عربية

إسرائيل دمرت معالم غزة الأثرية والتاريخية

أهالي القطاع: ذكرياتنا وأحلامنا سُرقت.. لكننا باقون

كريترنيوز /متابعات /محمد الرنتيسي

ليست حجارة المنازل أو أرصفة الشوارع، في قطاع غزة، مجرد حجارة وأبنية، بل ذكريات نابضة، وشواهد مطبوعة على الجدران العالية والأسوار الشاهقة، وصولات وجولات وسهرات للعائلات الغزية، التي كانت تقتنص لحظاتها الجميلة، قبل أن تطالها الحرب الطاحنة، المستمرة منذ عامين. الإبادة طالت المساكن وسكانها، ولم يبق بيت في قطاع غزة إلا وأصابه التصدع والدمار، تغيرت المعالم بفعل الغارات التي لا تبقي ولا تذر، ولم تبقِ حجراً على حجر.

 

عبثاً حاول مدحت مراد، التعرف على منزله في مخيم جباليا وسط قطاع غزة، محاولاً استعادة بعض الذكريات، واستذكار الضحكات التي كانت، مع سهرات الأهل والأصدقاء، لكنها دفنت تحت الركام.

 

يقول مراد لـ«البيان»: «مدينة غزة كانت عاصمة القطاع الجميلة، لما تضمه من معالم تاريخية وأبراج عصرية، وجامعات وفنادق ومطاعم ومنتجعات سياحية وأماكن أثرية، وشط بحرها كان غنياً بالثروات، لكن الحرب حرمتنا من كل شيء».

 

وتابع: «لم نتمكن من معرفة مكان منزلنا الذي كان، بعد أن عدنا إلى مخيم جباليا، الحياة هنا انقلبت رأساً على عقب، والشوارع والحارات تحولت إلى أشلاء».

 

وتملك المدن الغزية الضاربة في أعماق التاريخ، مخزوناً أثرياً غنياً، لكن حارات غزة وأحواشها القديمة، ومناطقها الأثرية وأشجارها المعمرة توارت بعد انضمامها إلى لائحة الأهداف الإسرائيلية، في تدمير يصفه الفلسطينيون بالممنهج، والهادف إلى طمس الهوية الفلسطينية، وإبادة التاريخ الفلسطيني. وفي غضون عامين، هما عمر الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة، تغيرت معالم الساحات والميادين التي اعتاد الغزيون الجلوس بين أحضانها، وتهاوت شرفات البيوت العتيقة التي كانت تطل على تاريخ المدينة.

 

انضم ما يزيد على 375,000 منزل ومنشأة ومعلم حضاري، لقائمة المفقودين، كأن الأرض انشقت وابتلعتها، فغزة في الحرب ليست غزة التي قبلها، الرعب سيظل يحاصرها حتى وإن هدأت نار الحرب، يودع الغزيون منازلهم بكثير من الألم، فيلقون نظرة الوداع على ذكرياتهم ومقتنياتهم وغرف نومهم، وكأن لسان حالهم يقول: «ستتوقف الحرب، وستضع أوزارها يوماً، لكن من سيعيد لنا ذكرياتنا التي طمست، وتحولت إلى أنقاض وذكريات؟».

زر الذهاب إلى الأعلى