استطلاعات

ظاهرة تهدد المجتمع .. “عزوف الشباب عن الزواج” ظاهرة تهدد المجتمع .. الأسباب والحلول !

كريترنيوز / استطلاع / محمود انيس

شهدت الأعوام الماضية ظاهرة اجتماعية انتشرت بين أوساط المجتمع سواء في المُدن أو الأرياف، وهذه الظاهرة هي عزوف الشباب عن الزواج والتي تعود أسبابها إلى تدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع الأسعار وانتشار البطالة والعمالة، جراء وضع البلاد غير المستقر والمتقلب من وقت لآخر، إلى جانب الأسباب النفسية والاجتماعية التي تواجه الشباب المقبلين على الزواج ، بعضها قهرية وأخرى اختيارية.

هذه الأسباب والتحديات تدفع الشباب أحياناً إلى تأجيل فكرة الزواج أو حتى إلغائها. ويأتي في مقدمة هذه التحديات ارتفاع تكاليف الزواج والمهور والمغالاة والبذخ في حفلات الزفاف، وبالتالي خوف الشاب من الأعباء المادية الناجمة عن الاقتراض، بينما تتأثر الفتاة بأفكار وأطروحات متناقلة وشكلية بعيدة عن واقع المجتمعات العربية.

وما بين هذا وذاك ، نرى تغلغل التصور الخطأ للزواج على أنه منظومة مليئة بالخلافات ، والتخوف من تحمل المسؤولية ، واعتياد حياة العزوبية ، وضعف الجانب الديني، والتأثر بالأطروحات السلبية التي تقدمها وسائل الإعلام عن الزواج والتأثر بأحاديث المختصين حول تحديات الزواج والطلاق.

وبالرغم من كل محاولات الشباب الذين يسعون لإكمال نصف دينهم بالزواج إلا أن الكثير ما يصطدم بعراقيل وصعوبات تفوق قدرته وإمكانياته مما يجعله يعزف عن الزواج . كما أن هناك عوامل نفسية أيضا حيث أن بعض الشباب يتخوف بأنه بعد الزواج وكل هذه التكاليف والخسارة قد يحدث الطلاق وتذهب كل تلك المخاسير على الفاضي، وفوق ذلك بأنه سيكون ملزوم بدفع نفقة وأشباء أخرى إن كان هناك أولاد.

أسباب عزوف الشباب عن الزواج :

الوضع الاقتصادي المتدهور هو أحد الأسباب الذي جعل الشباب يعيشون حالة اليأس والإحباط، حيث البلاد تعيش وضعا مزريا للغاية، تسببت بالأضرار بشكل سلبي في جوانب عديدة منها الأسرية والاجتماعية وأيضا الشباب كان لهم النصيب الأكبر.

فبسبب الوضع الاقتصادي عزف وتعسّر كثير من الشباب خاصة فيما يتعلق بإمكانية وتكاليف الزواج، واصبح الشاب لا يستطيع القيام بذلك نظرا لارتفاع الأسعار وتدهور الوضع الاقتصادي والمعيشي لدى أفراد المجتمع. فقد أصبحت تكاليف الزواج دون المهر تصل إلى مايقارب 3 مليون وأكثر من ذلك بين قاعة أفراح، ومايتم تقديمه للمعازيم وغيرها من الاحتياجات التي تفوق مقدرة الشباب على تحمل تكاليف الزواج.

يقول الشاب إبراهيم محمد : أنا أعمل في قطاع خاص ، فبعد أن استطعت تجميع مبلغ ، قلت سوف أتزوج بهذا المال، ولكني تفاجأت بأن المبلغ الذي جمعته لايمكن أن يساعدني في الزواج، في ظل الارتفاع الجنوني لقاعات الأفراح، إضافة للمتطلبات الأخرى من عزومة وغيرها فهذا الأمر زاد من تكاليف الزواج.

ومن أسباب عزوف الشباب عن الزواج أيضاً، البطالة وانعدام الأشغال، وبسبب الوضع المؤسف الذي نعيش فيه أصبحت نسبة البطالة بين الشباب والخريجين كبيرة جدا ، وذلك لانعدام فرص العمل والأشغال. حيث أصبح الشباب عاطلين عن العمل ولا يستطيعون إيجاد فرصة حتى ولو صغيرة يستطيع من خلالها إيجاد عمل إلا بالنادر.

يقول محسن الهيثمي : أنا خاطب وكنت أعمل في محل ملابس ولكن مع ارتفاع الأسعار وانهيار الصرف، وقلّة عملية البيع اضطر صاحب المحل الاستغناء عني واكتفى صاحب العمل بأن يدير العمل بنفسه هو وابنه نظرا لعدم قدرته على دفع راتب عامل، فهو معذور وقال لي إذا تحسن الوضع سوف تعود للعمل. فهذا الأمر زاد عن حده ، وربما إذا استمر هذا الوضع على هذا المعدل قد أفسخ الخطوبة ولا أريد أن اتحمل ذنب البنت المخطوبة لي، كوني شباب لم استطع أن اتزوج نتيجة لغلاء الأسعار وزيادة تكاليف الزواج.

وهناك أيضاً أسباب أخرى لعزوف الشباب عن الزواج ومنها غلاء المهور ومتطلبات الأسرة.

وللأسف الشديد أصبحت مسألة المهور مسألة مبالغ بها جدا من قبل أسرة العروسة، فهناك للأسف أسر تطلب مهراً لبناتهم بمبلغ خيالي وغال جدا ، وكأن الأمر تجارة وبيع وشراء. إضافة لذلك أنهم يطلبون ويشترطون بأشياء تكاليفها غالية ولا منها فائدة للعروسيين ، ولكن الأمر ومافيه تفاخر ليس إلا. ونلاحط في بعض الزاوجات والحفلات عمل أشياء فرعية وإضافات لا معنى لها وخسارة على شيء لا فائدة منه.

فيما يقول محمد سكينة : أنا أعمل وقدرت أن أكوّن نفسي وقررت أتزوج زواجا روتينيا يعني الأهل بايختاروا لي ، ولما تقدمنا كانت المفاجأة بأن أبو العروسة يطلب مهرا 2 مليون و500 ألف إضافة بأن الزفاف على حسابي ، والفستان وكل مايتطلب العروسة وقت الزواج ، ولأن العائلة محترمة حاولنا نقنعهم بأن يخفضوا من المهر لكن للأسف لم يقبلوا .

وأضاف سكينة قائلاً : أنا اعرف أن كل شيء مرتفع وغال، ولكن مثلما أنا مقدر وضعهم أقل شيء يقدرون وضعنا كشباب، فالمهر وتكاليف الزفاف هكذا قد يصل الأمر إلى 5 ملايين فهذا صعب جدا، وللأسف إلغاء الأمر وفضلت أبقى عازبا إلى أن الله يسهلها من عنده.

وتحدث الشاب رأفت رمادة قائلاً : أنا متفق على مسألة المهر والزفاف وغيرها من الأساسيات ولكن أستغرب والله عندما يطلبوا أهل العروسة قاعة معينة للزفاف والقاعة هذه سعرها يكون مبالغ جداً إضافة إلى مطالبتهم بأشياء أخرى بالديكور والملابس وغيرها من الأشياء التي لاتدل على شيء غير التفاخر دون فائدة فهكذا طلبات تكسر ظهر الشباب وتجعلهم يغضون نظرهم عن الزواج .

والعادات والتقاليد أيضاً هي أحد الأسباب التي تسببت بعزوف الشباب عن الزواج،

وهذه الظاهرة تعتبر رئيسية لعزوف الشباب عن الزواج التي أصبحت عبئا كبيرا على الشباب. فنحن لانقول بأننا لانحترم العادات والتقاليد ، ولكن هذا لا يعني المبالغة والزيادة عن المعقول. فللأسف في بعض المناطق وحسب العادات والتقاليد أن الشاب يتحمل نفقات أخرى غير الأساسية بالزواج ، فهناك من يشترط إقامة جلسة منفصلة غير الزفاف خاصة بالعقد ويكون هناك غذاء وغيرها من الأشياء، فهذه العادات تضاعف المصاريف على الشباب وتخلق لهم العراقيل والصعوبات. ومن العادات والتقاليد أيضاً تضاعف نفقات على الشباب أي وهي هدية مابعد الزفاف للعروسة فهذا الأمر ليس شرطا أساسيا و إنما هو من باب المقدرة إلا أنه أصبح للأسف أمرا وتقليدا أساسيا لدى الكثير .

امتناع الشباب عن الزواج :

من الطبيعي أن ظاهرة امتناع الشباب عن الزواج ظاهرة تهدد المجتمع ، فبذلك سيكون هناك ازدياد لحالة العنوسة بالإضافة أن امتناع الشباب من الزواج نتيجة الظروف المعيشية الصعبة وهذه الظروف قد تحول الشباب من صالحين إلى سيئيين.

إمكانية معالجة عزوف الشباب عن الزواج :

إمكانية معالجة تداعيات عزوف الشباب عن الزواج تتطلب معالجة جماعية للحفاظ على قيمنا ومجتمعاتنا، وأشير هنا إلى أن الدور الأبرز يقع على الأسرة التي ينبغي عليها مراعاة ظروف الشباب المتقدمين للزواج وتطبيق سنة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- القائل : “من أعجبكم دينه وخلقه فزوجوه”. كما أن على الخطباء ومشائخ الدين توعية المجتمع بأهمية زواج الشباب وفقًا لما أمرنا به نبينا. كما أنه يتوجب خاصة في هذه الظروف الصعبة والارتفاع المبالغ فيه، أن يكون هناك قرار يمنع المغالاة في المهور وتحديد مهور مناسبة نظراً للأوضاع المعيشية في البلاد ومحاربة العادات والتقاليد الدخيلة مثل التفاخر بالنسب والمكابرة. كما يتوجب علينا الرجوع إلى شريعة الله تعالى بالاعتدال في الزواج، وتيسيره والقبول بمن يرضون دينه وخلقه، بالإضافة إلى القناعة بما كتبه الله وعدم التطلّع إلى ما في أيدي الناس.

زر الذهاب إلى الأعلى