ظاهرة طفح المجاري.. حلول ترقيعية تؤرق حياة المواطنين بالعاصمة عدن

استطلاع / حنان فضل
انتشار ظاهرة طفح المجاري في شوارع عدن نتيجة لغياب التخطيط الاستراتيجي لها لسنوات طويلة، وغياب دور مؤسسة الصرف الصحي من ذلك، متى تكون هناك حلول نهائية بدلاً من الحلول الترقيعية؟ ومن ينقذ جمال عدن ومظهرها الحضاري وينقذ حياة المواطنين من انتشار الأمراض والأوبئة الفتاكة؟
أصبح هذا منظر طفح المجاري يسبب الإزعاج للمارة من المواطنين، وكأن المشاريع مجرد حبر على ورق (وهمية)، وإن وجدت تبقى ترقيعية تؤرق حياة المواطنين، دون إيجاد حلول جذرية لمشكلة قد انتهى منها العالم المتطور، وفي بلدنا مازالت مشكلة بل ظاهرة تشويهية.
البنية التحتية لأي بلد هي علامة تطور ورُقي:
قالت المهندسة بشرى عباس شمسان: البنية التحتية لأي بلد هي علامة للتطور والرقي والتقدم والازدهار.. ومن أهم البنى التحتية التي يجب الاهتمام بها هي الصرف الصحي في المدن نتيجة الازدياد الكبير في السكان والمباني. ويمثل الصرف الصحي والتصريف الأمثل لمياه الأمطار أهم المرتكزات للتخطيط العمراني، والانتباه لمجاري مياه الأمطار وأن تصل إلى منافذ يسهل انسحابها واختفاؤها بشكل سلسل وكبير.. ومن لا يعمل حساباً للتطور المستقبلي والازدياد في الكثافة السكانية والمباني، فإن الأمر يظل مبتوراً مشوها، لا يرقى إلى العمل المنظم..
سعة تصريف البيبات وأماكنها تختار بكل دقة، ويراعى الميول فيها. مدينة عدن تفتقر لمشاريع مثل هذه العقلية في شبكات الصرف الصحي، وظلت سعة بيبات التصريف سنوات كبيرة دون تطوير، إضافة للبناء العشوائي والبناء فوق مناهل العمارات والمنازل، ما أدى إلى تفاقم مشكلة التصريف الأمثل وانسداد في مجاري الأنابيب ذات الأقطار الصغيرة والمتوسطة.
كما يؤدي الربط غير المدروس في شبكات قديمة إلى طفح مياه المجاري، التي تنزل إلى الطرقات وتسبب بتلفها. والتوسع العمراني والتوصيل يؤدي كذلك إلى الحفر في الطرقات وتخريبها. هناك ديناميكية لابد من احتسابها لتقليل كلفة الرصف وإمداد الخدمات.
أدى تدهور مؤسسات الدولة وعدم التنسيق فيما بينها إلى عدة إشكالات تتطلب الوقوف أمامها بكل جدية، بين إصلاح الطرقات وتوسعة أنابيب المياه والمجاري. تخطيط الدولة لابد وأن يكون حاضراً في مثل هكذا مشاريع تجنباً للعمل المزدوج.
وتظل المشاكل قائمة في الانسداد الدائم ما لم يكن هناك توسعة في أقطار الأنابيب القديمة، التي دائماً ما يسبب انسدادها طفح المجاري، التي بدورها تسيء للسكان وأماكن لعب الأطفال وإلى انتشار البعوض الذي ينقل الأمراض. وكل تلك المشاكل تتراكم فوق المواطنين.
الى هنا ويكفي من معاناة لهذا المواطن، الذي يدور في دوامة لا لها أول لها ولا آخر من تردي الحياة في هذه المحافظة التي تستحق منا الأفضل.
طفح المجاري عبء يتحمله المواطن:
قال المواطن عصام عبدالرحمن الوالي: طفح المجاري يشكل ظاهرة متكررة في شوارع عدن، وأصبح أحد الأعباء على المواطن في العاصمة عدن يلحق بأزمة الكهرباء والمياه والنظافة، وغيرها من الأزمات التي تؤرق المواطن وتعكر صفو حياته.
أعتقد أن الأسباب تعود لأمور عدة، منها الارتفاع السكاني في العاصمة، كذلك النزوح الذي شهدته العاصمة من بعد 2015 نتيجة الحرب، إضافة إلى قدم التخطيط والبنية التحتية التي لم تشهد أي تحديث أو تغير بما يتناسب مع التعداد السكاني الحالي. وهذا كله ينعكس بالسلب على المواطن ويؤثر بيئياً وصحياً عليه، ما يجعله عرضة للأمراض والأوبئة، وينعكس أيضاً بالسلب على منظر العاصمة عدن وجمالها، كذلك يتسبب بتعطيل الطرقات خاصة للمشاة من النساء والأطفال والشيوخ.
الحلول: لابد من إعادة ترميم هذه الشبكة المتهالكة، وعمل شبكة جديد تتناسب مع التعداد السكاني الحالي بالعاصمة، كذلك سرعة استجابة مؤسسة الصرف الصحي للبلاغات عن مواقع طفح المجاري، ومراقبة المخربين لها وضبطهم وتسليمهم للعدالة.
غياب الدور الرقابي:
من جانبها قالت الأستاذة فائزة عبده عبدالله، مسؤولة المرأة والطفل باللجان المجتمعية – مديرية التواهي: طفح المجاري في شوارع عدن يعد مشكلة بيئية وصحية خطيرة، تؤثر بشكل كبير على حياة المواطنين. غياب التخطيط الجيد والرقابة الفعالة أدى إلى تفاقم هذه المشكلة، مما يستدعي تدخلًا عاجلًا من الجهات المعنية لتحسين البنية التحتية وتوفير حلول مستدامة.
إلى جانب تعزيز دور الرقابة لضمان الالتزام بالمعايير الصحية، وأيضاً نشر الوعي بين المواطنين بأهمية الحفاظ على نظافة الشوارع. وأتمنى أن يتم التعامل مع هذه المشكلة بجدية واهتمام لتحسين جودة الحياة في عدن.
أزمة صحية وبيئية تهدد حياة المواطنين:
تُعد مشكلة طفح المجاري في شوارع عدن من القضايا الملحة، التي تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين، حيث تعكس غياب التخطيط السليم لقطاع الصرف الصحي على مدى سنوات طويلة، بالإضافة إلى ضعف الرقابة من الجهات المعنية. هذه الظاهرة لا تقتصر آثارها على الجانب البيئي فحسب، بل تمتد لتطال الصحة العامة والاقتصاد المحلي.
إن انتشار مياه المجاري في الشوارع يُعتبر تهديدًا حقيقيًا للصحة العامة، حيث يُسهم في تفشي الأمراض المعدية، ويزيد من خطر الإصابة بالعديد من الأمراض التي يمكن أن تؤثر على الأفراد والعائلات. كما أن تلوث الهواء والتربة الناتج عن تسرب المياه الملوثة يؤدي إلى تدهور البيئة المحيطة، مما ينعكس سلبًا على جودة الحياة.
على الصعيد الاقتصادي، فإن تضرر البنية التحتية نتيجة طفح المجاري يؤثر على حركة المرور ويزيد من تكاليف الصيانة، مما ينعكس بدوره على الاقتصاد المحلي. ومع كل ذلك، فإن الروائح الكريهة والمظهر غير اللائق للشوارع تسبب إزعاجًا يوميًا للمواطنين، مما يزيد من شعور الإحباط وفقدان الأمل.
الأكثر إيلامًا، هو فقدان الثقة في الجهات الحكومية، حيث يعكس غياب الحلول الفعالة ضعف الأداء الحكومي، ويثير تساؤلات حول قدرة مؤسسات الدولة على تقديم الخدمات الأساسية.
بناءً على ما سبق، فإن معالجة هذه الأزمة تتطلب جهودًا منسقة بين الجهات الحكومية والمجتمع المحلي. يجب أن تكون هناك خطة شاملة لتحسين نظام الصرف الصحي، وضمان بيئة صحية وآمنة للجميع، فعدن تستحق أفضل مما هي عليه اليوم.
وفي الختام، أشار المواطن محمد نصر أبوبكر إلى عدم وجود مسؤولية تامة من مقبل الجهة المختصة، وعملهم يقتصر فقط أثناء انسدادات الصرف الصحي مما يؤدي إلى خروج المجاري بشكل كبير، وبدلاً من أن تكون هناك حلول نهائية فإنهم يقومون بعمل مؤقت، ومن ثم تعود هذه المشكلة والظاهرة من جديد دون حل خلال أسبوع أو أسبوعين. يجب أن يكون هناك اهتمام مستمر في إصلاح ما نعانيه بشكل متواصل.