تقارير وحوارات

جماعة الحوثي.. كيف نشأت ؟وكيف تحولت إلى قوة مسلحة؟

كريترنيوز / تقرير/ محمود أنيس

مقدمة:
جماعة الحوثي في اليمن بدأت تتكون بشكل رسمي في أوائل التسعينيات من القرن العشرين. بالتحديد، تأسست الجماعة في عام 1992 على يد حسين بدر الدين الحوثي، الذي كان زعيم حركة دينية وسياسية تنتمي إلى الطائفة الزيدية الشيعية في شمال اليمن.

في البداية، كانت الجماعة حركة دينية وثقافية تهدف إلى إعادة إحياء المذهب الزيدي والدفاع عن حقوق أتباعه. وكان ظهورها الأول في بداية التسعينيات مثلما ذكر أعلاه، وذلك مع تشكيل أول حركة باسم “الشباب المؤمن”، مدفوعة بواقع التهميش الذي تعاني منه مناطق الزيديين الذين تقدر نسبتهم بحوالي 35 إلى 40 في المائة من سكان اليمن. واتخذت الحركة في بادئ الأمر طابعاً فكرياً عبر التركيز على البحث والتدريس ضمن إطار المذهب الزيدي.

ولفتت الحركة الأنظار إليها أكثر بعد تزايد نشاط الشبان المنخرطين في صفوفها، الذين كانوا يرددون هتافات مثل “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”، خلال صلاة الجمعة في المساجد. ويُعتقد أن شعار الحوثيين هذا مستوحى من أيام الثورة الإيرانية عام 1979.
وللأسف فقد تعاملت السلطات معهم ببعض الليونة؛ إذ كانت تعتقلهم وتطلق سراحهم بعد فترة قصيرة ويعودون إلى نشاطهم السابق.

ثم تطورت إلى حركة سياسية وعسكرية مع مرور الوقت، خاصة بعد عام 2004 عندما بدأت مواجهات مسلحة بينها وبين الحكومة اليمنية

بدايات تكوين الجماعة

بدأت جماعة الحوثي تتشكل في مطلع التسعينيات من القرن العشرين، وبالتحديد في عام 1992 تحت مسمى “الشباب المومن”.
المؤسس: حسين بدر الدين الحوثي، رجل دين زيدي ولد في محافظة صعدة شمال اليمن، والذي كان له دور رئيسي في تأسيس الحركة.
التسمية: تعرف الجماعة أيضاً باسم “أنصار الله”، وهو الاسم الرسمي الذي اعتمدته في مراحل لاحقة.

ارتبط الزعيم الأول للحركة حسين بدر الدين الحوثي، ابن رجل دين زيدي بارز، في بداية مسيرته السياسية، بحزب سياسي صغير كان يعرف باسم “الحق”، وفاز هذا الحزب بمقعدين في برلمان اليمن في انتخابات 1993، وشغل حسين أحدهما خلال الفترة ما بين 1993 الى 1997.

وبعد 11 سبتمبر/أيلول 2001 وما تلاه من أحداث كغزو العراق، اتبع حسين الحوثي نهجاً فكرياً جديداً جمع بين “إحياء العقيدة” و”معاداة الإمبريالية” متأثراً بالأفكار العامة للثورة الإسلامية في إيران.
فاتسع نطاق نشاط “الشباب المؤمن” الذي كان في البداية يقتصر على الدفاع عن حقوق أبناء منطقة صعدة، ليشمل تقديم خدمات اجتماعية وتعليمية، واكتسب طابعاً سياسياً أكثر وضوحاً وحدة تمثل بمعارضة حكم الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح.

العوامل المحفزة لتكوين الجماعة:

ومن الطبيعي بأن تكون هناك عوامل لتكوين الجماعة ونشاتها، وذلك جاء من خلال شعور أتباع المذهب الزيدي في شمال اليمن بالتهميش السياسي والاقتصادي بعد توحيد اليمن في 1990.
ومن العوامل أيضاً التغلغل المتزايد للأفكار السلفية والوهابية في مناطق الزيدية، والتي اعتبرها الحوثيون تهديداً لمعتقداتهم وثقافتهم.
كما أن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي مر بها شمال اليمن، والتي أثرت على السكان المحليين وأدت إلى تراجع مستويات المعيشة، عامل من عوامل تكوين وظهور جماعة الحوثي.
كذلك من العوامل تلقي الجماعة دعماً وتوجيهاً من بعض الشخصيات الدينية والقوى المحلية، التي كانت ترفض النفوذ الخارجي وتطالب بحماية الهوية الزيدية.
ولا ننسى تقاعس الدولة حينها مع بدايات تشكيل الجماعة فهذا عامل مهم أيضاً.

تحولها إلى جماعة مسلحة:

تحولت الحركة إلى تنظيم مسلح في عام 2004 في غمرة المواجهات مع القوات الحكومية، وهو العام الذي قُتل فيه حسين الحوثي، ليخلفه شقيقه الأصغر عبد الملك في قيادة الجماعة.
حيث اتخذت الحركة أسماء مختلفة حتى استقرت في النهاية على اسم “أنصار الله” المعروف بالحوثيين.

وعلى الرغم من أن الزيديين حكموا اليمن عبر التاريخ حتى الإطاحة بحكم الإمام في شمالي اليمن عام 1962، ظل معقل الحوثيين البعيد عن سلطة الحكومة المركزية في صعدة مهملاً ومهمشاً، مما اضطر أبناء المنطقة إلى الاعتماد على الذات في إدارة المنطقة وبناء ما أمكن من بنية تحتية بمواردهم الذاتية.

وترى الباحثة البريطانية في الشأن اليمني، شيلا وير، أن هناك سبباً آخر لبروز الظاهرة الحوثية في اليمن، وله علاقة مباشرة بانتشار الجماعات السلفية والوهابية وتزايد نفوذها في اليمن، ووصولها حتى إلى معاقل الحوثيين، مما شكل تهديداً للنسيج الاجتماعي والديني الراسخ في المنطقة.

وتقول وير “حتى ثمانينيات القرن الماضي كانت جبال صعدة زيدية خالصة، وتسيطر عليها طبقة من “السادة” تبلغ نسبتها 5 في المئة من السكان، لكن في تسعينيات القرن الماضي برزت ظاهرة السلفية في معقل الحوثيين وتسببت بإحداث شرخ واضح في المجتمع المحلي، وكان ذلك بدعم وتمويل من المسؤولين اليمنيين بمن فيهم الرئيس علي عبد الله صالح ورجال أعمال يمنيين واخرين”.

وبالاطلاع على البدايات للحوثيين، فقد غيرت العوامل من الجماعة وحولتها بشكل كبير عن ما كنت عليه.
مما بدا من تحولها إلى جماعة مسلحة، أنها خاضت معارك مع الدولة والحكومة اليمنية حين ذاك.
فقد بدأت أول الحروب المعروفة بالحروب الستة بينها وبين الدولة في عام 2004م.
حيث شهدت محافظة صعدة والمناطق المجاورة ست جولات قتال بين الحوثيين والجيش اليمني.
وعززت تلك الحروب من قوة الجماعة العسكرية، وزادت من عداء القبائل المحلية للحكومة بسبب الدمار والنزوح، ما وفّر للحوثيين بيئة حاضنة لما تقوم به من تمرد وعصيان على الدولة.

ومعروف بأن هناك أطرافاً ساهمت في تقوية جماعة الحوثي، وتاجيج الصراع المسلح بينها وبين الدولة لأجل أجندة ومصالح تخدم أطراف خارجية وداخلية.

ختاماً..
حاولنا في هذه الحلقة (الأولى) استعراض بدايات تشكيل وإنشاء جماعة الحوثي وتحولها، وبدايات صراعها مع الدولة.
كما أننا ننوه بأن مصادرنا حول الحلقة الأولى وباقي الحلقات ستكون وفق متابعات وقرارات متنوعة عن الجماعة.

زر الذهاب إلى الأعلى