مسجد الإحسان التراثي بميفع.. بين الصمود في تحديات الزمان وحافة الانهيار

تقرير / أحمد باعساس:
يُعد مسجد الإحسان بميفع من المساجد التراثية المهمة في المنطقة، حيث تم إنشاؤه عام ٢٠٠١، وتناوب على إمامته عدد من الأئمة الأجلاء، كان أولهم الداعية الأستاذ عبد الله علي بن جماع الشبعان، رحمه الله.
وقد لعب المسجد دورًا محوريًا في نشر العلم والدعوة، حيث شهد إقامة حلقات قرآنية ودروس علمية ودورات صيفية ومحاضرات دعوية، تخرج على إثرها العديد من الحفاظ والدعاة الذين أسهموا في خدمة المجتمع.
لم يقتصر دور المسجد على الجانب العلمي والدعوي فحسب، بل امتد ليشمل أدوارًا اجتماعية وتربوية، حيث كان مركزًا للتكافل والتعاون ونشر الأخلاق الإسلامية. ويحتل المسجد مكانة خاصة نظرًا لموقعه الاستراتيجي في وسط المنطقة، مما جعله مقصدًا للمصلين وطلبة العلم.
“التحديات والمشاكل”
على الرغم من مكانته التاريخية والروحية، يواجه مسجد الإحسان العديد من التحديات التي تهدد بقاءه، ومنها:
-التلف الإنشائي: تعرض المسجد لتأثير العوامل الجوية والأمطار والرطوبة العالية في الصيف، مما أدى إلى تفكك بنيته، وسقوط أجزاء من البلاط الجانبي، وتشقق أساساته وسقفه، بالإضافة إلى ظهور حفر في أرضيته.
-ضعف البنية التحتية: يعاني المسجد من مشاكل في التجهيزات الكهربائية والصوتية، حيث لا تزال الأجهزة المستخدمة منذ تأسيسه، قبل أكثر من 20 عامًا، تعمل بشكل متقطع، مما أثر على جودة الصوت أثناء الأذان والصلاة. كما أن انعدام الكهرباء خلال النهار يحول دون تشغيل المراوح والإنارة، مما يجعل الظروف داخل المسجد غير مريحة للمصلين.
-الحاجة إلى التوسعة: نظرًا لتزايد عدد السكان في المنطقة، أصبح المسجد غير قادر على استيعاب المصلين، خاصة في المناسبات الدينية. كما أن الموضأ يحتاج إلى توسعة، والأبواب الداخلية والخارجية بحاجة إلى استبدال بسبب تآكلها.
-انعدام الصيانة الدورية: حيث لم يحظَ المسجد بأية صيانة جوهرية طوال السنوات الماضية، باستثناء توسعة بسيطة تمت في إحدى السنوات. كما أن انعدام الدعم المالي من المحسنين زاد من تدهور أوضاعه، حيث لم يتم ترميم الشقوق أو معالجة مشاكل الرطوبة التي تؤثر على هيكله.
“الحملات والمناشدات”
أطلق أهالي منطقة ميفع حملات واسعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مناشدين أهل الخير والمحسنين الإسراع في إصلاح المسجد وترميمه. كما توجه إمام المسجد، الأستاذ عبد المجيد بانارين، برسالة عاجلة يدعو فيها إلى دعم المسجد، مؤكدًا على الحاجة الملحة لتوفير منظومة طاقة شمسية، وإصلاح الأجهزة الكهربائية، وترميم الجدران المتشققة والأبواب المتآكلة.
وأعرب المصلون عن مخاوفهم من انهيار المسجد إذا استمر الإهمال، حيث بدأ بعضهم يتوجهون إلى مساجد أخرى بسبب سوء الأوضاع. إلا أن الحملة الأخيرة التي قادها الإمام لاقت تفاعلًا كبيرًا من قبل النشطاء والمهتمين، مما بعث الأمل في إمكانية إنقاذ المسجد.
“شعاع أمل”
بعد تفاعل المجتمع مع الحملة، ظهرت بوادر إيجابية تشير إلى إمكانية ترميم المسجد، خاصة أن تعمير المساجد يعد من الأعمال الجارية التي ينال بها المحسنون الأجر والثواب. كما أن توفير منظومة الطاقة الشمسية سيسهم في حل مشكلة انقطاع الكهرباء، مما سيعيد للمسجد حيويته وقدرته على أداء رسالته.
ختاماً..
يظل مسجد الإحسان بميفع تحفة تراثية تحمل ذكريات روحانية جميلة، من تكبيرات العيد وموشحات رمضان، إلى الجلسات الإيمانية التي كانت تعمر أرجاءه. لكن الإهمال الطويل جعله على حافة الانهيار، مما يستدعي تدخلًا عاجلًا من المحسنين لإعادة بنائه وفق تصميمه الأصلي، مع الحفاظ على طابعه التراثي.
فهل ستصل أصوات المصلين إلى من يريد أن تكون له صدقة جارية؟ وهل سيعود المسجد إلى سابق عهده، ليكون منارة للعلم والإيمان كما كان؟