوي وتلقى العديد من الدورات ومنها دورات إستخدام والرماية على عدد من أنواع المدفعيات, ونتيجة لحنكته وخبراته وإنضباطه العسكري تم إلحاقه بالكلية العسكرية ليتخرج بعد عامين برتبة ملازم ثان, وخدم فيه لمدة ثلاثة عشر سنة لتحل على هذا الوطن لعنة الحياة بالوحدة المشؤومة مع العربية اليمنية في العام 1990م.

وبعد اربع سنوات وحدة وثورات لرفضها, إندلعت حرب صيف ال94. وكان الفقيد من أوائل المقاومين في الجيش الجنوبي اللذين تصدوا للغزو الشمالي البربري.
تقدم الصفوف وكان مع رفاقه المناضلين خير طليعة للجيش الجنوبي الذي لم يكن من السهل هزيمته لولا الغدر والخيانات المتتالية التي تعرض لها.
كان الفقيد من أبسل الجنود قاتل بكل شجاعة وإقدام, ولأنه من الطليعة المعروفين بروح التضحية والفداء أصيب الفقيد مانع في كتف يده اليمنى نقل على إثرها الى إحدى مشافي العاصمة عدن قبيل إجتياح عدن بأيام .

وبعد حرب صيف أربعة وتسعون, تم تكريم الفقيد بشهادة الإعتكاف في المنازل, ورتبة التسريح, وإكرامية المطاردة والتهميش والاقصاء والحرمان, كغيره من رفاق دربه, وقادات وكوادر وأكاديمي الجنوب اللذين تم تسريحهم وتهميشهم وجعلهم في البيوت.

كل الممارسات الهوجاء التي مارسها نظام صنعاء القمعي الكهنوتي لم تثني فقيد الوطن المناضل من ممارسة نضاله, ومشاركة شعبه في ثورته, في كافة منعطفاتها التاريخية.

ما كان يمتاز به الراحل مانع أنه رجل بسيط, ذو دماثة بالإخلاق, ورقي في التعامل, حكيم ذو فطنة عند تعامله في الأمور القبلية.
ساهم الفقيد في حل قضاياء أجتماعية وجنائية وإصلاح ذات البين وخدمة قريته ..وفي ظل الفقر الذي كان يعيشة بعد إقصائه من السلك العسكري عمل على فلاحة الأرض واشغال عضلية آخرى إلا أن هاجر إلى المملكة العربية السعودية.

عزم الفقيد ع السفر الى خارج أرض الوطن تارك خلفه أسرته ومحبيه للبحث عن سبل العيش وتوفير كل ما تحتاجه الأسرة بعد أن ضاق به الحال في قريتة الصغيرة قضى في رحلة الإغتراب عن اهله ومحبيه ووطنه ثلاثة عشر13 عاما.قضاها بين الكد والجهد والإجتهاد وطلب الرزق الحلال لإطعام أولاده.
كما كان يعتمد عليه ويرجع له, اغلب المغتربين في المملكة من ابناء البلد ويافع خاصة لحل قضاياهم في المهجر.

منذو انفجار الثورة السلمية في العام 2007. وفي كل رحلة عودة للفقيد الى ارض الوطن, كان لا يتأخر دقيقة واحدة عن المضاهرات ومشاركة شعب الجنوب فعالياتهم لرفض جحافل الإحتلال اليمني واخراجهم من الاراض الجنوبية, حتى وان كانت رحلات عودته من المهجر للراحة من شقاء وبلاء الغربة, لكن شعوره بالمسؤولية والمبادئ الوطنية التي كان يتحلى فيها الفقيد كانت تسوقه كالمنايا للمشاركة مع شعبه. حيث حتى في صفوف المقاومة الجنوبية في يافع وردفان.

وقبيل يوم واحد من حرب 2015خرج خروج نهائي من المملكة العربية السعودية بسبب القرارات التي اتخذها المملكة ضد المقيمين في أراضيها. ولكن تلك المرة لم تكن كسابقاتها يعود للمنزل او للمضاهرات, كانت عودة غيرة وحمية وفداء لتراب وطنه, ليلتحق بركب المقاومين في المقاومة الجنوبية في جبهة بله حتى يوم التحرير وهو مرابط منضبط في مهامه وموقعه.
وبعد التحرير عمل الفقيد على تدريب افراد وسرايا متخصصة على سلاح المدفعية وإصلاح عدد من الدبابات العاطبة. في معسكرات القطاع الغربي في مدينة الحبيلين.

كان الفقيد من خيرة رفاق الشهيد البطل ابو اليمامة, ابن نفس البلدة والمنطقة, وكانا معا على رأس مجالس التحكيم القبلية لحلة مشاكل وقضايا الناس.

في الآونة الأخيرة تراجعت قوى الفقيد, وبدأ التعب والشيخوخة تظهران عليه جراء المراحل الكفاحية التي خاضها منذ نعومة أضافرة وسخر حياته فيها لخدمة وطنه,والحفاظ على كيان أسرته وعشيرته التي مثلها خير,تمثيل بمكانته الإجتماعية والقبلية والنضالية بين اوساط المجتمع الجنوبي.
وقبيل أربعون يوما, إنهارت قواه الجسدية, وأرداه المرض الذي ألم به طريح الفراش, وبعد صراع أليم ومرير, دونما لفتة من الجهات المعنية والقادة إرتقت روح العقيد المناضل مانع صالح قاسم المشألي الى بارئها, معلنة بصرخاتها الصامتة نزع سلو الحياة, وغياب العدل في الحكم والحكمة, وظلام منزله والذهاب بعيدا في السماء السابعة حيث لا يسمع ولا يسمعه احد ممن عرفوه على الارض.

سكنت اسرة الفقيد من مدة طويلة في مدينة الحبيلين, ولكن الفقيد لم يقل يوما بلادي يافع, وعمل في خدمة الحبيلين حيث قام وعدد من رفاقه في تشكيل مكتب صلح إجتماعي لوئد اي فتنة او مشاكل قبلية بالتنسيق مابين الشرطة والمكتب حيث دمجوا بين الحلول القبلية والقانونية وتمكنوا من حل الكثير من المشاكل.

يتمم فقيد الوطن المناضل العقيد مانع صالح قاسم المشألي يومنا هذا اليوم الأربعون منذ رحيلة.

زر الذهاب إلى الأعلى