هل ورقة الحوثي رابحة في لعبة النفوذ الإقليمي والدولي ؟

تحليل: منى أحمد
تصاعد الأحداث بين روسيا وأوكرانيا واستمرار الضغط الغربي على موسكو عبر العقوبات الاقتصادية والدعم العسكري لكييف يدفع روسيا إلى توسيع خياراتها واستغلال أوراق ضغط غير تقليدية على المسرح الدولي. من بين هذه الأوراق المحتملة، يأتي دور الحوثيين في اليمن كعامل قد تسعى روسيا إلى توظيفه لتحقيق مكاسب استراتيجية وضغوط إضافية على المجتمع الدولي.
الحوثيون يشكلون ورقة ابتزاز في الاقليم من الواضح انها قادرة على التأثير على أمن الملاحة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهو ممر حيوي للتجارة العالمية. إذا قررت روسيا توظيف نفوذها عبر إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، أو تقديم دعم مباشر لهم، فقد يؤدي ذلك إلى تهديد استقرار هذا الممر الاستراتيجي. تهديد كهذا قد يرفع من تكلفة الضغط على روسيا، حيث ستجد القوى الغربية نفسها أمام أزمة جديدة تتطلب تدخلاً عاجلاً، مما قد يشتت انتباهها عن الحرب في أوكرانيا ويخفف من تركيزها على العقوبات المفروضة على موسكو.
وفي سياق آخر، قد تسعى روسيا إلى استثمار أي تصعيد في اليمن لتحقيق مكاسب دبلوماسية. دعم الحوثيين بشكل غير مباشر قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد، ما يشكل عبئاً جديداً على المجتمع الدولي. في هذه الحالة، قد تعرض روسيا نفسها كوسيط دولي لحل الأزمة اليمنية، مما يعزز دورها على الساحة الدولية ويتيح لها فرصة لتقديم نفسها كقوة مسؤولة ومستعدة للتعاون، على عكس الصورة التي تحاول الدول الغربية ترسيخها عنها بسبب تدخلها في أوكرانيا.
الهدف الأساسي لروسيا من مثل هذه التحركات لا يقتصر على كسب نفوذ إضافي في الشرق الأوسط، بل يمتد إلى خلق مساحات للمناورة على الساحة الدولية. فتصعيد الأزمات في مناطق حساسة مثل اليمن يمكن أن يشغل الولايات المتحدة وحلفاءها عن التركيز الكامل على أوكرانيا، مما يمنح روسيا فرصة لتعزيز موقفها هناك. كما أن إشعال جبهات جديدة يجعل من الصعب على الغرب توجيه موارده الدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية في اتجاه واحد.
مع ذلك، فإن هذا التكتيك ليس خالياً من المخاطر. دعم الحوثيين أو التصعيد في اليمن قد يؤدي إلى ردود فعل غربية قوية، خاصة من الولايات المتحدة، التي تعتبر أمن الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب خطاً أحمر. كما أن أي تصعيد غير محسوب قد ينعكس سلباً على روسيا نفسها، إذ قد يتسبب في تأزيم علاقاتها مع دول الخليج بشكل لا يخدم مصالحها طويلة الأمد في المنطقة.
في النهاية، يبقى توظيف روسيا للحوثيين كأداة ضغط مرتبطاً بمدى استعدادها لتحمل المخاطر والتكلفة السياسية لمثل هذا التحرك. في الوقت ذاته، يبرز هذا السيناريو كجزء من لعبة معقدة تسعى فيها موسكو إلى تعظيم مكاسبها وتخفيف الضغوط عليها، وسط صراع عالمي يعيد تشكيل توازنات القوى ويعيد تعريف الاستراتيجيات الدولية.