تقارير وحوارات

جمعية الحسي النسوية في ميفع حضرموت.. نموذج جامع بين التراث الطبيعي وتوفير فرص عمل للمرأة الريفية.

كريترنيوز /تقرير / صبري باداكي

في مدينة ميفع بمديرية بروم ميفع بمحافظة حضرموت، تأسست جمعية الحسي النسوية لإنتاج الملح البحري، كمبادرة مجتمعية فريدة من قبل مجموعة من النساء القدامى، اللاتي لاحظن أهمية الاستفادة من الملح البحري الذي كان يُهمل أمام المنازل، ولاحظن أن هذه الثروة الطبيعية يمكن تحويلها إلى مصدر دخل مستدام بدلًا من تركها تتعرض للأتربة والتلوث.

“التأسيس”

من بين ركام الأشياء المهملة في منطقة ميفع، ظهرت جمعية الحسي النسوية لإنتاج الملح البحري بعد جهود حثيثة بُذلت، ربطت الليل بالنهار لتأسيس كيان يهتم بالجانب النسوي داخل المنطقة، بهدف للحفاظ على إرث الأمهات والعُقّ الخاص بهن، في خطوة جبارة تُعد استثمارًا حقيقيًا في سبيل تحسين الأوضاع المعيشية الصعبة لديهن ولأَسَرِهِنَّ، لتسويق الملح البحري بعد عملية ومراحل استخراجه، ليدخل في معمل الطحن الخاص بالجمعية، وبعدها يتم تسويقه للمحلات التجارية ليشكل رافدًا اقتصاديًا للجمعية وأعضائها.

وجاءت فكرة تأسيس جمعية الحسي النسوية لإنتاج الملح البحري، من قبل مجموعة من النساء القدامى، وتضم نحو 500 عضوة، بعد معاناة من أن الملح الذي تستخرجه الأمهات من العُقّة، كان يتم رميه خلف بيوتهن، ويبقى لفترة طويلة، ويتلوث بالتراب والأوساخ.
بعد متابعات حثيثة وتعاون جميع المحسنين للمشاركة وتبادل الآراء، حينها تم إعلان تأسيس هذا الكيان (جمعية الحسي النسوية) لإنتاج الملح البحري، في شهر ديسمبر عام 2019م، برئاسة خميس يسلم صالح باحتروش، لتمارس نشاطها بشكل رسمي في موقعها الذي يبعد عن سكن المستفيدات حوالي 7 كيلومترات.

“مراحل استخراج الملح من العُقّة”

بعد إعلانها رسميًا من قبل مكتب وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بساحل حضرموت، باشرت جمعية الحسي النسوية لإنتاج الملح البحري عملها على أرض الواقع في إنتاج الملح وتسويقه، في عملية استثمار ورافد اقتصادي للأعضاء من الكادر النسائي داخل منطقة ميفع.

ويمر استخراج الملح من العُقّة بعدة مراحل حتى وصوله إلى معمل الطحن وتجهيزه لتسويقه للمحلات التجارية، المرحلة الأولى: عملية استخراج الملح من الأحواض مختلفة الأحجام (حوض يستخرج 300 كيلو، وآخر متوسط 250 كيلو، وأحواض تستخرج من 200 و 150 كيلو)، وتكون في فترات نزول العضوات للعُقّة بعد شهرين وفترات متفاوتة. والمرحلة الثانية: ترك الملح في مساحة التجفيف حيث يترك لمدة أسبوع حتى ينشف من الماء. المرحلة الثالثة: يتم تعبئته في جواني (50 كيلو)، ويترك أيضًا مدة أقصاها ثلاثة أيام. المرحلة الرابعة: يتم نقله إلى المعمل عبر سيارات. المرحلة الخامسة والأخيرة: يتم تنظيفه من الشوائب حتى يكون جاهزًا للطحن، ووضعه في شدة حرارة الشمس (حوالي 25 طنًا) لتسويقه.

“إنجازات باهرة”

من رحم المعاناة برزت الجمعية بتسويقها ما يقارب 25 طنًا من الملح البحري، بعد مراحل عديدة وجهد كبير من قبل الأمهات عضوات الجمعية، في سبيل السعي للحصول على لقمة العيش لهن ولأَسَرِهِنَّ، بالحصول على عائدات مالية من خلال استغلال عُقّة الملاحة، تحت إطار كيان وُجد من أجل الاهتمام بهن.
حققت الجمعية العديد من الإنجازات الباهرة في فترة قصيرة منذ تأسيسها، ومن هذه الإنجازات أنها وفرت فرص عمل للأمهات والكادر النسائي، وأنشأت معملًا للقيام بطحن الملح وتجهيزه لتسويقه للمحلات التجارية، وسعت للحصول على سيارة خاصة بالجمعية، وتحققت أمنيتهم بذلك للتخفيف من أعباء أجرة السيارات الأخرى في نقل الملح إلى المعمل، في ظل وجود إدارة حكيمة يترأسها الأخ خميس باحتروش وعلي صلاح بابدو، وكافة أعضائها الذين يعملون من أجل تحقيق إنجازات للجمعية ونشاطها في العمل الذي تقوم به.

“آراء”

عبر عدد من الشخصيات الاجتماعية والأمهات ومجلس الإدارة بالقول: إن تأسيس جمعية الحسي النسوية لإنتاج الملح البحري بمنطقة ميفع، يُعد خطوة جبارة في الطريق الصحيح للاهتمام بالكادر النسائي داخل المنطقة، ويوفر لهن فرص عمل مختلفة للحصول على لقمة العيش بعرق الجبين، بعد بذل مجهود غير عادي في استخراج الملح من عُقّة الملاح بعدة مراحل.

تحقق جمعية الحسي النسوية إنجازات تُحسب لها، بفضل الله تعالى ثم بجهود مجلس إدارتها للتخطيط المحكم، مما جعلها تسير في طريق صحيح وتسلك مسار النجاح، في ظل دعم المحسنين من المنظمات والمؤسسات والجمعيات الخيرية، لتكون واجهة اقتصادية للأمهات.

كما أن جمعية الحسي النسوية لإنتاج الملح بحاجة ماسة للدعم الحكومي أو غير الحكومي، حتى تتمكن من توسيع نطاق عملها ونشاطها في إنتاج الملح البحري، من خلال توسعة معمل الطحن لديها حتى يواكب طموحها المنشود بزيادة إنتاجها الشهري.
وفي السياق، طالبت العضوات في الجمعية برفقة مجلس إدارتها، بتقديم الدعم الوافر لهم في ظل تشجيع المشاريع الصغيرة الأهلية، من أجل الاستمرار في نشاطها لإنتاج الملح البحري. فالنسوة بحاجة إلى بناء معمل كبير للعمل فيه من أجل حفظ إنتاجهن وماكيناتهن التي تقوم بطحن الملح، لتطوير جمعيتهن وتنمية أعمالهن بالمهارات الحرفية المختلفة بأشكالها المتنوعة. وهكذا كانت الآراء والرسائل التي عبرت عن سعادتها بتكوين وتأسيس هذه الجمعية.

ختاماً..
تسعى جمعية الحسي النسوية إلى تعزيز مكانة المرأة في المجتمع، من خلال إشراكها في عملية إنتاج الملح البحري وتسويقه. كما تهدف إلى الحفاظ على البيئة عبر الاستفادة من الموارد الطبيعية بشكل مستدام.
وتظل هذه الجمعية شاهدًا على قدرة النساء على تحقيق أهداف اقتصادية واجتماعية تساهم في تنمية مجتمعهن المحلي.

زر الذهاب إلى الأعلى