مقالات وآراء

27 رمضان.. ذكرى النصر العظيم وتحرير عدن من رجس الغزاة

كتب: د. عبدالرزاق البكري

في عيد النصر.
في مثل هذا اليوم المبارك، يوم السابع والعشرين من رمضان عام 2015، سُطِّرت واحدة من أعظم ملاحم البطولة والفداء في تاريخ الجنوب العربي، عندما كسر أبطال المقاومة الجنوبية قيود الاحتلال الحوثي العفاشي، وانتزعوا النصر من بين أنياب الغدر والخيانة. كان يوماً أسود في سجل الطغاة، ويوماً مشرقاً في تاريخ عدن والجنوب، حيث طُهِّرت العاصمة الأبية من رجس الغزاة، بدماء الأبطال، وتضحيات الشهداء، وصمود الرجال الذين لا يعرفون الخنوع ولا الاستسلام.

عدن.. ملحمة الصمود والنصر في وجه الغزاة

لم تكن عدن مجرد ساحة معركة، بل كانت ميداناً لصناعة التاريخ، حيث وقف أبناؤها في وجه أشرس قوة غازية امتلكت العتاد والعدة، فيما لم يمتلك أبناء عدن سوى إيمانهم بالحرية، وعزيمتهم التي لا تُكسر، وأرواحهم التي باعوها لله وللوطن.

في عام 2015، عندما اجتاحت جحافل الحوثي وعفاش أرض الجنوب، كانت عدن هي الهدف الأكبر، باعتبارها العاصمة والرمز والقلب النابض للجنوب. حاول الغزاة السيطرة عليها بالقوة الغاشمة، معتقدين أن أبناءها لن يقاوموا، وأنها ستسقط سريعاً كما سقطت صنعاء. لكنهم لم يدركوا أنهم دخلوا مدينة ولّادة للثوار، مدينة لم تعرف يوماً معنى الهزيمة، مدينة يستحيل أن تنحني لأي مستعمر أو طاغية.

أبناء عدن.. من بين الركام خرجوا أبطالاً

لم يكن شباب عدن جنوداً مدربين، ولم يكن لديهم ترسانة من الأسلحة بومها، بل كانوا أبناء شوارعها وأزقتها، طلاباً، عمالاً، صيادين، حرفيين، أناساً بسطاء طيبين لم يحملوا السلاح يوماً، لكنهم عندما رأوا مدينتهم تُدنس، استيقظت فيهم جذوة وحمية الثورة، فانطلقوا كالصاعقة لمواجهة المحتل الحوثي العفاشي. بأسلحة بسيطة، وبذخيرة شحيحة، وبخبرة قتالية شبه معدومة، وقف أبناء عدن في وجه المدرعات والدبابات، وخاضوا حرباً لا متكافئة، لكنها انتهت بنصرهم العظيم.

تضحيات جسام.. ثمن الحرية والاستقلال

قدمت عدن خيرة شبابها فداءً للكرامة والحرية، سقط المئات شهداء، وجرح الآلاف، لكنهم لم يتراجعوا لحظة، لأنهم كانوا يعلمون أن معركتهم ليست فقط من أجل عدن، بل من أجل الجنوب بأسره، من أجل مستقبل خالٍ من الاحتلال والإذلال. لم يكن لديهم خيار سوى الانتصار أو الموت واقفين، فاختاروا النصر، وصنعوه بدمائهم وأرواحهم.

المقاومة الجنوبية.. معركة التحرير الفاصلة

عندما اشتد الخناق على عدن، وعاثت المليشيات الحوثية ومليشيات عفاش فساداً وقتلاً ونهباً، انطلقت المقاومة الجنوبية بكل قوتها، ومعها أبناء عدن الذين حولوا المدينة إلى قلعة عصية على الاحتلال. بدأت المواجهات في كل حي، في كل زقاق، في كل شارع، وكانت الحرب حرب شوارع شرسة لم يتوقعها العدو. ومع دخول شهر رمضان المبارك، كانت المقاومة قد قلبت المعادلة، لتبدأ الضربات القاصمة على رؤوس الغزاة، حتى كان يوم 27 رمضان، يوم النصر العظيم، حيث تم تطهير عدن بالكامل من دنس الحوثيين ومليشيات عفاش، ليُكتب فصل جديد من فصول المجد الجنوبي.

عدن.. العاصمة التي لن تنكسر

اليوم، ونحن نستذكر تلك البطولات، نتذكر أن عدن لم تتحرر بسهولة، ولم يكن نصرها هدية، بل كان ثمنه باهظاً، دُفع بدماء الأحرار. واليوم، لا تزال عدن رمزاً للصمود، رغم المؤامرات، ورغم التحديات، ورغم من يحاول النيل من عزيمتها. لكنها ستبقى العاصمة التي لا تُقهر، والمدينة التي لا تهزمها المحن، مهما تكالب عليها الأعداء.

الدماء التي روت الأرض.. ثمن الحرية والاستقلال

لم يكن النصر الذي تحقق في عدن مجرد صدفة، بل كان ثمرة جهاد طويل وتضحيات جسام قدمها رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه. لقد كانت عدن محاصرة، خنقها المحتل الحوثي العفاشي، وسعى إلى إذلال أهلها، لكنه لم يعلم أن في عدن رجالاً لا يركعون إلا لله، وأن في الجنوب شعباً يرفض الذل والهوان. فاندلعت المقاومة كالإعصار، تسحق جحافل الغزاة، وتلقنهم دروساً لن ينسوها.

المقاومة الجنوبية.. أسطورة القتال والإيمان بالحق

سطر أبطال المقاومة الجنوبية ملاحم بطولية ستظل خالدة في ذاكرة الأجيال، فبسلاحهم المتواضع وإيمانهم العميق بعدالة قضيتهم، واجهوا ترسانة الموت الحوثية العفاشية، وانتصروا عليها بإرادة لا تلين. لم يكن في عدن يومها إلا رجال صدق، وشهداء مضوا إلى ربهم رافعين رؤوسهم، وجرحى تركوا دماءهم على ثرى الأرض الطاهرة، فداءً للحرية والاستقلال.

تحية إجلال وتهنئة بالنصر

نقف اليوم في هذه الذكرى العظيمة، لنترحم على أرواح الشهداء الأبرار الذين قدموا أرواحهم قرباناً لعزة الجنوب وكرامته، وندعو الله أن يمنّ بالشفاء العاجل على جرحانا الأبطال الذين سالت دماؤهم دفاعاً عن الأرض والعرض. ونوجه تحية عز وفخر لكل مقاتل صامد في الجبهات، لكل بطل يرابط على ثغور الجنوب، يحميه بدمه وروحه، ويقف سداً منيعاً ضد كل متربص أو متآمر.

هنيئاً لكم أيها الأبطال هذا النصر الذي خط بدمائكم الزكية، وهنيئاً لكم هذه الذكرى التي ستظل علامة مضيئة في تاريخ الأمة. أنتم الشعلة التي لن تنطفئ، والرمز الذي لن يمحى.

خواتم مباركة وعيد سعيد لأسود الجنوب

وفي هذه الأيام المباركة، ونحن نقترب من عيد الفطر السعيد، نرسل أحر التهاني وأصدق التبريكات لكل أبطال القوات الجنوبية الذين لا يزالون في المتارس، يحرسون حدود الجنوب بعيون لا تنام، ويؤكدون أن الجنوب لن يكون إلا لأبنائه الأحرار. عيدكم مبارك أيها الأسود، وكل عام وأنتم في عز ونصر، ولن يكون للغزاة موطئ قدم بعد اليوم في أرضنا الطاهرة.

المجد والخلود للشهداء.. والحرية والاستقلال للجنوب العربي الأبي!

الباحث. د. عبدالرزاق عبدالله البكري.

زر الذهاب إلى الأعلى