أندية ساحل حضرموت الرياضية .. إنجازات سابقة وبنية تحتية متدهورة
كريترنيوز / تقرير / صبري باداكي
تشغل الألعاب الرياضية اليوم حيزًا كبيرًا من اهتمامات غالبية الفئات المجتمعية وخاصة الشباب، فهي الهاجس المسيطر على أحاديثهم ومتابعاتهم، بل ونرى آثاره على أجسادهم من ارتداء للقمصان الرياضية أو التشبه ببعض اللاعبين في حركاتهم وسكناتهم وحتى احتفالاتهم. هذه الحالة لم تقتصر على أبناء الخارج بل يعيشها اليوم شبابنا في مدينة المكلا، حيث تجد الملاعب المحلية والمقاهي والصالات تزدحم أثناء متابعاتهم لمباراة أو دوري لبطولة كروية أو لعبة أخرى من مجمل الألعاب الرياضية. وهذا الاهتمام الرياضي الشبابي بساحل حضرموت كان الأجدر به أن تتوازى معه بنية تحتية جيدة للمنشآت الرياضية، فساحل حضرموت يُعد مركزًا لشتى الألعاب وخاصة كرة القدم وأنديتها الرياضية.
فكان ساحل حضرموت في السابق يشهد زخمًا رياضيًا كرويًا واسعًا في حصد البطولات لأنديته وفرقه سواء المحلية على مستوى المحافظة أو على مستوى الجمهورية، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت فيها تلك الأندية ركودًا أو تقوقعًا من حيث نيل البطولات والمنافسة عليها، وهو ما دعانا إلى تسليط الضوء حول هذه النقطة لمعرفة المزيد من الأسباب وتقديم صورة واضحة لمعالجتها، وإعادة الألق الرياضي الكروي مجددًا إلى أروقة الأندية بساحل حضرموت.
إنجازات سابقة بانتظار عودتها :
قبل أن نبدأ تفاصيل التدهور، كان لزاما علينا التعريج على الإنجازات السابقة التي تم تحقيقها من قبل أندية ساحل حضرموت، بحيث تم تحقيق إنجازات كثيرة في كافة الألعاب الرياضية على مستوى المحافظة والجمهورية في ذاك الزمن الجميل، والحاضر ، امتلأت بها خزائن أندية ساحل حضرموت أبرزها نادي شعب حضرموت والتضامن والمكلا وأهلي الغيل ، هذه الأندية ربما أفتقدت إلى البنية التحتية وملاعب معشبة ومنشآت متكاملة تمارس فيها مختلف الألعاب، ولكنها فرضت أسماءها في سماء عالم التتويج لم تمنعها تلك الظروف والوضع المزري للأندية من قبل اتحاد الكرة.
مستويات متدهورة وبنية تحتية هشّة :
تراجع الأندية في ساحل حضرموت على منافسة الأندية الأخرى على مستوى المحافظات قد يشير إلى تدهور أداء الأندية المحلية في مديريات الساحل مقارنةً بالأندية الأخرى في المحافظات، وظاهريًا يتعلق هذا التراجع بعدة عوامل ومسببات أهمها الأوضاع الجارية حالياً المتمثلة في عدم الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي على مستوى البلد كاملًا، ونقص الموارد والدعم وقلة الاهتمام بالرياضة من قبل الحكومة، وهو ما ألقى بظلاله على البنية التحتيّة للمنشآت الرياضية بعمومها وخاصة في ساحل حضرموت، وجعلها تركن إلى الهشاشة تبعا للأوضاع العامة، وهو ما سبب للأندية هذا التراجع، بما في ذلك نقص الملاعب المعشبة ومرافق التدريب في منشآت الأندية بساحل حضرموت، رغم مشاركة بعض تلك الأندية في دوري الدرجة الأولى، ولذا تجد تلك الأندية المشاركة من ساحل حضرموت صعوبة في مثل هذه المشاركات، كون الملاعب التي يتدربون على أرضيتها ليست ملاعب جيدة من حيث مقاييسها القانونية، فهي لا تحظى بالتعشيب ولا حدود قانونية واضحة، وهو ما يعكس الصعوبة حين مشاركتها خارج منطقتها في ملاعب معشبة وذات مقاييس وخطوط قانونية واضحة.
فاقد الشي لا يعطيه :
هذه المشاركات المحملة بالعوائق اللوجستية المتمثلة في عدم وجود ملاعب جديرة بالتدرب على أرضيتها، والتي لا تتناسب والكم المتزايد من الرياضيين ولاعبي الأندية المتعطشة للمشاركة والمنافسة على البطولات المحلية والرسمية، التي ينظمها الاتحاد للدرجة الأولى والثانية والثالثة على مستوى أندية الجمهورية، إذ أنها منطقيًا لن تأتِ بنتائج مطلوبة للجمهور المنتظر منها في عموم ساحل حضرموت، بل ستكون النتائج عادة وفي غالبيتها مخيبة للآمال، وأن صعد البعض إلى المستوى فوق المطلوب قليلًا، غير أن البطولة عادة ما تذهب لغيره الذي يكون هو الآخر لديه بنية تحتية رياضية أفضل مما هي عليه بنية الأندية في ساحل حضرموت. فالمعادلة باتت واضحة أمام الجميع وكأنها تقول : “أعطني لاعبًا وبنية تحتيّة رياضية جيدة، أعطيك ألقابًا وبطولات مشرفة”.
وفاقد الشيء لا يعطيه!.
وقوف على المشكلة :
وللوقوف على هذه الإشكالية من وجهة نظر المسؤولين بساحل حضرموت، التقينا مسؤول الاتحادات والأندية بمكتب الشباب والرياضة بساحل حضرموت محمد الجفري، الذي أكد بأن نقص الملاعب وتجهيزاتها هو السبب الرئيس لتراجع مستوى أندية ساحل حضرموت وعدم منافستها على تحقيق الإنجازات، بعكس أندية المحافظات الأخرى. وأشار الجفري إلى أن عدم توفر ملاعب معشبة ومساحة قانونية يتدرب عليها هي ما تجعله يتفاجأ حين خروجه للمشاركة في محافظات أو مناطق أخرى، وهو ما ينعكس على أداء اللاعبين سلبًا.
وأضاف : لدينا ملعب بارادم هو الملعب الوحيد المعشب في ساحل حضرموت، لكنه يواجه مشكلة في مساحته، إذ أنها ليست بتلك المساحة المطلوبة وعدم حصول الجماهير المتزايدة على أماكن لها أثناء المباريات بسبب صغر الملعب ومدرجاته.
بصيص أمل :
وسألناه خلال لقائنا عن دور مكتب الشباب والرياضة إزاء هذه المشكلة وكيفية تجاوزها للوصول إلى الأمر المنشود والحصول على بنية تحتيّة جيدة لمنشآتنا الرياضية بساحل حضرموت، قال : إن مكتب الشباب والرياضة في ساحل حضرموت والسلطة المحلية بمدينة المكلا تعمل حالياً على بناء ملاعب معشبة لأندية شعب حضرموت والتضامن والمكلا، وقد تم افتتاح ملعب نادي شباب روكب المعشب عن طريق الاستثمار ، رغم عدم التزامه بالمقياس القانوني الذي يبلغ عرض الملعب 68 وطوله 90 إلى 100، لكننا نأمل في أن يتحقق ذلك في بقية الملاعب الأخرى”.
ضرورة الدعم الحكومي :
الحكومة لا بد وأن تكون لها مساهمات حاضرة أيضًا في هذا الجانب، بل هي الركن الأساس في الاهتمام بهذا الجانب، خاصة وأن شريحة الشباب في غالبيتها بساحل حضرموت مهتمة بالجانب الرياضي وتستشرف حصول أنديتها على بطولات طال انتظارها، وعليه فإن الأندية بساحل حضرموت لازالت تنتظر من الحكومة زيادة التمويل والدعم وأن تعمل الجهات المعنية أيضًا على زيادة مخصصات الأندية والدعم المالي، من خلال تخصيص ميزانيات إضافية لتطوير برامج التدريب وتحسين البنية التحتية الرياضية، وتوفير المعدات اللازمة للأندية، وكذا توجيه الاستثمارات لتأهيل وبناء ملاعب معشبة جديدة بمواصفات عالية الجودة بدلًا عن الملاعب الترابية الحالية، والتي ستسهم بشكل أو بآخر في تشجيع المشاركة لكافة الأندية والمنافسة في لعبة كرة القدم بشكل خاص وكافة الألعاب الأخرى عمومًا.
حلول بديلة :
ولأن المحافظة والبلد تعيش في ظروف غير مستقرة، وقد يتعذر الدعم الحكومي للأندية والبنية التحتية، قال الدكتور سعيد فرج الرمادي رئيس قسم التربية البدنية سابقًا بجامعة حضرموت ومستشار الاتحاد العام لكرة السلة بساحل حضرموت حاليًا حينما سألناه عمّا إذا كانت هناك حلول بديلة لتحسين ومعالجة البنية التحتية الرياضية وخاصة تعشيب الملاعب في ساحل حضرموت في حال عدم توفر الدعم الحكومي قال : نعم هناك طرق أخرى تتمثل في عدّة خطوط أولها إمكانيات وقدرات النادي نفسه، ثانيًا البيوت التجارية والمستثمرين، وثالثًا في الجمعيات والمؤسسات والمنظمات الأهلية الداعمة للشباب والرياضة”.
ويؤكد هذه الحلول المعيد في قسم التربية البدنية بجامعة حضرموت الحكم نائف باوزير، بالقول : “بالفعل هناك حلول أخرى عن طريق الاستثمار عبر التجار المستثمرين وخير دليل على ذلك تعشيب نادي شباب روكب عن طريق شركة قطاف، حيث تم الاتفاق بين الشركة والنادي بعمل تعشيب لمنشأة النادي ، وبذلك سيستفيد النادي من الملعب المعشب طيلة فترة الاتفاق مثلًا 15 أو20 سنة قادمة بالمقابل يستثمر باقي الوقت المستثمر ، فلو حصل ذلك مع بقية الأندية سترتقي ملاعبنا وأنديتنا بدورها وستتحسن للأفضل.