مقالات وآراء

14 أكتوبر.. يومٌ صنع فيه وعي الأمة وغيّر مجرى التاريخ.

كتب الشيخ: أمين الأميني

 

تُعدّ ثورة الرابع عشر من أكتوبر عام 1963م واحدة من أهم المحطات المفصلية في التاريخ الوطني، وبالأخص في مدينة عدن التي كانت آنذاك تحت الاحتلال البريطاني. لم يكن ذلك اليوم مجرّد انتفاضة مسلّحة، بل كان ميلادًا جديدًا لروح الحرية، وبداية لمرحلة من الوعي الوطني العميق الذي غيّر ملامح الجنوب إلى الأبد.

 

انطلقت شرارة الثورة من جبال ردفان حين رفع الثوار شعار الاستقلال، متحدّين واحدة من أقوى الإمبراطوريات في العالم آنذاك. ومع كل رصاصة أُطلقت، كانت الكرامة تُستعاد، والوعي الوطني يترسّخ، والأمل يشتعل في نفوس الأجيال بأن فجر الحرية قادم لا محالة.

 

لم تكن ثورة 14 أكتوبر معركة ضد احتلال غاشم فحسب، بل كانت ثورة ضد التبعية والخذلان وضياع الهوية. وحين انسحبت القوات البريطانية في 30 نوفمبر 1967م، لم يكن ذلك انسحابًا عسكريًا فقط، بل إعلانًا لانتصار إرادة الشعب وكرامته، وإثباتًا أن الشعوب مهما ضعفت يمكنها أن تنتصر متى آمنت بحقها.

 

لقد شكّلت الثورة منعطفًا سياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا؛ فقد توحّدت الفصائل الوطنية، وبرزت القيادات الشابة التي حملت على عاتقها مشروع بناء الدولة، كما تحوّلت عدن من قاعدة استعمارية إلى عاصمةٍ للحرية والتحرر العربي.

 

واليوم، وبعد مرور أكثر من نصف قرن تحديدا في الذكرى 62، تظلّ ذكرى 14 أكتوبر نبراسًا يذكّر الأجيال الجديدة بأن الحرية مسؤولية، والوطنية ليست شعارًا بل التزامًا وموقفًا. فكما واجه الأجداد قوى الاحتلال بالأمل والإصرار، فإن جيل اليوم مطالب بأن يواجه التحديات الحديثة — من انقسام وضياع وفساد مالي واداري— والعنصرية المقيتة التي باتت تهدد روح الدولة الوطنية الحديثة وذلك بالعقل والروح البناءة.

 

إن الاحتفال بذكرى 14 أكتوبر ليس مجرد استرجاعٍ لتاريخٍ مجيد، بل هو دعوة لتجديد العهد مع الوطن، والإيمان بأن الوطن والعاصمة عدن لا تزالان قادرتين على النهوض من تحت الرماد متى ما توحدت القلوب والغايات.

زر الذهاب إلى الأعلى