من غزة إلى بيروت.. الخروج من الرمضاء إلى النار

كريترنيوز/ متابعات/ البيان /محمد الرنتيسي
حال غزة وبيروت لا يبدو مريحاً بعد وقف الحرب، فالمؤشرات المختبئة خلف ركام المنازل، توحي بأنه لن يكون بمقدورهما تخطي عتبات ويلات جديدة، تحملها نذر التصعيد الجارية فيهما، حتى بعد توقيع اتفاقيتي وقف إطلاق النار مع إسرائيل.
وإذ ينهمك الفلسطينيون في أولوية وقف كل أشكال الحرب، وما تفرع عنها من قتل وجوع ونزوح ودمار، والتشديد على الالتزام باتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار المبرم في 9 أكتوبر الماضي، تدشن بلاد الأَرز موجة تصعيد جديدة.
وإن لم ترتقِ إلى مستوى المواجهة الشاملة، كتلك التي نشبت قبل عامين، في حين نجحت إسرائيل في تكريس أمر واقع من طرف واحد، قوامه تنفيذ وقف النار بالنار.
فهل هي ساعة الصفر لعودة الحرب الإسرائيلية على جبهتي غزة وبيروت؟ أم تدشين موجة تصعيد عاتية، متوجة باغتيال شخصيات بارزة من حركة حماس وحزب الله، بما يلهب المشهد العسكري، الذي بدا كأنه يسير بتمهيد سياسي من تل أبيب، بعد اتهامها كلاً من حماس وحزب الله بخرق بنود الاتفاقيات الموقعة معهما، وجوهرها سحب السلاح وتقويض القدرات العسكرية.
وجلي أن اتفاقيات وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر 2024 الخاصة بحزب الله، و9 أكتوبر 2025 المبرمة مع حركة حماس، لم تخمد نار المواجهة على خط غزة بيروت، لكنها خفضت مستواها إلى هجمات من طرف واحد، من خلال قيام إسرائيل بضرب أهداف معينة، ما ينتج عنه في كل غارة سقوط أهداف وتدمير منازل ونسف مربعات سكنية.
تصدير أزمات
ويلخص الكاتب والمحلل السياسي، طلال عوكل، ما يجري بأنه استكمال للأهداف الإسرائيلية التي لم تتحقق خلال عامين من الحرب على قطاع غزة ولبنان.
مبيناً أن الحرب تغادر الآن خانة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى مجال أوسع، من خلال استدراج حزب الله للرد على الهجمات الإسرائيلية، مشدداً على أن الحرب في المنطقة لم تتوقف وأن السلام ما يزال بعيداً.
ويرى عوكل أن الحرب عادت لتتصاعد وتأخذ شكل الطابع اليومي، وما يجري في غزة يتكرر اليوم في بيروت، وفيما تشكو قوات «اليونيفيل» الخروقات الإسرائيلية في لبنان، يشكو النازحون الخروقات ذاتها في غزة، في حين لا يملك المستوى السياسي في البلدين سوى دعوات وقف الحرب والخروقات، والالتزام باتفاقيات وقف إطلاق النار، على حد تعبيره.
والفصل والربط بين غزة وبيروت ليس في الجغرافيا فقط، بل في السياسة أيضاً، كما يقول مراقبون، وهكذا يعكس مشهد التصعيد نفسه، فيما بدا كأنه تصدير للأزمات التي تكشفت سريعاً، عقب إعلان وقف إطلاق النار، ما يُدخل الفلسطينيين واللبنانيين في مرحلة جديدة من التصعيد والتعقيد.
المربع الأول
ومع ارتفاع سقوط الضحايا، والتخوف من الوصول إلى أعداد أكثر ودمار أكبر، فإن الحديث عن وقف الحرب في غزة وبيروت، يبقى فارغ المضمون، بل يخالف المنطق، فماذا يعني انشغال الفلسطينيين واللبنانيين في البلدين بوقف الغارات الإسرائيلية؟
ولماذا لا تختلف قراءات المراقبين الأولية، بأن المستقبل لا يحمل بين ثناياه عناصر تفاؤل على الإطلاق؟ ثمة يقين لدى الشعبين الفلسطيني واللبناني، في موجة التصعيد هذه، مفاده عودة الحرب وتداعياتها إلى المربع الأول