مقالات وآراء

كلمة حق لا بد منها

[su_post field=”post_date”][su_spacer size=”10″]
كتب/
سالم محمد الضباعي

كنت في ريعان الشباب ولم يمضي من زواجي أكثر من عام واحد حينما رافقت الوفد الوطني الرسمي الضخم الذي ترأسه الرفيق علي ناصر محمد الذي توجه في زيارة تاريخية إلى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في حين توجه بنفس الوقت الرفيق عبدالفتاح إسماعيل شبه منفياََ إلى الاتحاد السوفياتي بعد أن أقيم له احتفال تكريم رفيع وإثر الأزمة الحادة والخطيرة التي خاضها جناحه مع جناح الرفيق علي عنتر وبعيداََ عن التفاصيل فقد لعب الشهيد المغدور به محمد صالح مطيع دوراََ بارزاََ ومؤثراََ في عبور تلك الأزمة وذلك المنعطف في انتقال السلطة سلمياََ من الرئيس عبدالفتاح إسماعيل إلى الرئيس علي ناصر محمد وكان له فضل إقناع الرفاق السوفييت والكوبيين بتقبل الإنتقال السلمي للسلطة لصالح التغيير المرتقب في مسار ونهج السلطة المقبل وكان له تأثير كبير لدى الأسر الحاكمة في دول مجلس التعاون الخليجي ولدى الأوساط الرسمية فيها.

كان الشهيد مطيع مرشحاََ قوياََ لرئاسة الحكومة في عهدالرئيس ناصر الجديد وإثر دوره المشهود في عبور البلاد لازمتين عنيفتين تمثلت الأولى بالانتقال الدموي للسلطة من الرئيس الشهيد سالم ربيع علي (سالمين) إلى الرئيس عبدالفتاح إسماعيل والثانية بانتقال نفس السلطة سلمياََ هذه المرة من الرئيس عبدالفتاح إسماعيل إلى الرئيس علي ناصر محمد لكن ما حصل إثر عودتنا من الزيارة المشهودة كان مفاجئاََ وغريباََ ومدهشاََ فقد تم ايقاف الشهيد مطيع بما يشبه الإقامة الجبرية تحت تهم غريبة ومدهشة لم ينزل الله بها من سلطان.

كنت انا والاخوين أحمد صالح حاجب ومحسن علي النقيب أعضاء في المنظمة القاعدية للحزب في مكتب رئاسة الوزراء ومن أبناء يافع وقد طالبت في أول اجتماع أن يتم البت في الاتهامات المزعومة على الرفيق مطيع من خلال تحقيقات شفافة ومحاكمة علنية عادلة وبسرعة البرق أسرع الرفيق الشهيد المظلوم الإعلامي والسياسي البارز أحمد عبدالرحمن بشر رحمة الله عليه ورضوانه بإيجاد منحة دراسية لي في موسكو وكانت فرصة سانحة بالنسبة لي فيما كان هو الذي يشغل سكرتير منظمة الحزب في مكتب رئاسة الوزراء والسكرتير الإعلامي للرئيس علي ناصر محمد على إطلاع أكثر مني بالأجواء والسراديب المحيطة باعتقال مطيع الذي تدرج من إيقاف إلى إعتقال ثم إلى قتل فاق في وحشيته كل أساليب عصابات المافيا والجريمة المنظمة في التاريخ العالمي وكنت قد غادرت إلى موسكو للدراسة في حين كان المرحوم مطيع لا يزال تحت الإقامة الجبرية.

وفي الحقيقة أنني لا أود الخوض في تفاصيل ما حدث بعد ذلك فهو مشين ومعيب ويبعث على الحزن والمرارة ويكفي القول أنه قد دمغ الفترة المقبلة الجديدة والتغيير المرتقب الذي عمل لأجله الشهيد مطيع جل جهده وطاقته أن إعدام مطيع وبالصورة والأسلوب الذي تم قد سمم الأجواء ومهد الطريق لصعود القيادة الجديدة حينها نحو كارثة ال13 من يناير السوداء والمشوؤمة التي شرخت الدولة والحزب الحاكم رأسياََ وافقياََ ومهدت البلاد بأسرها نحو السير إلى المجهول.

ما دفعني لقول ما قلته هنا بعض التعقيبات التي كتبت على منشور دولة الرئيس ياسين سعيد نعمان الذي تسائل فيه هل كان قتل المناضل الوطني محمد صالح مطيع انتقاماََ من انفتاحه وذكائه وديناميته وقد كان ذلك بالفعل لكنه أكثر من ذلك خوفاََ من ترؤسه للحكومة التي كان مرشحاََ لها بقوة وكذلك اجهاضاََ وتحجيماََ منهجياََ لدوره المتحفز نحو التغيير والانفتاح العقلاني والنهج البرغماتي مع محيطنا العربي لذلك فقد حرص الحكم الجديد على إطلاق تهمة الشبكة الواسعة التي ارتبطت بمطيع من أنصاره وابناء منطقته الذين يتوقع دفاعهم عنه والتي بمقتضاها أصبحوا جميعاََ في دائرة الأتهام حتى مرت عاصفة القتل الدموي الوحشي وباعتقاد من أصحابها انه قد تم تجاوز العقبة الكبرى في امتلاك كامل السلطة الحزبية وفي الدولة التي اجتمعت في قبضة واحدة للمرة الأولى منذ قيام الجمهورية.

كان قتل الشهيد المرحوم محمد صالح مطيع يشبه من حيث المضمون والشكل قتل الشهيد والقائد الوطني الكبير فيصل عبداللطيف الشعبي وضمن سياق عمليات اغتيال وتصفية وقتل سياسي ظالم وغير عادل لعدد كبير من رجالات الوطن والثورة والعمل الوطني ومن المعيب أن يسعى البعض إلى تجيير تلك الأعمال لمصالح أنانية ضيقة من حيث الكتابة عنها بعيداََ عن التناول الموضوعي العلمي النزيه والمحايد وبهدف القراءة والتقييم الذي يستهدف استخلاص الدروس والعبر للصالح الوطني العام ولما يساعد على عدم تكرار تلك الأخطاء والوقوع فيها مرة أخرى.
رحم الله الشهيد محمد صالح مطيع والشهيد فيصل عبداللطيف الشعبي وكل الشهداء المظلومين والعار والشنار لكل من تخضبت يداه بدماء الأبرياء المظلومين من أبناء شعبه ورفاق نضاله وثورته.

الأحد 20 يونيو 2021م

زر الذهاب إلى الأعلى