تقارير وحوارات

عادات تهدد مستقبل الشباب في الجنوب .. كيف نعالج أضرارها صحيا وماليا ونفسيا؟

كريترنيوز/ تقرير / محمود انيس

 

انتشرت الكثير من العادات الدخيلة السلبية بين أوساط شباب الجنوب والعاصمة عدن خاصة، حيث تعتبر هذه العادات خطر يهدد مستقبل الشباب بكل ما تعنيه الكلمة ، وذلك لما تشكله من مخاطر صحية ومالية ونفسية.

 

ومن العادات الدخيلة على مجتمعنا الجنوبي ( مضغ القات في الليل).

 

وفي السنوات الماضية خاصة سنوات مابعد الحرب انتشرت ظاهرة التخزين وتعاطي القات بالمساء حتى ساعات الفجر الأولى والبعض يستمر بتناول القات حتى ساعات الصباح الأولى. ليس هذا فقط فإلى جانب تناول القات فهناك أشياء أخرى يجري تناولها مثل شمة الحوث والشيشة.

 

فالشباب الذين يمارسون تلك العادة للأسف الأغلبية منهم شباب عاطل متكل على أسرهم، فهم يبقون طول اليوم نيام حتى العصر وبعدها يقومون بالنزول إلى الأسواق لشراء القات والبدء في تناوله من الساعة الثامنة أو التاسعة مساء وحتى الفجر أو ساعات الصباح الأولى دون عمل أي شيء.حيث أصبح الشباب يتناولون ويمضغون القات في الشوارع والجولات والحارات حتى منتصف الليل دون أدنى حياء أو احترام لأهالي المنطقة أو العابرين.

 

وللاسف فإن هذه العادة لم تقتصر على الشباب فقط إنما أصبح بعض الكبار يمارسوها، بحجة بعد انقضاء أوقات أداء الصلوات الخمس وهذا عذر أقبح من ذنب للأسف، لأن الكثير من يمضغ القات في وقت الصلاة ويستخرج القات ويؤدي الفريضة المكتوبة عليه.

 

أضرار مضغ القات ليلا :

 

من أضرار مضغ القات ليلاً، حرمان الشخص من نوم الليل الذي من الفطرة أن ينام الإنسان ليلاً، بينما من يمضغ القات يبقى ساهراً طول ساعات الليل وهذا يعتبر ضررا يعود على صحة الشخص المتعاطي للقات ليلاً.

 

والأهم من ذلك هو عدم أداء فريضة الله وهي الصلاة، للأسف الشديد أن الأغلبية من يخزن الليل ولايؤدي الصلاة في أوقاتها، والقليل منهم من يقوم بجمعها وأدائها كلها عندما يستيقظ.

 

وحسب الدراسات التي تتحدث عن مخاطر السهر وأضراره على صحة الإنسان تكمن في عدم القدرة على التفكير وتشتت التركيز، مما يؤدي إلى عدم الاستيعاب وفهم المعلومات بشكل صحي، كما يتسبب في الشعور بالأرق واضطراب النوم، فيصعب على الشخص النوم بشكل متواصل، ويصبح نومه متقطعاً بصورة كبيرة. كما يلعب السهر دوراً في الإصابة بأمراض القلب، وقد يؤدي للإصابة بسكتة قلبية، كما أن السهر لا يساعد الجسم على حرق الجلوكوز، مما يمكن ان ينتج عنه الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.

 

ومن أبرز الأشياء التي يتسبب فيها السهر ليلاً، هو زيادة الشعور بالجوع، وذلك لزيادة عمل وظيفة الجزء السفلي من الدماغ وتوقف عمل وظيفة الجزء العلوي من الدماغ، فيزداد الشعور بالجوع، مما يدفع الشخص لتناول الأكل غير الصحي مثل الوجبات السريعة والشوكولاتة، فينتج عن ذلك زيادة في الوزن.

 

كما أن للسهر أضرارا عديدة على البشرة، أبرزها ترهل الجلد وانتفاخ واحمرار العين، وتغيير في لون البشرة، والسبب هو تأثر الكولاجين والبروتين الموجودين في البشرة، مما قد يؤدي إلى الشيخوخة المبكرة، وأيضا عندما لا يكتفي الإنسان من الحصول على قدر كاف من النوم، فذلك يؤدى إلى انخفاض المناعة، مما يجعل الإنسان أكثر عرضة لاستقبال جميع الأمراض.

 

وإلى جانب الذنب الديني والأضرار الصحية فهناك أضرار اجتماعية أي وهي أن يعيش من يتناول القات بالليل في عزلة عن المجتمع وأسرته وأهله والناس، كما أن هناك أضرارا اقتصادية نتيجة مضغ القات. فتخيل بأن أقل شخص يريد يمضغ القات وأن يشتري شجرة القات والتي قد يصل سعرها إلى ٥ آلاف ريال بشكل يومي أي مايعادل ١٥٠ ألف شهريا، هذا غير المستلزمات الأخرى من سجائر وماء وشراب وغيرها، لاسيما وأن العاصمة عدن تشهد ارتفاعاً كبيرا في أسعار شجرة القات. وهذا يعود ضرره الاقتصادي والمالي على الفرد وأسرته وأولاده وأهله.

 

شمة الحوت والمضغة :

 

نلاحظ في الفترة الأخيرة الكثير من الشباب وخاصة الأطفال ممن هم في سن المراهقة وأقل من ذلك يتعاطون الشمة والتمباك وشمة الحوث والمضغة التعزية حسب المسمى الذي نسمعه، وكل تلك القاذورات التي يتعاطونها سوف تتسبب بأمراض سرطانية في الجسم والفم.

 

حيث أصبح تناول شمة الحوث والتمباك عند فئة الصغار بالغالب يحدث عن طريق رفقاء السوء من الأصدقاء الذين يطلبون من أصدقائهم الآخرين التجربة، والبعض الآخر يبدأ بالإدمان لتلك الأشياء وإظهار نفسه بأنه أصبح شابا لديه الحرية ليعمل ويفعل ما يفعلونه الشباب الآخرون. لاسيما أن هناك ظهور بعض الفتيات ممن يتعاطى تلك المواد التي تدخل ضمن المواد المخدرة.

 

أضرار وأمراض تعاطي شمة الحوت والمضغة :

 

تعتبر أمراض الفم واللثة من بين الآثار الأكثر شيوعًا لتعاطي التمباك؛ لأنه غالبا ما يتم تعاطيه من خلال امتصاصه أسفل الشفة السفلى وأحيانا الشفة العليا فالتمباك يحتوي على مواد كيميائية تهيج الأنسجة الفموية ، مما يؤدي إلى التهابات اللثة وتراكم الجير وتسوس الأسنان، ومع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي هذا إلى سهولة فقدان الأسنان وتلف الأنسجة المحيطة بالفم، ورائحة الفم الكريهة. كما أن هناك ارتباطا وثيقا بين تعاطي التمباك وزيادة خطر الإصابة بأمراض السرطان، وتعتبر الأماكن مثل الفم والحلق والبلعوم واللسان والحنجرة هي المناطق الأكثر تلامسًا للمواد الضارة المكونة للتمباك بشكل مستمر؛ مما يجعلها عرضة للإصابة بالسرطان. كما تتضمن شمة التمباك مادة النيكوتين والتي تؤثر على الجهاز التنفسي بشكل سلبي في حالة تم تعاطيه من خلال استنشاقه، يمكن أن تسببب القسطرة المستمرة والاستنشاق المستمر للتمباك في تهيج الجهاز التنفسي وزيادة احتمالية الإصابة بالتهاب الشعب الهوائية والانسداد الرئوي والإصابة بأمراض التنفس التي تؤثر على القدرة التنفسية والصحة العامة للفرد.

وزيادة ضغط الدم وأمراض القلب، ويعد النيكوتين والتوتر الذي ينتج عن تعاطي التمباك أحد العوامل المسببة لزيادة ضغط الدم وانخفاض تدفق الدم في الأوعية الدموية؛ مما يزيد من خطورة واحتمالية الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل أمراض ارتفاع ضغط الدم، وفي حالات أسوأ النوبات القلبية والجلطات الدماغية وهذه هي الأضرار الصحية على القلب.

 

التأثير على الجهاز الهضمي :

 

تعد مواد التمباك المضافة والتناول المستمر له مسببات لالتهابات الجهاز الهضمي، والإصابة بقرحة المعدة والقولون وهي تعد أحد أضرار التمباك على البطن وعلى القولون .

 

الإدمان التبعية :

 

يحتوي التمباك على النيكوتين الذي يعتبر مادة مسببة للإدمان، قد يؤدي تعاطي التمباك بشكل منتظم إلى التبعية النفسية والجسدية للنيكوتين، مما يجعل من الصعب التوقف عن تعاطيه والاعتماد النفسي عليه من اجل السعاده الاصطناعية، وهي أضرار الشمة على الدماغ.

 

مخاطر وأضرار شمة الحوث :

 

أكد أحد الأطباء قائلاً : بأن شمة الحوت تسبب سرطانات اللسان، والفم، والحنجرة، وانسداد مجرى التنفس، وسرطان اللثة، وضعف المناعة، وهي أمراض تؤدي إلى مضاعفات خطيرة وفي حال عدم تداركها تؤدي إلى الوفاة.

 

ويذكر بأن هناك حملات أمنية قد نفذت في العاصمة عدن وغيرها من المدن لمنع بيع هذه السلعة الضارة، كما أن السلطات المعنية عملت على توقيف أكثر من شحنة تحمل سلعة مادة الحوث وإتلافها.

 

ملابس الشباب وطريقة اللبس :

 

أصبح هناك طرق مختلفة وغريبة للشباب في ارتداء ملابسهم وخاصة من هم في سن المراهقة. ونحن ليس ضد من يرتدي ويلبس الجميل والأنيق الراقي وفق الموضة المحاصرة ولكن يتوجب أن يكون اللبس بالشكل المعقول وأن يراعي تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف.

 

عادات دخيلة وخطيرة :

 

انتشرت بين أوساط الشباب والصغار الألعاب الإلكترونية التي أصبح الأغلبية يقضون معظم أوقاتهم عليها ليل نهار،وقد يتهاونون عن أداء الصلاة وضياع واجباتهم المدرسية من أجل تلك الألعاب. ومن الألعاب التي أدمن عليها الشباب البوبجي والجميز وبعض ألعاب المقامرة التي يلعبها البعض من الشباب دون معرفة مدى خطورتها دينيا ونفسيا وصحيا.

 

فمن المعروف بأن ألعاب المقامرة حرام وعليها إثم كبير ولكن هناك من يلعبها دون معرفة ذلك.

 

ومن المخاطر والأضرار النفسية والصحية للألعاب الإلكترونية التي تضر من يمارسها ..

 

الشعور بالقلق والتوتر إذا لم يتمكن من اللعب.

كثرة التفكير بما تم تحقيقه في اللعبة، أو بما سيفعله في المرة القادمة التي سيلعب بها.

الكذب ومحاولة إخفاء الحقيقة في الوقت الذي يقضيه في ألعاب الفيديو خاصة على الأهل والأصدقاء. والعزلة والانطوائية وتفضيل اللعب على الحياة الاجتماعية والعائلية.

 

تُروّج العديد من الألعاب المشهورة للعنف ويمكن أن يؤثر ذلك على العقليات والسلوكيات ويعزز الأفكار والمشاعر والسلوكيات العدوانية

ويمكن أن يستخدم اللاعبون لغة غير لائقة، كما أن هذه الألعاب سببت حالة من الإدمان للأطفال والمراهقين، كما أنها تؤثر بشكل سلبي على الصحة النفسية، حيث أدت إلى زيادة حالات التوتر والقلق والاكتئاب وقلة الثقة بالنفس، بالإضافة إلى فقدان مهارة التواصل مع الآخرين، والميل إلى الوحدة، وضعف الانتباه والتركيز، وقلة التحصيل الدراسي.

 

طرق المعالجة :

 

للأسرة دور هام في المعالجة والحد من هذه الظواهر والعادات الدخيلة، ولهذا يتوجب على رب الأسرة مراقبة أولادهم وتقديم النصيحة لهم.

كما أن للسلطات والجهات الرقابية والمهنية دور مهم في معالجة هذه الظواهر الدخيلة وغيرها من خلال مراقبة المحلات وغيرها من الأماكن وفرض قوانين صارمة وتوفير ما يشغل الشباب عن ماهم فيه.

 

كما أنه ينبغي على أئمة المساجد وخطبائها تقديم النصح والإرشاد للشباب وإرشادهم للطريق السليم ونصح أولياء الأمور وحثهم على القيام بواجباتهم. كما أن على منظمات المجتمع المدني والإعلام دور مهم من خلال الحملات التوعوية للشباب، ويتوجب توفير دورات وحملات طوعية للشباب لإشغال أوقات الشباب.

 

ختاماً .. إن أساليب الحرب متعددة الأصناف والأشكال والتي تستهدف بشكل مباشر شباب وبنات الجنوب العربي، من خلال انتشار المخدرات والترويج لها، وجعل كل الشباب يسقطون في فخ مظلم سيجعل منهم فريسة سهلة لضعاف النفوس وتجار الحروب والمخدرات، وقد أصبح الجنوب اليوم يعاني من الأزمات المختلفة وضنك الحياة المعيشية، وتدهور العملة وغلاء الأسعار وانتشار البطالة، إذ أن تلك الأشياء لن تنتهي إلا بتكاتف الجميع من سلطات محلية وأمنية ومنظمات مجتمع مدني، ومجالس آباء ومدارس، والعمل على مواصلة التوعية من خطورة المرحلة التي تستهدف الشباب الذين هم عماد المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى