هدنة غزة.. بالفلسطيني أم الإسرائيلي؟

كريترنيوز /متابعات/ البيان /محمد الرنتيسي
يريد طرفا الصراع، حماس وإسرائيل، تثبيت الهدنة، ولكل أسبابه، بينما تسعى الإدارة الأمريكية، ومعها الأطراف الراعية، لبلورة صياغة واحدة لاتفاق وقف إطلاق النار، قبل الدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق، ويتحدث الفلسطينيون والإسرائيليون عن التهدئة كل بلغته وحساباته.
بينما تبدو المهمة من الصعوبة بمكان، بحسبانها معلقة بأسباب تطال مواقف الطرفين، بل إنها تصيبها تارة في صلب قوتها، وأخرى في أساس ضعفها، كما يجمع مراقبون.
وفيما يريد الفلسطينيون تهدئة تحمل المعنى الحقيقي للكلمة بوقف كل أشكال الحرب حتى التوصل إلى الحل السلمي الشامل، لا تحمل لغة إسرائيل أياً من مفردات التهدئة سوى مصطلح وقف إطلاق النار، ولذا أخذت تروج لاتفاق ينزع صفة الشرعية عن إدارة حركة حماس لقطاع غزة، قبل نزع سلاحها.
في تل أبيب يترجم الشارع الإسرائيلي كلمة تهدئة على أنها «استراحة محارب»، في حين يسير الخطاب السياسي في الجانب الفلسطيني المنادي بوقف كل أشكال الحرب، على وقع ضغوط أمريكية ودولية، ووفقاً لما تتطلبه المرحلة الثانية من الخطة الأمريكية، التي أفضت إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وهكذا راحت أطراف الحرب والسلم تعمل كل وفق رؤيته وهامش مناورته، لتهدئة تصر واشنطن على أن تستمر، بالرغم من كل التناقض، الذي يغلف مواقف الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، فإلى متى ستستمر هذه الدوامة؟
ووفق المحلل السياسي، محمـد دراغمة، فالحل والربط في يد أمريكا، إذ في ظل العقبات التي تعترض إتمام المرحلة الأولى من اتفاق وقف النار في غزة، والعراقيل التي تحول دون دخول المرحلة الثانية من الاتفاق، فالمخرج الوحيد هو تدخل أمريكي، موضحاً أن واشنطن هي التي فرضت الاتفاق، وهي فقط من تملك فرض تنفيذه.
ويقول دراغمة: «إسرائيل تتجنب الوصول إلى المرحلة الثانية، لأنها لا تريد الانسحاب من قطاع غزة، وفي المقابل حركة حماس من الصعب عليها الدخول إلى تلك المرحلة، لكونها تتطلب نزع السلاح، وهنا يأتي الدور الأمريكي، من خلال وضع آليات تفصيلية لتنفيذ الاتفاق»، مرجحاً أن يتم هذا خلال اللقاء القادم المؤجل بين حركة حماس والمبعوث الأمريكي لمراقبة تنفيذ الاتفاق، ستيف ويتكوف.
وثمة إصرار أمريكي على تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، وعدم ضياع بوصلة خريطة المرحلة الثانية من الاتفاق، والفرصة مهيأة لتحقيق اتفاق دائم، وانتصار دبلوماسي، كما يقول مراقبون، لكنها مشروطة ببوصلة إسرائيل نزع سلاح حماس.
دائرة تضيق
وأخذت الدائرة تضيق، استناداً إلى النخب السياسية في تل أبيب ورام الله، وتشبه محادثات المرحلة الثانية من الخطة الأمريكية، تلك التي سبقت اتفاق شرم الشيخ في 9 أكتوبر، بينما تقف المساعي السياسية، التي لم تحبطها خروقات التهدئة واندفاعها نحو أعلى درجات التصعيد والتراشق الميداني، عند نقطة مفصلية تكاد تكون روح الاتفاق، وهي أن لكل حساباته في جعل الفرصة تؤتي أكلها.
في العاصمة المصرية، تطرح الحلول للعقبات التي ما زالت تعترض إتمام المرحلة الأولى من اتفاق شرم الشيخ، فتصر حركة حماس على الوقف الشامل للحرب، وحل مشكلة المسلحين العالقين فيما وراء الخط الأصفر.
في المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل، وفتح معبر رفح، لتسريع وتيرة دخول المساعدات الإنسانية، في حين تتمسك إسرائيل بتسليم ما تبقى من جثث للأسرى الإسرائيليين، وتبدو جاهزة عدة وعتاداً لشن عملية عسكرية في غزة، وبين هذا وذاك تترك واشنطن الأمر لغرفة عمليات القاهرة، الغارقة في التفاصيل والخروقات، وتبادل الاتهامات.