صيف غزة مشتعل حراً وحرباً

كريترنيوز/متابعات/محمد الرنتيسي/رام الله
ما بين الشمس الحارقة، والقنابل الخارقة، وفي وقت من دم ونار، تعيش غزة أسوأ فصول الحرب، وأشدها قسوة. وفي حين تحصد المقاتلات الحربية الإسرائيلية أرواح مئات الفلسطينيين.
وتدك مدافعها الثقيلة ما تبقى في غزة من مبانٍ ومنازل، ينشغل النازحون في التخفيف من حرارة «آب اللهاب» كما يصفونه في أمثالهم المحكية، والآخذة هذه الأيام في الارتفاع بشكل غير مسبوق
. محاولات الغزيين، لا تخرج عن ترميم الخيام البائسة، المقامة على أرضية مدمرة، بفعل المغالاة الإسرائيلية في تدمير كل مقومات الحياة، بما في ذلك إعادة قصف المباني شبه المدمرة، ما ضاعف معاناة الفلسطينيين في مواجهة حر الصيف.
اختنقت أنفاس النازحين في خيامهم، وبات إضرام النار في الهشيم الغزي، لا يحتاج لأكثر من تهشيم خرائط الدبلوماسية، كي يتطاير الشرر، ويحرق الأخضر واليابس، فبدت غزة وكأنها تشد الأحزمة، في ملاقاة تطورات ستحدد مصير حرب ضروس أتت على كل شيء، وصيف مشتعل حراً وحرباً، أخذ يوجج القلق في صفوف الغزيين في مواجهة غير متكافئة، فلا الشمس ترأف بالمشردين ولا الحرب تهدأ.
في تل أبيب، ما زال رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، يبلور استراتيجية إنهاء الحرب بالقوة، ورغم أن الجهود السياسية تحاول النهوض من جديد في القاهرة، إلا أن صاعق التفجير ما زال يقترب من مستودع البارود في رفح، التي ظلت تعاند ظلامية الحرب الزاحفة إليها بقوة، بينما ظلت غزة تسكن بين الماء والنار، وتتعايش بين أهوال الحرب، وآمال الحل.
وفي حين تذوب أجساد الأطفال تحت حرارة الشمس ووطأة الجوع ولهيب القنابل، تتسع عذابات النازحين وتتفاقم معاناتهم، فكل يوم يمر من حرب الإبادة، يقصّر من أعمارهم، فلا غذاء ولا ماء ولا كهرباء، بل مزيداً من الدمار والحصار والتجويع والترويع.
وأمام خيامهم الرثة، لا يتوقف الأطفال عن سكب الماء على أجسادهم، رغم ندرته وصعوبة الحصول عليه، سعياً للتخفيف من حرارة الشمس، كما دفعت موجة الحر الشديد النازحين إلى النوم في العراء، ليحظوا بقليل من الهواء، الذي يفتقرون إليه داخل خيامهم الأشبه بالأفران الملتهبة.
مكان مظلل
عبثاً، كان سعيد القانوع، يحاول الهروب بأطفاله إلى مكان مظلل بين خيام النازحين في جباليا البلد، لكن الشمس ظلت ترسل خيوطها اللاهبة نحوهم وتلفحهم. يقول وقد هدّه الحر:
«نواجه صعوبة كبيرة في الحصول على الماء، في ظل الارتفاع الكبير على درجات الحرارة، والأوضاع داخل الخيام لا تطاق، فلا وسائل تهوية، ولا ماء بارد، النوم في العراء أرحم.. أطفالي بدأت تظهر عليهم التهابات جلدية حادة، وهذه مأساة أخرى تواجهنا».