نحو إنقاذ زراعة البُن في يافع واليمن.. الماء أولًا

كتب: م. محمد عوض العيسائي
تُعد زراعة البُن من أهم وأعرق المحاصيل في اليمن، وخاصة في مناطق المرتفعات مثل يافع، حيث تشكل هذه الزراعة هوية ثقافية واقتصادية أصيلة. ومع ذلك، تواجه زراعة البن اليوم مجموعة من المعضلات الخطيرة التي تقف عائقًا أمام نهوضها واستدامتها، وأبرز هذه التحديات هو شح المياه.
الماء.. أساس الحياة والزراعة
قال تعالى: “وجعلنا من الماء كل شيء حي”. فلا يمكن لأي زراعة أن تستمر بدون توفر المياه، لا سيما في ظل التغيرات المناخية وتراجع منسوب الأمطار وندرة مصادر المياه السطحية والجوفية.
لكن رغم هذا التحدي، يمكن للمزارع أن يلعب دورًا كبيرًا في مواجهة المشكلة، من خلال حلول محلية ومبادرات ذاتية تعتمد على ترشيد المياه وتخزينها بطرق ذكية واقتصادية، منها:
حلول ذاتية لتوفير المياه:
1. تخزين مياه الخريف:
في موسم الخريف، تقل الحاجة إلى ري المزروعات بسبب الأمطار.
غالبًا ما تتسرب المياه الجارية من الغيول والآبار دون استفادة منها.
لذا يُنصح المزارعون بتخزين المياه في:
خزانات كبيرة (تانكيات).
خزانات ترابية مبطنة بالبلاستيك.
خزانات إسمنتية أرضية.
تُستخدم هذه المياه لاحقًا في موسم التزهير، عندما تحتاج أشجار البن والفواكه إلى كميات مياه محددة للبقاء والنمو.
2. تجميع مياه الأمطار والسيول:
عبر بناء خزانات ترابية مبطنة بالبلاستيك القوي، تُقام في مداخل الجبال أو مجاري السيول.
هذه الخزانات منخفضة التكلفة وفعّالة للغاية.
ولضمان الاستخدام الأمثل لها، يُنصح باستخدام شبكات الري بالتنقيط لترشيد استهلاك المياه.
دور الدولة والمنظمات في دعم زراعة البن:
إلى جانب الجهود الفردية، فإن الدولة تتحمل مسؤولية كبيرة في إنقاذ زراعة البن، وذلك من خلال:
1. الاستمطار الاصطناعي:
عبر محطات الاستمطار الأيوني على قمم الجبال.
كما هو معمول به في سلطنة عمان الشقيقة.
2. بناء السدود في الوديان الزراعية:
لحجز كميات أكبر من مياه السيول والأمطار الموسمية.
3. إقامة الحواجز الأرضية:
بهدف حجز المياه المتسربة من الآبار والاحتفاظ بها لأطول مدة ممكنة.
4. دعم المزارعين بالبنية التحتية:
حفر خزانات أرضية.
إنشاء البرك والكرفانات والأحواض.
توفير شبكات الري الحديثة، خصوصًا التنقيط، بأسعار مدعومة أو مجانًا في المناطق المستهدفة.
خاتمة:
إن إنقاذ زراعة البن في يافع واليمن ممكن إذا توفرت الرؤية والإرادة. وعلى المزارع أن يبدأ بنفسه، وأن يبادر بتخزين المياه واستخدامها بطرق رشيدة. وعلى الدولة والمنظمات أن تضع هذا المحصول الاستراتيجي ضمن أولوياتها، بما يضمن ديمومة زراعته ورفع إنتاجيته، ويحفظ للأجيال القادمة إرثًا زراعيًا وثقافيًا لا يُقدّر بثمن.