غداة موافقتها على الهدنة.. “الدعم السريع” تشن هجمات جديدة في السودان

كريترنيوز /القاهرة الإخبارية – محمود غراب
شنت قوات الدعم السريع هجمات جديدة على الخرطوم وأم درمان وعطبرة، وذلك غداة موافقتها على مقترح لهدنةٍ إنسانية في السودان قدمته الرباعية الدولية التي تضم مصر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة.
وأفاد مراسلنا من السودان، بأن مسيرات أطلقتها قوات الدعم السريع حلّقت بكثافة في أجواء العاصمة السودانية الخرطوم. وأوضح أن المسيرات تركزت شمال الخرطوم، بينما تصدّت لها المضادات الأرضية للجيش الوطني السوداني.
ونقلت تقارير إعلامية عن شهود عيان، أنهم سمعوا دوي انفجارات في مناطق يسيطر عليها الجيش السوداني قرب العاصمة، غداة إعلان قوات الدعم السريع موافقتها على مقترح دولي لهدنة إنسانية.
وذكرت التقارير أيضًا أن قوات الدفاع الجوي بالجيش السوداني تصدّت لهجومٍ بالمسيّرات شنته قوات الدعم السريع في أم درمان، التي تُعد ثاني أكبر مدينة في السودان.
وقال شهود في شمال مدينة أم درمان إنهم سمعوا أصواتًا لـ”مضادات أرضية ومن بعدها انفجارات” من جهة قاعدة وادي سيدنا العسكرية، ولاحقًا من جهة محطة المرخيات للطاقة قبل تسجيل انقطاع التيار الكهربائي.
وأوردت التقارير أن قوات الدعم السريع شنت هجومًا بالمسيّرات على مدينة عطبرة بولاية نهر النيل، وتصدّت دفاعات الجيش السوداني للهجوم.
وتحدث شهود في عطبرة على مسافة نحو 300 كيلومتر شمال الخرطوم عن “ظهور عدد من المسيّرات فوق المدينة أسقطتها المضادات الأرضية”.
ولفتت التقارير إلى أن تلك التطورات الميدانية تأتي في الوقت الذي تتواصل فيه المواجهات بين الجيش الوطني السوداني والدعم السريع شمال كردفان، عقب سيطرة الدعم السريع على مدينة الفاشر مركز ولاية شمال دارفور، وتأكيد منظمات حقوقية وقوع انتهاكات جسيمة وفظائع في المدينة.
ويأتي التصعيد الجديد من جانب قوات الدعم السريع غداة موافقتها أمس الخميس على مقترح لهدنة إنسانية في السودان، قدمته الرباعية الدولية التي تضم مصر والسعودية والإمارات والولايات المتحدة.
وأكد المتحدث باسم قوات الدعم السريع في بيان أن موافقتها على الدخول في الهدنة الإنسانية المطروحة من قبل دول الرباعية تأتي تلبيةً لتطلعات ومصالح الشعب السوداني، ولضمان معالجة الآثار الإنسانية الكارثية الناجمة عن الحرب وتعزيز حماية المدنيين.
وأوضح أن قوات الدعم السريع تتطلع إلى تطبيق الاتفاق والشروع مباشرة في مناقشة ترتيبات وقف العدائيات.
وجاءت هذه الموافقة المبدئية في أعقاب جولة مباحثات مكثفة استضافتها القاهرة أخيرًا برعاية مصرية–أمريكية، في محاولة لإحياء جهود السلام.
ويتضمن المقترح، الذي قدمته واشنطن، هدنةً إنسانية تمتدّ لثلاثة أشهر قابلة للتمديد، وتهدف بشكل أساسي إلى تسهيل وصول المساعدات، بضمان وصول آمن وغير مقيّد للمساعدات الغذائية والطبية إلى ملايين السودانيين المتضررين والمحاصرين في مناطق النزاع، خصوصًا بعد التدهور المريع للوضع الإنساني عقب التطورات الأخيرة في الفاشر.
كما تهدف إلى فتح مسار سياسي عن طريق استخدام فترة الهدنة كفرصة للتفاوض على اتفاق شامل لوقف العمليات الحربية، وإطلاق حوار سياسي واسع يشمل مجلس السيادة والقوى المدنية بهدف تشكيل سلطة تنفيذية مشتركة.
ومنذ اندلاع الحرب في السودان منتصف أبريل 2023، لقى عشرات آلاف الأشخاص حتفهم، ونزح حوالي 12 مليون شخص. فيما أدى الصراع إلى أكبر أزمتي نزوح وجوع في العالم، بحسب الأمم المتحدة.
وأمس الخميس، شدد رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، عبد الفتاح البرهان، على عزم الجيش السوداني تأمين حدود السودان ودحر المليشيا المتمردة، في إشارة إلى قوات الدعم السريع.
وقال رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، القائد العام للقوات المسلحة، خلال اجتماعه مع القيادة “الجوالة”: “سنثأر لكل الشهداء الذين قدموا أرواحهم في معركة الكرامة، وسنثأر للذين قُتلوا وتم التنكيل بهم في الفاشر والجنينة والجزيرة، وغيرها من المدن والمناطق التي دنّستها المليشيا الإرهابية”، وفقًا لوكالة السودان للأنباء.
وأشاد البرهان بالتضحيات الجسام التي تبذلها القوات المسلحة والقوات المشتركة في سبيل تحرير البلاد من “دنس التمرد والقضاء على مليشيا آل دقلو الإرهابية” في إشارة إلى قوات الدعم السريع.
وأشار إلى أن معركة الكرامة هي معركة الشعب السوداني، معبرًا عن تقديره لوقوف الشعب ومساندته للقوات المسلحة، وأكد أن كل من يقاتل باسم هذا الشعب لن يهزم ولن ينكسر، مجددًا العزم على “دحر المليشيا المتمردة وتأمين حدود الدولة السودانية”.
وقال البرهان: “إننا سنمضي بقوة وعزيمة وإصرار لتحقيق النصر قريبًا على المليشيا المتمردة والقضاء عليها”.
وفي وقت سابق، عقد مجلس الأمن والدفاع في السودان جلسة طارئة بولاية الخرطوم برئاسة البرهان وبحضور كامل عضوية المجلس.
وقال وزير الدفاع السوداني، الفريق حسن داؤد كبرون، إن الاجتماع ناقش الأوضاع الأمنية في البلاد، موضحًا أن المجلس تطرّق للأحداث في الفاشر والانتهاكات الجسيمة وغير المسبوقة التي ارتكبتها “مليشيا آل دقلو الإرهابية” بحق المدنيين والتي وجدت إداناتٍ من المجتمع الدولي.
وسيطرت قوات الدعم السريع على الفاشر بإقليم دارفور غرب السودان الشهر الماضي، وشرعت فورًا في عمليات قتل واغتصاب جماعية بدوافع عرقية. ولا يزال آلاف من سكان المدينة في عداد المفقودين.
وقرر مجلس الأمن والدفاع في السودان “استنهاض واستنفار الشعب السوداني لمساندة القوات المسلحة للقضاء على الميليشيا المتمردة” في إطار التعبئة العامة وجهود الدولة من أجل إنهاء هذا التمرد وتقديم رؤية حكومة السودان حول تسهيل وصول المساعدات الإنسانية ودعم العمل الإنساني واستعادة الأمن والسلام في كل أرجاء السودان.