تقارير وحوارات

«زهرة صالح».. الصخرة التي تعثرت بها طموحات المحتل اليمني وخابت آماله

كريتر نيوز/تقرير / نوال باقطيان

زهرة صالح (صخرة الجنوب ) أمرأة بألف رجل ، مناضلة جسورة لاتهاب الموت ، مقاومة شرسة ذو مواقف صلبة ومبادئ عاتية ، افنت زهرة شبابها في مواجهة آلة الشر اليمنية وصلافة سلطاتها وفي سبيل استعادة الجنوب العربي هوية وارضاً وشعبا، صحيفة شقائق تفرد طيات صفحاتها لإشراقات من مسيرة زهرة صالح صخرة الجنوب أو بما يسميها البعض زهرة الجنوب.

زهرة صالح المولد والنشأة:

عادة في حلكة الظلام ماينبلج سهماً من الضوء يكسر قتامة الظلام ، وعادة من ركام اليأس والحزن مايخلق طائر العنقاء من بين الخرائب لينشر الأمل في الارجاء ، وزهرة صالح وسط حلكة الانكسارات انبلج سهمها الجامح لينير الكون في الجنوب ويحيل ظلمتها نوراً ينهض بها مجدداً.

ولدت المناضلة والثائرة زهرة صالح في 7 أكتوبر 1965 م في عاصمة الجنوب عدن، ودرست في مدارس العاصمة عدن الابتدائية في مدينة التواهي لتكمل دراستها الإعدادية في مدارس أبين ، ثم عادت مجدداً إلى مدينة التواهي لإكمال دراستها الثانوية ، بعدها توظفت في محكمة التواهي إلى عام 1993 م، بعدها رفضت الانصياع للمحتل والعمل في دوائره الحكومية.

بداية الانخراط:

انخرطت زهرة صالح مع مسيرات الحراك عام 2007م وكانت أول أمرأة تقف على منصة ساحة العروض في تاريخ 7/ 7/ 2007م لالقاء كلمة خطابية فيها، ومنذ انخراطها في صفوف الحراك الجنوبي وهي تتولى مهام رص الصفوف وجمع الشباب وتنظيم المسيرات في عاصمة الجنوب عدن وفي باقي المحافظات الجنوبية ، تشعل نار الحماسة في قلوب الشباب وتحقيق حلم كثيراً ماروادها في استعادة دولة الجنوب.

كيف تم اطلاق اللقب صخرة الجنوب:

ولانها المناضلة الجسورة التي لاتحيد عن مسارها ولاتلين في وجه اعتداء الانواء والمواجهات والتي دوماً ماكانت مقاومة شرسة، أطلق عليها شباب الثورة انذاك لقب بصخرة الجنوب والتي دوماً ما تفتت عليها طموحات وأحلام المحتل في فرض الوحدة على الجنوب.

أعمال المناضلة والثائرة زهرة صالح:

إلى جانب رص صفوف الثوار وتنظيم وتحديد مكان ووقت المسيرات ، كانت زهرة تجمع التبرعات من الثوار في الحراك الجنوبي المتواجدين خارج الجنوب لتقديم يد العون لأسر الشهداء والجرحى وتلبية احتياجات الشباب أثناء المسيرات،كما كانت تساهم في أبراز القضية الجنوبية دولياً من خلال استقبال الصحفيين خلسة ومرافقتهم لمقابلة قادة الحراك الجنوبي والاطلاع على أوضاع الجنوب في ظل المحتل اليمني والانتهاكات الإنسانية التي تطال قادة الحراك،
ولعل مايحضرنا الآن واقعة الصحفيين الإمريكيين الذين قامت زهرة صالح باستقبالهم وتهريبهم إلى محافظة الضالع وكذلك ردفان ويافع ، وهناك التقى الصحفيين بقادة الحراك وحضروا مهرجانات الحراك، وعندما عادوا إلى عدن ألقى الأمن السياسي القبض عليهم واحيلوا إلى التحقيق لمعرفة هوية من قام بتهريبهم، عندها تدخلت السفارة الأمريكية وتم بعد ذلك ترحيل هؤلاء الصحفيين إلى أمريكا والختم على جوازاتهم بمنعهم من دخول اليمن مجدداً.

الاحتلال اليمني واعتقال زهرة:

لم يرق السلطات اليمنية ماتقوم به زهرة من أعمال بطولية في سبيل استعادة دولة الجنوب ، لذا قاموا بالمحاولة تلو المحاولة لاخراس صوتها تارة بالعروض المغرية من السلطات اليمنية ، حيث قام الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح بالاتصال بزهرة وقام بعرض عليها وظيفة حكومية بدرجة وكيل وزارة، كما عرض عليها حرية إنشاء مختلف الجمعيات وتمويلها إلا إن كل هذه المحاولات باتت بالفشل ورفضت زهرة الاستسلام، وأن تحيد عن قضيتها، وبدت زهرة أكثر صلابة من دي قبل ، لكن المحتل اليمني لم ييأس من المحاولة في تحطيم الصخرة التي حالت دون تحقيق رغباته ماكان منه الا أن لجأ إلى اعتقالها أكثر من مرة وايداعها السجن لتوجه لها التهمة بالتعاون مع الحراك الجنوبي وزعزعة الأمن ، وكانت بذلك أول أمرأة جنوبية يتقطع لها جيش من جحافل الأمن المركزي لاعتقالها وهي في طريقها إلى أبين لتشارك بالفعالية التي دعا لها الشيخ طارق الفضلي في العام 2009م،

وكان آخر اعتقال لها أثناء فعاليات خليجي عشرين حيث تفاجأت أسرة زهرة صالح بوقوف عدة أطقم عسكرية أمام منزلها لاعتقالها، يقول والد زهرة المحامي صالح عبدالله ناجي: في المساء فوجئنا بعدة أطقم أمام المنزل تريد اعتقال زهرة إلا أننا لم نفتح لهم الباب وظلت هذه الأطقم إلى الفجر بعدها لجأت إلى أحد جيراني لتهريبها والذي تعاون معي مشكوراً وخبأها لديه بالمنزل إلى اليوم التالي، بعدها دخلت القوات منزلنا وفتشوه للبحث عن زهرة ، وفي اليوم التالي خرجت زهرة من منزل جارنا واستقلت تاكسي إلا أن تلك القوات لحقت بها وقامت باعتقالها وأودعت سجن معسكر طارق في البحث الجنائي منذ نهاية أكتوبر حتى بداية شهر يناير ووجهوا لها تهم الانتماء للحراك الجنوبي والتحريض ضد الاحتلال اليمني.

خلال الاعتقال لم تستسلم زهرة لضغط سلطات الاحتلال اليمني للتراجع عن مبادئها وقيمها ورفضت مقابلة مدير الأمن عبدالله قيران والاستسلام لهم ، وبعد إنتهاء دوري خليجي عشرين أفرجت السلطات اليمنية عن زهرة وكانت آخر عملية اعتقال لزهرة صالح ليسدل بذلك المشهد الأخير من محاولات السلطات اليمنية عبر آلتها القمعية لثنيها عن مسيرتها النضالية ، ليبدأ بذلك مشهد آخر أكثر شراسة وهنجعهية.

كيف حاول الاحتلال اليمني اغتيال المناضلة والثائرة زهرة:

أرادوا اخراسها وكتم صوتها الذي دوماً ماكان يصدح في ميادين العزة والشرف لعودة الحق لأهله، فمارسوا أشد أساليب التنكيل تارة بالاعتقال والتهديد وتارة أخرى بمحاولة القتل والتصفية،وكانت أول العمليات استهداف المتظاهرين في محافظة أبين وسقوط تسعة عشر شهيداً، وكانت زهرة صالح في مقدمة هذه المسيرة، يقول والد زهرة المحامي صالح عبدالله: وصلني خبر وفاة ابنتي في هذه المجزرة إلا أنني بعد ذلك فوجئت باتصال من أبنتي تحدثني بأنها بخير، وفي يوم 3/ 4/ 2014م وفي طريق عودة زهرة صالح من مدينة كريتر إلى التواهي بعد مشاركتها بمسيرة هناك أقلت باص أحد جيرانها وبالقرب من منزلها فوجئت بالقاء مسلحين مجهولين إثنين من القنابل اليدوية عليها لتصفيتها مما أدى إلى جروح بليغة في ساقيها أدت إلى قطع أحد ساقيها.

رحلة علاج الثائرة زهرة صالح:

أثر الحادث الجبان التي تعرضت له زهرة صالح نقلت إلى مستشفى أطباء بلا حدود وبعدها تم نقلها إلى مستشفى النقيب الذي مكتث فيه إلى تاريخ 15/ 7/ 2014م حينها توجهت بمعية والدها والدكتور عبد الرحيم شيخ محسن إلى الهند لتلقي العلاج ، حينها وعد الرئيس عبد ربه هادي بالتكفل بتكاليف العلاج كاملة ، إلا أن السلطات اليمنية صرفت عشرة ألف دولار فقط لعلاجها.

يقول والد زهرة المحامي صالح عبدالله: تم صرف لنا عشرة ألف دولار فقط من السلطات اليمنية لتغطية نفقات العلاج والتي أنتهت دون إكمال العلاج، مما أدى إلى بتر ساقها ، ولولا وعد الرئيس هادي بالتكفل بنفقات العلاج كاملة لم يتأخر الشرفاء والمناضلين في تقديم النقود لعلاجها،

وأشار ولد المناضلة والثائرة زهرة بالقول: الشيخ العيسائي قدم عشرة ألف دولار كما قدم فاعل خير رفض كشف هويته عشرة ألف دولار كما حوّل بعض الشباب من أمريكا أبرزهم الاخ أحمد الصالح مبالغ مالية، لكن كلها للأسف جاءت متأخرة بسبب وعد السلطات اليمنية وبعد بتر ساقها.

استمرار العلاج:

استمرت زهرة بتلقي العلاج في الهند ، بعدها عادت زهرة أكثر صلابة وقوة وعادت من رحلة العلاج في الهند إلى الساحات مباشرة وفي تاريخ 7/7 حضرت زهرة صالح مهرجان للحراك في التواهي والقت فيه كلمة خطابية، وفي أحد مشاركتها في مهرجان للحراك في محافظة أبين وعلى كرسيها المتحرك دفعت من أحد جنود الاحتلال اليمني المتواجد هناك وأصيبت في العمود الفقري سافرت أثرها للعلاج إلى الأردن وقدم حينذاك الشيخ صالح بن فريد مبلغ 50 الف دولار وأجرت هناك عملية جراحية في العمود الفقري، وتدهورت حالة زهرة صالح وسافرت إلى الهند وأجرت عمليتين جراحيتين الذي أكتشف اثناءها وجود خلايا سرطانية في العمود، وهناك تلقت العلاج اللازم للقضاء على الأورام وعادت إلى العاصمة عدن.

حياتها المهنية:

بعد تكوين المجلس الانتقالي كمكون سياسي للقضية الجنوبية انخرطت زهرة صالح في صفوف المجلس الانتقالي وكانت عضوة في الجمعية الوطنية،
كما تقلدت منصب رئيسة جمعية المعاقين حركياً في مديرية المنصورة بعد ترشيحها من الرئيس عيدروس الزُبيدي لتقلد المنصب، انتشلت زهرة عرفات الجمعية من اوضاعها المتدهورة التي كانت تعانيها الجمعية بعد إغلاقها في عام 2011م، وأرست بعض القواعد ومداميك العمل الاجتماعي بها وظلت رئيسة حتى مماتها.

دور الانتقالي:

ساءت حالة زهرة صالح الصحية وتم تمديدها في مستشفى النقيب وتكفل بعدها المجلس الانتقالي بتكاليف علاجها ونقلت إلى القاهرة لتلقي العلاج في تاريخ 24/ 11/ 2018م
وأثناء تلقيها العلاج في مصر تدهورت حالتها الصحية وتوفت بتاريخ 29 / 11/ 2018م.

يقول والد زهرة المحامي صالح عبدالله كان الشيخ هاني بن بريك متوجها إلى دولة الإمارات العربية وفور تلقيه نبأ وفاة زهرة قطع رحلته وتوجه إلى مصر وحضر إعداد جنازتها.

توفت زهرة في تاريخ 29/ 11/ 2018م وعادت إلى مسقط رأسها العاصمة عدن في موكب مهيب.

موكب جنازة صخرة الجنوب:

ترجلت زهرة صالح عن صهوة الحياة لتترك وراءها بصمات من الأعمال البطولية ومآثر استبسالية ونضالية في سبيل استعادة أرض الجنوب،وفي تاريخ 30\11\2018م شهد مطار عدن جمع غفير من الثوار والمناضلين وتحرك موكب جنازتها من مطار عدن إلى مقر منزلها في التواهي ومن ثم إلى مسجد العسقلاني ودفنت في القطيع. يقول والد فقيدة الوطن صالح عبدالله: شهد موكب جنازتها جمع غفير من الثوار حيث وصف أحد رفاقها موكب جنازتها بالعرس.

أقوال الصحف:

قالت الصحفية السويدية Tsnja Tom التي رافقتها إلى جميع المحافظات الجنوبية وقامت بكتابة كتاب عن الحراك الجنوبي وعن دورها النضالي في الحراك في رثاء لزهرة صالح “I always remember.

Inshallah I come to Aden this year. I wish to visit my sister Zahra’s grave. And see how Zahra is being remembered in the South! I miss you Zahra. Hope you are free and have freedom, finally, in heaven!.

أنا اتذكر دائماً.

إن شاء الله جئت إلى عدن هذا العام. أتمنى أن أزور قبر أختي زهرة وانظر كيف تتذكر الزهراء في الجنوب! اشتقت لك يا زهرة. أتمنى أن تكون حراً ولديك الحرية، أخيراً في الجنة!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى