تقارير وحوارات

بعد تاريخ حافل بالإنجازات .. رياضة المرأة في عدن أين هي الآن ومن المسؤول عن غيابها؟

كريترنيوز/شقائق/تقرير/دنيا حسين فرحان

عدن المدينة التي شهدت ازدهاراً في كافة المجالات حتى بلغت أعلى درجات الرقي والتطور الاجتماعي، فالتنمية الاقتصادية التي كانت حاصلة فيها انعكست على قطاعات أخرى كالتعليم والصحة ونشاط المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والفن والثقافة والسياحة، كل هذا جعل المسؤولين فيها يشجعون الإبداع والتميز في كل شيء.

الرياضة كان لها النصيب الأكبر من التشجيع فكل من يمارسها أو يدخل في هذا المجال، والاهتمام بألعابها المتنوعة من كرة قدم _ تنس _ سلة _ وسباحة وغيرها جعل مدينة عدن تنتعش وتسودها أجواء التحدي والمنافسة، فلم تكن الرياضة تمارس من قبل الرجال فقط بل كان للمرأة حضور قوي في مدرجات الملاعب للمتابعة والتشجيع للمباريات بل وكيان داخل الرياضة نفسها، فكم من امرأة حققت إنجازات وبطولات عظيمة على المستوى المحلي أهّلها لتمثيل بلدها خارج الحدود، ورصد الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية واحدة تلو الأخرى.

ولم يثنيها دورها في التربية والتعليم وانشغالاتها الأخرى من تحقيق الانتصارات العظيمة في مختلف الرياضات مستفيدة من الانفتاح الحضاري والحرية المطلقة التي كانت تكسو عدن في فترات الزمن الجميل.

ولكن سرعان ما تغير مجرى التاريخ بإعلان الوحدة التي قضت على كثير من معالم الجمال في العاصمة عدن ومنها الرياضة، فالتدهور الكبير وتراجع المستوى الذي حصل فيها أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم من فساد إداري ولا مبالاة من قبل بعض المسؤولين عليها وغياب دعم المواهب الشابة والمتألقة للالتحاق بالمنتخبات والأندية.

وحتى رياضة المرأة أصبحت في خبر كان ومحصورة في أنشطة لقلة من مدارس عدن وإن لم تكن معدومة في الأخرى لتجد نفسها تائهة بين الإهمال والفكر الاجتماعي الدخيل الذي أراد تدميرها تحت ستار العادات والتقاليد التي أضحت كالسياج الذي يقيد كل فتاة تهوى الرياضة وتريد المشاركة والاحتراف بكل لعبة فيها.

لاعبات الزمن الجميل زهرات في أراضي الأندية الرياضية  ذبلت اليوم :

هناك العديد من الأسماء التي وضعت لنفسها حيزا كبيرا في صفحات تاريخ الرياضة في عدن، فظهرت لاعبات في رياضات متنوعة منها كرة الطائرة والتنس والشطرنج وحتى الرياضات الصعبة منها الجمباز فمارستها مختلف الفتيات وحققت فيها بطولات عدة في عدن والدول المجاورة العربية والأجنبية، وكانت عدسات الكاميرات والقنوات الفضائية والصحف تستقطب أحداث هذه الرياضات ونتائجها وتضعها في عناوينها الرئيسية كنوع من التشجيع والدعم المعنوي لكل من تمارسها، ناهيك عن الدور الكبير من قبل المسؤولين في قطاع الرياضة من إعطاء رياضة المرأة حقها في الممارسة والمنافسة وتكريم من يحققن أي إنجاز أو بطولة وفتح المجال لكل من تريد الالتحاق بهذا المجال دون أي استثناء.

وحتى مدرجات الملاعب لم تكن تخلو من تواجد العنصر النسائي فيه ،فلم تكن التدريبات الكبيرة بين أقوى أندية عدن تقام في أي ملعب إلا وكانت مختلف النساء قد حجزت مقاعدها لمشاهدة المباريات بل ورفع الشعارات والهتاف للفرق والأندية مما يعكس كمية الوعي الاجتماعي والمساحة الشاسعة التي كانت تتاح لهن كي يمارسن هواياتهن بكل حرية ويسر وبدعم كبير من المجتمع وكل القائمين فيه.

لم تكن تعرف هؤلاء النساء أن السنوات القادمة ستنزع كل حق من حقوقهن حتى وإن كانت بسيطة في مجال الرياضة وإن واقع اليوم قد محى كل شيء جميع كان بذلك الزمن فلن يعد للمرأة الحق في ممارسة أي لعبة على مرأى العلن بل حضور الفعاليات الرياضية والمباريات ولا حتى متابعتها من بعيد وحتى وإن وجدت بعض المحاولات من قبل الأنشطة ومكتب التربية بعدن من إنعاش بعض المدارس لممارسة الفتيات مختلف الألعاب الرياضة في حصص البدنية أو عمل المباريات بين المدارس إلا أنها في إطار محدود تحكمها الإمكانيات وضغط الدراسة والأوضاع الصعبة التي تشهدها عدن وتبقى آمال بعض الإداريين في التربية والرياضة بعودة نشاط رياضة المرأة تحديا كبيرا يأمل الجميع تحقيقه ويعود هذا القطاع للحياة من جديد.

 

آراء فتيات يمارسن بعض الرياضات في واقع رياضة المرأة :

تقول سالي سايب عبدة (لاعبة سلة وكرة طائرة) : منذ الصغر وانا لدي هواية ممارسة الرياضة وتحديدا كرة القدم الخماسية وكرة السلة ساعدني في ذلك الأنشطة التي كانت تقام من فترة لأخرى في المدرسة التي كنت أدرس فيها والدوري الحاصر بينها وبين المدارس الأخرى لكن عند دخولي اتحاد رياضة المرأة مارست رياضة أخرى هي كرة الطائرة وتمكنت من تحقيق الكثير من الميداليات والبطولات على المستوى المحلي وحتى في سفراتنا للبلدان المختلفة، لكن مع الأسف الشديد لا يوجد الاهتمام الكافي في رياضة الفتيات في عدن، لا يوجد لنا ناد للقيام بالتدريبات الكافية ولا توجد بطولات خاصة بنا ولا حتى أنشطة على مستوى المدارس إلا القليل أن تمارس الفتيات ألعابا رياضية معينة هذا شيء عظيم ويحتاج الاهتمام مثل بقية الدول وتشجيع ودعم غير عادي وهذا لم يكن يحصل في عدن قديما لكن الآن أصبحت من تمارس رياضة معينة مذنبة ومخالفة لعادات المجتمع المحافظ برغم أن الرياضة للجميع، بل وقد تتفوق الفتيات فيها أكثر من الرجال نتمنى أن تلقى رياضة المرأة في عدن لفتة كريمة من قبل وزارة الشباب والرياضة وعناية خاصة حتى تعود كسابق عهدها في عدن وتضيف إلى سجل تاريخها أسماء تنحت في عالم الرياضة النسائية تخلدها الأجيال القادمة.

وتقول سيناء خميس ( لاعبة تنس طاولة ) : نحن اللاعبات في عدن نعاني كثيرا من الإهمال والتهميش لا توجد أي فعاليات رياضية تقام هنا لنشارك فيها مقر اتحاد المرأة في صنعاء اليمنية فنضطر للسفر فترة المعسكر التدريبي والبقاء هناك إلى حين قيام البطولة والجميع يعرف ظروف البلاد الصعبة التي نمر بها وفي ذلك خطورة علينا كوننا فتيات ونقطع مسافات بعيدة نريد أن يتأسس لنا ناد خاص في عدن يحتوينا فالكثير من اللاعبات يمارسن رياضات مختلفة وهن على أتم الاستعداد للالتحاق بأي نادي أو مقر هنا ونأمل حدوث ذلك.

يوجد قسم الرياضة البدنية في كلية التربية بعدن وقررت الالتحاق للدراسة فيه أنا وبعض من الفتيات أملاً في أن يأتي يوم ويتم عمل شيء خاص برياضة المرأة وبرغم استغراب العديد من الناس بوجود هذا القسم وكيفية دراسة الفتيات به إلا أن طموحاتنا بالتغيير وتفاؤلنا باستجابة وزارة الشباب والرياضة لمطالبنا هو من جعلنا نتحدى جميع الظروف لمواصلة الدراسة، نتمنى أن نجد دعما لرياضة المرأة بعدن وأن تعود تدريجيا كسابق عهدها.

وتظل الحسرة في قلوب محبي الرياضة واللاعبات اللاتي كان لهن شأن عظيم فيها ، والسؤال الذي يطرح نفسه من المسؤول عن غياب رياضة المرأة ومن المستفيد من ذلك؟

زر الذهاب إلى الأعلى