اقتصاد

الرسوم الثانوية.. أداة ترامب لضرب اقتصاد منافسيه في العمق

كريترنيوز/ متابعات /وكالات/نيويورك

 

لم يعد سلاح الرسوم الجمركية مجرد أداة ضغط تقليدية في يد واشنطن، بل تحول على يد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى مدفعية ثقيلة تستهدف الخطوط الخلفية لتجارة خصومه. ففي حملته للفوز بفترته الرئاسية الأولى، صرح بأن «الرسوم الجمركية هي أعظم سلاح لدينا»، وهو ما جسده عملياً في فترته الثانية حين صعد من تكتيكاته عبر «الرسوم الثانوية»، وهي الأداة الجديدة التي وجد فيها ترامب ضالته لتوسيع نطاق المعركة التجارية عالمياً.
فما هي الرسوم الجمركية الثانوية؟ هي عقوبات تجارية تفرضها دولة – مثل الولايات المتحدة – على أطراف أجنبية تتعامل مع كيانات أو دول مستهدفة بالعقوبات. وتهدف إلى ردع الشركات والبنوك العالمية عن دعم الخصوم بشكل غير مباشر عبر زيادة كلفة تعاملاتهم. وتعد هذه الأداة مختلفة تماماً عن الرسوم الجمركية المتبادلة التي تستخدم عادة في النزاعات التجارية التقليدية، إذ تختلف كل من النية والنتائج المتوقعة لكلا النوعين.
ويعتبر ترامب التجارة أحد أهم وسائل تسوية الحروب، والرسوم الجمركية الثانوية تمثل تطوراً في أدوات الضغط الجيوسياسية، حيث يستخدمها لاستهداف الدول المتعاملة مع الخصوم مثل روسيا أو فنزويلا، من خلال تحميلها تبعات دعمها الاقتصادي لهم، بحسب تقرير لشبكة «بي بي سي» البريطانية.
وهناك هدف آخر أيضاً يتمثل في إنعاش الخزينة الأمريكية، إذ صرح مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون التجارية، بيتر نافارو، لبرنامج «فوكس نيوز صنداي» بأن الولايات المتحدة تخطط للحصول على 6 تريليونات دولار من خلال فرض الرسوم الجمركية. وأشار إلى أن زيادة الرسوم على السيارات ربما تمنح بلاده 100 مليار دولار من الإيرادات. كما استخدمت هذه الرسوم لمواجهة التحايل على حظر التجارة باستخدام أساليب التفافية من بينها عادة تصدير النفط عبر دول ثالثة.
وتشمل القائمة الصين وروسيا وإيران وفنزويلا. فالصين كانت الأبرز على هذا الصعيد، بعد أن طالتها تعريفات جمركية واسعة في ولايتي ترامب الأولى والثانية، إلى جانب القيود المشددة على شركات التكنولوجيا العملاقة مثل «هواوي» و«زد تي إي». تليها روسيا التي واجهت عقوبات غير مسبوقة عقب أزمة أوكرانيا، لم تقتصر على المؤسسات الروسية بل شملت أي دولة أو شركة تتعامل مع موسكو في مجالات الطاقة والمال.
ومن ذلك معاقبة واشنطن للهند التي تضاعفت الرسوم المفروضة عليها إلى 50% نتيجة استمرارها في استيراد النفط من روسيا.
وفي إيران عاقبت واشنطن بنوكاً أوروبية كبرى – بينها «بي إن بي باريبا» الفرنسي – بمليارات الدولارات لمخالفتها العقوبات. كما فرضت الإدارة الأمريكية رسوماً 25% على دول تستورد النفط من فنزويلا. واضطر بعض من مشتري النفط الفنزويلي إلى وقف شحناتهم مثل شركة «ريلاينس إنداستريز» الهندية، وفق «بلومبرغ».
والرسوم الثانوية التي تفرضها الولايات المتحدة على الأطراف المتعاملة مع دول أو كيانات مستهدفة قد تحدث اضطراباً واسعاً في الاقتصاد العالمي، إذ إنها لا تقتصر على معاقبة الخصوم المباشرين، بل تمتد لتطال شركات وبنوكاً في دول ثالثة، ما يرفع كلفة التجارة ويزيد من تعقيد سلاسل التوريد.

زر الذهاب إلى الأعلى