مقالات وآراء

التقارب الحضرمي.. بين الحقيقة والتزييف

كتب: محمد باوزير

يشكّل التقارب الحضرمي اليوم بارقة أمل في ظل مشهد سياسي واجتماعي معقّد في حضرموت، ويُعدّ قيمة نبيلة وهدفًا ساميًا يُرحّب به كل من يحمل هم حضرموت أرضًا وإنسانًا، فاللقاء بين الحضارم بكل أطيافهم وتوجهاتهم -إن تم على أسس سليمة ونية صادقة- سيعيد لحضرموت توازنها المفقود ويمنحها فرصة حقيقية لبناء مستقبل أفضل.

لكن حين تُدار هذه القيمة بروح انتقائية، ويُختزل هذا التقارب بين أطراف حضرمية بناء على قاعدة تحقق المصلحة بينهم، فيما التقارب الحضرمي خيانة عظمى ولن يدعو له أحد إن لم تكن هناك مكاسب ذاتية، فهذا بحد ذاته يُعدّ نكوصًا عن جوهر التقارب، وتنكّرًا لمضمونه الجامع، وتحويله إلى أداة لتكريس الهيمنة أو تصفية الحسابات.

فالإعلان عن “التقاربات والتفاهمات” الأخيرة بين طرفي النزاع في حضرموت(سلطة + هضبة) هو خبر مفرح لكل حريص على مصلحة حضرموت إن تأسس على قاعدة الشراكة والنية الوطنية الصادقة، وارتكز على إعلاء مصلحة حضرموت أولا وحمل هدف تخفيف معانات أبنائها، فذلك التقارب المنشود الذي سينهي معاناة أشهر مضت كان الخاسر الأكبر هو حضرموت وأبناء حضرموت، أما لو خرج هذا التقارب عن إطاره الحقيقي، وقفز عن طريق تحقيق المصلحة العامة إلى تحقيق مكاسب مشبوهة وصفقات ملغومة لا تشبه حضرموت ولا تواكب تطلعات الحضارم، أو استخدم كأداة لتصفية حسابات سياسية أو فرض هيمنة طرف على آخر أو تقاسم النفوذ والثروة، فسيُفرّغ المصطلح من مضمونه ويتنكر لجوهره ويقود إلى *تفاهم هش محكوم عليه بالفشل* وسنتجه لاحقا لموجة صراع جديدة ولكن حينها ستكون أشد وأنكى.

لهذا نقول إنه من حق جميع أبناء حضرموت، من اكتوو بعذابات ومآلات ذلك الصراع الذي طال أمده أن يعلموا حيثيات هذا الاتفاق والتقارب التاريخي بين “سلطة البحر وسلطة الجبل” وأن تدار الأمور بشفافية ووضوح، ليطمئن حينها المواطن الحضرمي البسيط أن حضرموت تسير في الطريق الصحيح، وأن أشهر من المعاناة جراء هذا الصراع البيني ستُتَوج بانفراجة كبرى، فلا يسمحوا أن يكون حال الحضارم بكل مشاربهم مجرد ضحايا، حالهم كحال الأطرش وسط الزفة لا يدرون على ما اختلف الطرفان وعلى أي شيء اتفقوا، فهذا بحد ذاته تغييب واستهداف ممنهج يؤسس لنتائج لا تحمد عقباها.

زر الذهاب إلى الأعلى