مقالات وآراء

بين الحوار وفرق التواصل السياسي..أي نهج أكثر فاعلية؟

كتب: جسار فاروق مكاوي .

في ظل التحولات السياسية التي تشهدها الساحة الجنوبية، يبرز الحوار كأحد أهم الأدوات التي أثمرت عن توافقات وطنية هامة عبر السنوات الأخيرة. غير أن استمرار فرق التواصل السياسي، كوسيلة لنقل الرؤى والتفاعل مع المجتمع، لم يحقق النتائج المرجوة، بل زاد من حالة التداخل والتناقض في الإجراءات، مما ألقى بظلاله على النهج السياسي العام.
لقد كان الهدف الأساسي من تشكيل فرق التواصل السياسي هو تعزيز التفاعل مع المجتمع، إلا أن التجربة العملية كشفت عن عيوب هيكلية في هذا النهج. فبدلًا من أن تشكل هذه الفرق جسورًا فعالة بين القيادة السياسية والمواطنين، أضحت في كثير من الأحيان وسيلة لتجزئة الخطاب السياسي وتقديم تفسيرات متباينة للقرارات والسياسات، مما أدى إلى اتساع الفجوة بين الناس والمجلس الانتقالي الجنوبي. هذا التباين في الخطاب يضعف الثقة ويؤثر على مستوى التماسك الداخلي الذي تم تحقيقه عبر الحوار الوطني الجنوبي-الجنوبي.
إن الحوار، وليس التوزيع العشوائي لأدوات التواصل، هو السبيل الأمثل لتعزيز الوعي السياسي وتوحيد الرؤية الجنوبية. فالتجربة أثبتت أن الحوار الجاد والمستمر هو الذي أفرز رؤية وطنية متماسكة، حتى وإن لم تكن كاملة، فالكمال لله وحده. لذا، فإن تعزيز الحوار عبر توسيع نطاقه، وإشراك مختلف الأطياف السياسية والمجتمعية، سيكون أكثر نفعًا من توزيع المهام على فرق متفرقة تفتقر إلى المركزية في الرؤية والتوجيه.
مرتكزات الرؤية السياسية البديلة :
1. توحيد أدوات الحوار: بدلاً من فرق تواصل متفرقة، يجب التركيز على إنشاء إطار حواري موحد يكون أكثر تأثيرًا ووضوحًا في نقل الرسائل السياسية.
2. تعزيز الشمولية: إشراك مختلف الفئات والشرائح المجتمعية في الحوار، بحيث يكون حوارًا شاملًا وليس مقتصرًا على نخب سياسية معينة.
3. مأسسة الحوار: تحويل الحوار إلى عملية منظمة ضمن هيكل سياسي واضح، بما يضمن استمراريته وفاعليته دون أن يكون مرهونًا بمبادرات فردية.
4. التفاعل مع نتائج الحوار: تطبيق المخرجات المتفق عليها ضمن سياسات عملية تُنفذ على أرض الواقع، بدلًا من تركها حبرًا على ورق.
إن تعزيز الحوار السياسي كنهج ثابت لا يعني رفض آليات التواصل، بل إعادة توجيهها نحو مسار يخدم القضية الجنوبية بوضوح. إن كان هناك ما يجب الاستثمار فيه اليوم، فهو الحوار، ثم الحوار، ثم الحوار؛ باعتباره الأداة الأكثر نضجًا في لمّ الشمل، وتعزيز التوافق، وإرساء رؤية سياسية قادرة على مواجهة التحديات، بعيدًا عن التشتيت والتناقض.

زر الذهاب إلى الأعلى