في ظل سلطة الحوثيين..«المرأة اليمنية» انتهاكات جسيمة وتجريدها من الامتيازات والقداسة التي كانت تتمتع بها

كريترنيوز /صحيفة شقائق/ تقرير
كانت المرأة اليمنية في الجمهورية العربية اليمنية الشقيقة تتمتع بمكانة وامتيازات خاصة في المجتمع اليمني، تحظى بالتقدير والاحترام والقداسة وتعتبر رمزًا للكرامة وللقوة والصبر تاريخياً، وكان لها بصمات في مختلف جوانب الحياة، اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، و شريكًا أساسيًا في بناء المجتمع والمساهمة في صناعة القرار وعمادًا للأسرة، ولعبت دورًا حيويًا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفي مجال التعليم، عملت معلمة وإدارية في المدارس والجامعات، وفي مجال الرعاية الصحية، عملت طبيبة وممرضة وصيدلانية، وكذا رائدة أعمال ومشاريع، وكانت جزءًا هامًا من منظمات المجتمع المدني، عملت على تعزيز حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين.
تمارس حياتها الطبيعية وهي محاطة بخطوط حمراء تحول دونها ودون استهداف المجتمع لها لفظياً أو مادياً، مقدّسة داخل حصن شديد مشيّد بالثقافة الاجتماعية والأعراف القبلية المتوارثة مُنذ زمان بعيد، رغم التطور الحاصل في كل المجتمعات عالمياً.
فالحجاب أو ما يسمى بالحجاب الإسلامي يميزه اليمنيون بأسماء متعددة، ففي صنعاء يطلقون عليه اسم “طرحة” أو “سترة” أو “برقع”، يعد الحجاب رمزاً دينياً ارتبط ارتباطاً وثيقاً بحياة المرأة اليمنية المحافظة منذُ نعومة أظفارها.
لذلك، كثيراً ما تعتز المرأة اليمنية بلباسها المصون، ويعتز بها أهلها وذووها وحتى أبناء قبيلتها، فإذا ما حدث أي مكروه لأي امرأة كأن تنزع حجابها أو تحرق طرحتها أو حجابها الأمر الذي يستدعي استنفاراً قبلياً لنجدتها أو ما يسمى بـ” النكف القبلي”، وهذا الإجراء يجعل كل القبائل التي لها علاقة تستنفر لتلبية طلب تلك المرأة وإنصافها، حتى وإن أعقب ذلك الدخول في حروب مع قبائل أخرى، أو مع الدولة في حال لم يتم التوصل إلى حل.
الحوثي يدوس بنعاله على حجاب المرأة اليمنية في صنعاء:
ولكن في ظل سيطرة مليشيات الحوثي الإرهابية، فقدت المرأة اليمنية الكثير من الامتيازات والقداسة، بل انتهكت كرامتها وصولاً إلى الدوس بالنعال على حجابها المقدس وسط العاصمة اليمنية صنعاء..
فخلال مقطع فيديو، وثق ناشطون قيام عناصر حوثية باستخدام العنف ضد وقفة احتجاجية لأمهات مختطفين في سجون الحوثي، يطالبن بإطلاق سراح ذويهن، حيث نزع بعض المحتجات الحجاب وقمن بإحراقه أمام مبنى إدارة أمن العاصمة، لعل وعسى يحترم الحوثي تلك التقاليد القبلية المقدسة ويستجيب لمطالبهن، ولكن حدثت مفاجأة غير متوقعة، حيث قام عناصر الحوثي بالدوس على الحجاب المحترق بالأقدام، وتفريق الوقفة الاحتجاجية بالقوة، والمصيبة الأعظم أن قبائل المنطقة لم تقم بأي ردة فعل إيجابية، وظل ذلك الفعل وصمة عار على جبين الحوثيين وعلى جبين قبائل صنعاء. وأشار البعض إلى أن دوس الحوثي حجاب النساء اليمنيات بنعاله، يحمل دلالات خطيرة تضر بسمعة القبيلة اليمنية وتقلل من شأنها ومكانتها.
اعتقالات وعمليات إخفاء قسري:
بحسب تقارير موثقة، تمادت مليشيات الحوثي وأفرطت في انتهاكاتها في حق المرأة اليمنية، تلفيق تهم كيدية، اعتقالات وعمليات إخفاء قسري طال ناشطات في المجتمع المدني، ممن ألبستهم تهمة التواطؤ مع أطراف خارجية، حيث أصبح تلفيق التهم أداة لإسكات أي صوت معارض. والعجيب أن هذا العيب الأسود يحدث في مجتمع قبلي يتفاخر بحماية المرأة وصون كرامتها.
أواخر العام الماضي اعتقل الحوثيون الإعلامية سحر عبدالإله الخولاني، بعد انتقادها السياسات القمعية للحوثيين، وتناولها صراحة الوضع الاقتصادي المتردي في مناطق سيطرتهم، والحرمان من الرواتب والفساد المستشري، مع جمهورها الواسع من المتابعين، مكرّرة مطالبها علناً بسداد راتبها المستحق كموظفة رسمية في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون.
اتهم وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمنية معمر الإرياني، الحوثيين بتعذيب الإعلامية لدرجة فقدانها الوعي، قبل نقلها إلى المستشفى في حالة حرجة. وكذا اعتقال عدد من أفراد أسرتها، بما في ذلك والدتها وشقيقتها مع أطفالها الصغار، في خطوة اعتبرتها المنظمات الحقوقية المحلية عقابًا جماعيًا تفرضه السلطات الحوثية. وقالت وسائل إعلام إنه تم الإفراج عن الإعلامية الخولاني عقب شهور من اعتقالها وتعذيبها.
قمع ومصادرة حقوق:
تعيش الكوادر النسائية بمناطق سيطرة الحوثيين تحت القمع ومصادرة الحقوق، ووثقت منظمة حقوقية تعرُّض أكثر من خمسة آلاف امرأة للانتهاكات، من بينهن أكثر من 500 امرأة تم إيداعهن السجون، بينما لا تزال الجماعة تخفي قسراً 69 امرأة في 3 محافظات.
ومع تنبيه الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 6 ملايين امرأة وفتاة في اليمن يواجهن مخاطر متزايدة من الإيذاء والاستغلال، ذكرت «الشبكة اليمنية للحقوق والحريات» في تقرير لها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، أن الحوثيين ارتكبوا 5282 انتهاكاً بحق النساء خلال الفترة من 2017 وحتى بداية العام 2025م.
وبحسب التقرير، توزعت تلك الانتهاكات بين 1466 حالة قتل، و3379 حالة إصابة جراء القصف المدفعي وانفجار الألغام والعبوات الناسفة، وكذلك أعمال القنص والإطلاق العشوائي للرصاص الحي، بالإضافة إلى 547 حالة اختطاف واختفاء وتعذيب.
ووثقت الشبكة قيام الحوثيين باختطاف واحتجاز 547 امرأة في 12 من محافظات البلاد، خلال الفترة التي يغطيها التقرير، وبيَّن أن 69 امرأة ممن اختطفتهن تم اقتيادهن إلى سجون سرية، وتعرضن للإخفاء القسري لفترات تراوحت بين 3 شهور إلى سنة كاملة، قبل أن يتم الكشف عن أماكن احتجازهن، بينما لا يزال مصير البعض منهن مجهولاً حتى اللحظة، ومن بينهن 47 حالة اختفاء في أمانة العاصمة، و13 حالة اختفاء في محافظة صنعاء، و9 حالات اختفاء في الحديدة، مع التكتم على الكثير من الحالات الأخرى التي لا تعد ولا تحصى، بذريعة الإضرار بسمعة وشرف الأسرة والقبيلة.
الزينبيات ذراع الحوثيين المسلح الناعم.. تجسس وقمع وتعذيب:
في سياق متصل، وللإمعان في سياسة إذلال وإهانة المرأة اليمنية، أنشأت مليشيات الحوثي الإرهابية ذراعاً مسلحاً نسوياً أطلق عليه “الزينبيات”، حيث كان هذا الجهاز في بداياته يقوم بالاستقطاب والحشد والتبشير بدعوة الحوثي، تترأسه من يدعين أنهن هاشميات، وتم تنظيم المنتميات له وتدريبهن بشكل عسكري على استخدام السلاح في كل من إيران ولبنان، وتم إيكال مهام لهن، كدعم الجبهات، والاقتحامات، وتعذيب النساء في السجون، والحشد للمناسبات الحوثية والمهرجانات، وتنفيذ محاضرات فيها، وكذلك التجسس على المنازل والمراسلات، حيث يحرصن على التواجد في المناسبات النسائية، ويقمن برصد من تتحدث بالاعتراض على الحوثيين، ويقمن باعتقالهن لإسكاتهن وتخويف الناس، كما يقمن بتأدية ما يعرف بـ”الصرخة” عند زيارتهن لمناسبات الزواج والموت.
ختامًا..
حياة وحرية وكرامة المرأة اليمنية بمناطق سيطرة الحوثيين على المحك، وتفافم وضعها في ظل سكوت وخذلان القبائل اليمنية التي كانت تتفاخر بقداسة ومكانة المرأة وصون عرضها وكرامتها، ولكن كل ذلك التشدق والضجيج الذي أصم أسماعنا، تبخر أمام جبروت الحوثي.
وفي ظل هكذا خذلان، يتعين على المجتمع الإقليمي والدولي والمنظمات ذات الصلة سرعة التحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.