بين الطفولة المسلوبة والمكاسب السريعة

كتب: عيشة صالح
في عصر هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي، ظهرت ظاهرة مقلقة تتمثل في استغلال بعض الأسر لأطفالها لتحقيق الشهرة والربح المادي. حيث باتت صور الأطفال ومقاطع الفيديو التي توثق حياتهم اليومية تُعرض للعالم كوسيلة لجذب المتابعين وزيادة الأرباح. هذه الظاهرة، رغم بريقها الخارجي، تحمل في طياتها أبعاداً أخلاقية واجتماعية تستحق التأمل والنقد.
الطفولة هي مرحلة البراءة والنقاء، وهي حق أصيل يجب أن يُحترم ويُحفظ، هذا الاستغلال يحرم الطفل من حقه في الخصوصية وفي أن يعيش طفولته بعيداً عن ضغوط الشهرة أو التوقعات المجتمعية. قد يُطلب من الطفل أداء أدوار معينة أو التفاعل بشكل غير طبيعي مع الكاميرا، مما يؤدي إلى فقدان عفويته وتكوينه لشخصية مصطنعة تتماشى مع رغبات الجمهور.
يتعرض الأطفال الذين يتم استغلالهم عبر وسائل التواصل لضغوط نفسية هائلة. قد يُصبحون ضحية للتنمر الإلكتروني، أو يجدون صعوبة في الفصل بين هويتهم الحقيقية وهويتهم الرقمية التي يُصممها الآباء. علاوة على ذلك، قد يؤدي هذا الاستغلال إلى تدهور علاقتهم مع والديهم، الذين يرونهم كمصدر دخل أو مصدر سمعة أكثر من كونهم أبناء.
في كثير من الأحيان، يكون الدافع وراء استغلال الأطفال هو الطمع في الأموال التي تدرها الإعلانات والرعايات. يجذب المحتوى الذي يُظهر الأطفال جمهورًا واسعًا بسبب الطابع اللطيف والعفوي الذي يميزه، مما يجعل هذه الفئة هدفاً سهلاً للعائلات الطامحة لتحقيق مكاسب مادية.
تقع المسؤولية الأخلاقية على عاتق الأسر أولاً، ثم على المجتمع ومؤسسات حماية الطفل لضمان أن تمارس وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة لا تنتهك حقوق الأطفال ولا تستغلهم.