عربية

لبنان بين حافة الهاوية ومحاولات الاحتواء

كريترنيوز/ متابعات/ البيان /وفاء عواد

في خضمّ ترقّب نتائج السباق الجاري بين الاعتداءات الإسرائيلية والتلويح بتوسيعها، وبين المساعي الدبلوماسيّة المنخرطة فيها دول عدّة، أطلق الرئيس اللبناني جوزاف عون جملة مواقف رسّم فيها الحدود على مستوى السيادة لجهة «المضي قدماً بتنفيذ قرار الحكومة حصر السلاح»، مجدّداً التأكيد على خيار التفاوض لإخراج لبنان من دائرة الاستهداف الإسرائيلي.

وفيما يمضي لبنان نحو مزيد من الأجواء الضبابية، والتي تغلب عليها المخاوف مما يمكن أن يعقب المهل والإنذارات المنهمرة حول مرحلة ما بعد نهاية السنة الحالية، ارتفع منسوب الكلام عن أنه لم يُدرج على لائحة الضغط الأمريكي على إسرائيل للجم اعتداءاتها.

وهو ما بدا واضحاً خلال الساعات الأخيرة بعودة المسيّرات، معطوفاً على ما جرى يوم السبت الفائت في بلدة يانوح الجنوبية، إذ دخلت قوّة من الجيش اللبناني للمرة الثانية، بطلب من لجنة «الميكانيزم»، إلى منزل أنذرت إسرائيل بقصفه في البلدة المذكورة وقامت بتفتيشه.

 

وذلك بالتزامن مع أحدث جولة تهويلية إسرائيلية حدّدت نهاية الشهر الجاري مهلة نهائية لتفكيك سلاح «حزب الله»، لن يكون بعدها مفرّ من عملية عسكرية لمنع الحزب من استعادة قدراته العسكرية. ومع ذلك يمضي المسار الدبلوماسي المتعدّد الطرف حيال لبنان نحو محطات وجهود وتحركات إضافية تسابق الوقت والمهل.

 

تطوّران واجتماعان

وفي السياق، تجدر الإشارة إلى تطوّرين ميداني ودبلوماسي برزا في الساعات الأخيرة، ولو بمواكبة تواصل الغارات الإسرائيلية على بلدات وقرى جنوبية، سيستقطبان التدقيق في ما إذا كانا يشكّلان مؤشريْن كافيين لمصلحة الجهود المتعدّدة الطرف الجارية بكثافة لتمديد مهل «الإنذارات» المتصلة بنهاية السنة الحالية.

والحؤول دون عملية عسكرية إسرائيلية واسعة في لبنان، من خلال إجراءات ميدانية جديدة على أرض الجنوب من جهة، وتطوير الإطار التفاوضي عبر لجنة «الميكانيزم» من جهة ثانية.

 

فالتطور الأول تمثّل في نجاح نموذج الاستعاضة عن الغارات الإسرائيلية بإجراءات الجيش اللبناني في بلدة يانوح، ما عُدّ نجاحاً للجيش و«الميكانيزم» يمكن البناء عليه إذا توافرت تفاهمات إقليمية – دولية – لبنانية لتطوير التهدئة. أما التطوّر الثاني.

 

فيتمثل في مكوكية أمريكية جديدة في اتجاه إسرائيل، عبر زيارة مفاجئة للموفد المتعدّد المهمّات توم برّاك إلى تلّ أبيب في مهمة محصورة بسوريا ولبنان قد تفضي إلى نتائج مهمة. ووسط هذا المزيج من الأجواء المتضاربة، فإن ثمّة إجماعاً على أن لا رادع لإسرائيل في الميدان، ولا ضامن للبنان.

 

أما في السياسة، ففتح السفير الأمريكي ميشال عيسى نافذة في جدار الأزمة المسلّح، بطرحه في «مجلس مصغّر»، وفق ما يتردّد، معادلة «احتواء السلاح» شمال نهر الليطاني، بعد تمديد مهلة الانتهاء من حصره جنوب الضفّة، وهو ما لن يلقى قبول الإسرائيلي. وعلى هذين الخطّين المتوازيين، تتنقل الأحداث من محطة إلى أخرى، ويسير التصعيد جنباً إلى جنب مع التبريد.

 

وبين احتمالات التصعيد المفتوح ومحاولات احتواء الانفجار، تتّجه الاهتمامات إلى الاجتماع الذي يُعقد في باريس، بعد غد الخميس، ويضمّ الموفدين الفرنسي جان إيف لودريان والأمريكية مورغان أورتاغوس، والسعودي يزيد بن فرحان، وقائد الجيش اللبناني رودولف هيكل، حيث ستكون خطّة حصر السلاح والتحضيرات لمؤتمر دعم الجيش في صلب المناقشات.

والاجتماع المذكور هو تحضير لمؤتمر دعم الجيش، مع ما يعنيه الأمر وفق قول مصادر عسكرية لـ«البيان»، من كونه سيتحوّل إلى نقطة تقاطع إقليمية حسّاسة، يأخذ فيها الملفّ اللبناني بعداً استراتيجياً، إذْ يتقدّم الحساب الدولي على الوقائع الميدانية، في ظلّ مسار سياسي معلّق على استحقاقات إقليمية كبرى.

 

علماً أن لا مواعيد لعقد مؤتمر دولي لدعم الجيش حتى الآن، أو أقلّه قبل حسم القرار السياسي المتعلّق بسلاح «حزب الله»، إذ يُعتبر نزع السلاح على كامل الأراضي اللبنانية «العقدة» الأساس أمام أيّ دعم.

 

وفي اليوم التالي، يُفترض أن تعقد «الميكانيزم» (لجنة مراقبة وقف إطلاق النار) اجتماعاً في منطقة الناقورة الحدودية، بمشاركة الوفد اللبناني وإسرائيل والرعاة الأمميّين والفرنسيين والأمريكيين.

علماً أن هذا الاجتماع هو الثاني من نوعه الذي يترأس فيه السفير السابق لدى أمريكا سيمون كرم الوفد اللبناني، بعد اجتماع أول اتّسم بطابع استكشافي، فيما يُنتظر أن يكون الاجتماع الثاني قد شهد بناء استراتيجية تفاوضية أكثر وضوحاً

زر الذهاب إلى الأعلى