اقتصاد

الكابلات البحرية.. شرايين الطاقة المتجددة في مهب الريح

كريترنيوز /متابعات /فايننشال تايمز

 

تُعد الكابلات البحرية، التي تشكل عصباً حيوياً لشبكات الاتصالات والطاقة، هائلة الحجم، لدرجة أنه إذا وُضعت جميعها من طرف إلى طرف، فستُحيط بالكرة الأرضية 37 مرة. ومع ذلك، فإن هذا الحجم الهائل لا يزال غير كافٍ لتلبية الطلب المتزايد.

وأدى التحول العالمي نحو الطاقة الخضراء، والذي يعني بالنسبة للعديد من المناطق الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح، إلى طفرة في الطلب على الكابلات البحرية، ما أسهم في ارتفاع أسهم العديد من الشركات المُصنعة لهذه الكابلات.

ومع ذلك، يبقى هناك الكثير من العقبات التي يجب حلها فالكابلات عرضة للعديد من الأخطار مثل التخريب أو التغيرات في قاع البحر. كما أن معنويات المستثمرين قد تتغير أيضاً، خاصة بعدما أسفرت انتخابات نوفمبر عن تنصيب دونالد ترامب، الذي لا يُعد من المؤيدين للطاقة المتجددة، رئيساً للولايات المتحدة.

ومنذ ذلك الحين، انخفضت أسهم شركة نيكسانس الفرنسية لصناعة الكابلات ونظيرتها الدنماركية «إن كيه تي». كما تراجعت أسهم شركة بريزميان الإيطالية، الأكبر في هذا القطاع، بشكل حاد، بسبب مبيعات الطاقة التي تسببت بها خطوات لشركة صينية ناشئة في إنشاء ذكاء اصطناعي أقل استهلاكاً للطاقة. وبشكل أكثر هدوءاً، تخلت بريزميان عن مشاريع كانت مخططة وطال انتظارها في الولايات المتحدة.

ولا تزال أوروبا متحمسة للطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح، التي تعزز الطلب. فالكابلات تنقل طاقة الرياح البحرية إلى اليابسة، أو تتيح للدول تبادل الطاقة الفائضة، مثل خط «نيمو» الذي يربط بين بلجيكا والمملكة المتحدة.

وتطمح المفوضية الأوروبية إلى أن تمتلك الدول الأعضاء موصلات كهربائية مشتركة لتمكين نقل ما لا يقل عن 15% من طاقتها بحلول سنة 2030.

وتطمح شركة إكس لينكس الناشئة، بحلول سنة 2030 إلى ضخ الطاقة الشمسية من المغرب المشمس عبر 4 آلاف كيلومتر من الكابلات البحرية، لتلبية 8% من احتياجات الكهرباء في المملكة المتحدة وضمان استمرار الإضاءة حينما تتراجع الرياح المحلية.

ويبدو أن الاستثمار المطلوب البالغ 20 مليار جنيه إسترليني بمقام حلم بعيد المنال، ولكن الشيء نفسه يمكن قوله عن سعي المملكة المتحدة لتوليد 50 ميغاواطاً من طاقة الرياح البحرية بحلول سنة 2030، وهو ما يمثل زيادة أكثر من ثلاثة أضعاف.

ويشير ذلك إلى العقبة الكبرى الثانية أمام الكابلات، إذ هل يمكن لأوروبا تحقيق طموحاتها الخضراء، وفي أي إطار زمني؟ إن صناعة الطاقة مزيج غير متجانس من القطاعين العام والخاص، الذين لديهم أهداف مختلفة.

وقد فشلت مناقصة للعقود مقابل الفروق في المملكة المتحدة لسنة 2023، والتي تُحدد أسعار مشاريع الطاقة المتجددة، في جذب أي عروض من مطوري محطات طاقة الرياح البحرية، فلم يتمكن أي منهم من تحقيق توازن في الجدوى الاقتصادية للمشاريع.

السياسة أيضاً تخلق أجواء مضطربة، فاندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا، كشف عن اعتماد أوروبا بدرجة كبيرة على الغاز الروسي، وعن الحاجة إلى تنويع إمدادات الطاقة، ومن ذلك من مصادر الطاقة المتجددة. ولكن الكثير من الخبرات الفنية في مجال الكابلات وبعض رؤوس الأموال تأتي من الصين.

ومع ذلك، فإن شركات صناعة الكابلات ليست في وضع سيئ، فهي شركات ضخمة، وهي حيوية للمسار طويل الأجل لنظام الطاقة، ولديها الكثير من المشاريع قيد التنفيذ بالفعل. وعلى الرغم من تردد بعض المستثمرين في دخول هذا القطاع، إلا أن أهميته تجعل من الصعب تجاهله في المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى