مقالات وآراء

ثورة ٣٠ نوفمبر.. حين انتزع الجنوب حريته من براثن الاستعمار

كتب/ الشيخ أمين الأميني

في صباح الثلاثين من نوفمبر ١٩٦٣م،انطلقت الشرارة التي كانت ينتظرها الجنوب العربي لتحرير نفسه من قبضة الاستعمار البريطاني الذي دام ١٢٩ عامًا.

لم تكن مجرد يوم عابر في التاريخ، بل كانت لحظة فارقة، جسدت إرادة شعب ورفضه للاستعباد، لتكتب بصمتها الذهبية كواحدة من أبرز الثورات التحررية في المنطقة العربية.

بدأت الحكاية مع توحيد جهود القوى الوطنية والمناضلين تحت مظلة”الجبهة القومية للتحرير”، والتي قادت الكفاح المسلح ضد المحتل. لم تكن المواجهات عسكرية بحتة، بل كانت معركة إرادات، حيث واجه أبناء القبائل والفلاحون والمثقفون، ببنادقهم البدائية وإيمانهم الراسخ، واحدة من أعتى الإمبراطوريات في العالم.

لم يكن الطريق مفروشًا بالورود، فقد سُجلت مسيرة الكفاح بتضحيات جسام، أبرزها استشهاد القائد راجح بن غريب لبوزة الذي أشعل بدمائه الطاهرة شعلة الثورة، فكان شهيد نوفمبر الأول.

وتوالت بعدها العمليات الفدائية التي أنهكت قوات الاحتلال، وأرغمتهم في النهاية على الاعتراف بالهزيمة والمغادرة.

في ٣٠ نوفمبر ١٩٦٧م، وبعد أربع سنوات من الكفاح الدامي، رُفع علم الوطن الغالي لأول مرة في عدن، معلنًا بداية عهد جديد، ونهاية لحقبة الاستعمار الطويلة.

لم يكن الاستقلال مجرد تحرر جغرافي، بل كان انتصارًا للهوية الوطنية وإعلانًا لميلاد كيان سياسي جديد في جنوب الجزيرة العربية.

اليوم،وبعد عقود طويلة، تظل ذكرى ثورة ٣٠ نوفمبر تتنفس في ضمير كل وطني حر، خاصة أبناء الجنوب.

إنها ليست مجرد ذكرى نستحضرها، بل هي درس في التضحية والكرامة، ودليل على أن إرادة الشعوب أقوى من كل دبابات المحتلين.
لتبقى الثورة شاهدًا على أن الحرية لا تُوهب، بل تُنتزع انتزاعًا.

زر الذهاب إلى الأعلى