نكسة 1967: خذلان وتداعيات على العرب
كتب: سبأ الجاسم الحوري.
في الخامس من يونيو عام 1967، وقعت واحدة من أكبر النكسات في تاريخ العرب الحديث، حيث خسرت الدول العربية حربًا استمرت ستة أيام فقط أمام إسرائيل. وتعد هذه الحرب، التي عرفت بـ “نكسة 67″، مثالاً قويًا على أثر الخذلان وعدم التنسيق العربي في أوقات الأزمات، إذ انكشفت فيها ثغرات كبيرة في الاستعدادات العسكرية، وانعدام التنسيق، إلى جانب عدم وجود استراتيجية واضحة. كانت النتائج كارثية؛ احتلت إسرائيل مساحات شاسعة من الأراضي العربية، وتدهورت معنويات الأمة العربية.
أولاً، ظروف ما قبل الحرب والتحذيرات المتكررة بعد صعود الرئيس المصري جمال عبد الناصر وتبنيه مواقف قومية، انتشرت حركة التحرر العربي، ونالت مصر دعمًا كبيرًا من شعوب المنطقة. غير أن العلاقات المتوترة بين العرب وإسرائيل بلغت ذروتها في أواخر مايو 1967، عندما بادرت مصر بسحب قوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة من سيناء، وأعلنت إغلاق مضيق تيران أمام الملاحة الإسرائيلية، ما اعتبرته إسرائيل تهديدًا مباشرًا.
في ظل تلك التحركات، انتشرت تحذيرات من إمكانية شن إسرائيل لهجوم مباغت، لكن قادة الجيوش العربية لم يكونوا مستعدين بشكل كافٍ. وبينما كانت مصر تتوقع دعمًا عربيًا واسعًا، كانت قوات الجيوش الأخرى غير مهيأة، وانعكس عدم التنسيق بشكل مؤسف.
الخذلان العسكري: غياب التنسيق وضعف القيادة في صباح الخامس من يونيو، شنت إسرائيل هجومًا جويًا مباغتًا، استهدف القواعد الجوية المصرية بشكل أساسي. في غضون ساعات، تمكنت إسرائيل من تدمير أغلب القوة الجوية المصرية، لتصبح السماء تحت سيطرتها الكاملة. ومع أن القوات الأردنية والسورية حاولت التدخل، إلا أن ضعف التنسيق وتباين الاستراتيجيات أدى إلى هزيمة سريعة.
لم تكن المشكلة فقط في الاستعدادات العسكرية، بل تجلت في الفجوات الكبيرة في القيادة والتخطيط؛ إذ كان قادة الدول العربية في خلافات عميقة وافتقروا إلى إستراتيجية موحدة، وهو ما منح إسرائيل تفوقًا حاسمًا.
النتائج: خسارة الأراضي وانهيار الروح المعنوية خسرت مصر شبه جزيرة سيناء، وفقدت الأردن الضفة الغربية، كما احتلت إسرائيل هضبة الجولان السورية. وتعد هذه الأراضي من أهم المناطق الاستراتيجية في المنطقة، وجعلت إسرائيل تسيطر على منافذ حيوية وتكسب تفوقًا عسكريًا وسياسيًا.
لم تقتصر النتائج على الخسائر المادية، بل كانت معنوية أيضاً، حيث أثرت النكسة في نفوس الشعوب العربية وأضعفت الإيمان بالقومية العربية. وأدت الهزيمة إلى تصاعد الإحباط الشعبي، وظهور حركات مقاومة تطالب بالتحرير وتشكك في قدرة الأنظمة الحاكمة.
نهايةً، تظل نكسة 1967 مثالاً قاسيًا على أهمية التنسيق العربي. لقد علمت النكسة أن الأزمات الكبرى تتطلب وحدة صف واستراتيجية مدروسة، وأن الافتقار إلى التحالف القوي يمكن أن يؤدي إلى نتائج كارثية. وعلى الرغم من مضي السنوات، ما زال تأثيرها حاضرًا كدرس لأهمية التخطيط والحكمة في أوقات الأزمات.