دولة فلسطين.. اعترافات تعكس تحولات جوهرية
مع اتساع دائرة الدول التي أعلنت عزمها الاعتراف خلال جلسة الأمم المتحدة الشهر المقبل

كريترنيوز /متابعات /أمجد عرار/دبي
الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، التي بلغت مستويات مروعة، أطلقت شرارة الحديث اللافت والواسع عن ضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، في إشارة سياسية ذات مغزى إلى جذور الصراع الذي لم يبدأ في غزة ولا في أكتوبر 2023، ما يعني أن الدول الوازنة في العالم باتت تدرك أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لنزع عوامل تفجر الصراع بين الحين والآخر.
موضوع الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس جديداً، رغم أنه تفاعل بعد حرب 7 أكتوبر 2023، ثم زاد نشاطاً في العامين التاليين اللذين شهدا حراكاً دبلوماسياً متزايداً في أوروبا والعالم الغربي، فقد أعلنت دول عدة نيتها الاعتراف رسمياً خلال 2024–2025، ما يعكس تحولات مهمة في مواقف الغرب تجاه الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.
لكن جذور الموضوع تعود إلى العام 1988، حين أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية، في ذروة انتفاضة الحجارة، وثيقة الاستقلال التي تنص على إقامة الدولة الفلسطينية وفق قرارات الشرعية الدولية. ومع نهاية 1988، حظيت الدولة الفلسطينية بالاعتراف من 78 دولة، لكن في مارس 2025، باتت 147 دولة من أصل 193 دولة عضواً في الأمم المتحدة، تعترف بفلسطين.
دولة مراقبة
ومنذ نوفمبر 2012 تتمتع فلسطين بوضع دولة مراقبة غير عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة، علماً بأن الولايات المتحدة استخدمت الفيتو باستمرار أو هددت به لمنع العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم المتحدة.
وفي 22 مارس 2024، أصدرت إسبانيا وأيرلندا وسلوفينيا بياناً مشتركاً أعلنت فيه عزمها الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وبعد ذلك أعلنت سلوفينيا في 4 يونيو اعترافها رسمياً.
وفي 16 نوفمبر 2023 صوت برلمان النرويج، ثم صدر الاعتراف الرسمي في 28 مايو 2024. وأعلنت مالطا كذلك نيتها الاعتراف مع تأجيل التنفيذ.
وكانت فرنسا أول دولة من مجموعة السبع، التي تتمتع بعضوية دائمة في مجلس الأمن، تعلن عزمها الاعتراف، وذلك في 24 يوليو 2025.
وفي 30 يوليو، أعلنت كندا نيتها الاعتراف في سبتمبر المقبل، مع شروط تتعلق بالإصلاحات والانتخابات الفلسطينية. ولم تحدد أستراليا موعداً رسمياً، لكنها أعربت عن توجه قوي نحو الاعتراف.
نداء جماعي
الخميس الماضي، وجهت 15 دولة غربية، على رأسها فرنسا، نداء جماعياً باسم إعلان نيويورك، الذي دعا البلدان الأخرى لإعلان عزمها الاعتراف بدولة فلسطين. وضم النداء الذي أطلق في ختام مؤتمر وزاري في الأمم المتحدة حول حل الدولتين، إلى جانب فرنسا، كلاً من كندا وأستراليا، العضوين في مجموعة العشرين.
وأندورا وفنلندا وأيسلندا وأيرلندا ولوكسمبورغ ومالطا ونيوزيلندا والنرويج والبرتغال وسان مارينو وسلوفينيا وإسبانيا. وأعلنت بريطانيا نيتها الاعتراف قبل موعد انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة إذا لم يتوقف إطلاق النار في غزة.
إجمالاً، فإن موجة الاعترافات المعلنة أو المزمعة تعكس تحولاً جوهرياً في الموقف الدولي، خصوصاً مع انضمام دول وازنة مثل فرنسا والمملكة المتحدة وكندا إلى هذا التوجه، وهو ما قد يفتح الباب لتغيرات أوسع في خريطة المواقف الدولية تجاه القضية الفلسطينية.
ويبقى السؤال: هل يتغير واقع الصراع وتنتقل فلسطين من خريطة السياسة إلى دولة على الأرض، أم يتغلب الأمر الواقع الذي تفرضه إسرائيل على الإرادة الدولية؟