الحراك النسوي الجنوبي

كتب/ صباح حنش علي علوي
المرأة الجنوبية كانت السباقة على مستوى الجزيرة العربية والشرق الأوسط بل وكثير من دول العالم المتحضر في انتزاع حقوقها وبدأت ذلك بشكل نقابي منظم من أول بدايات التحرر العالمي في العام ١٩٤٥م بتشكيل أول مكون نسوي ( نادي سيدات عدن ) الذي ضم جمع من النساء المتعلمات والمثقفات وبالرغم من أنه كان محصوراً في مستعمرة عدن في ذلك الوقت إلا إن تأثيره أمتد إلى أن وصل وفي وقت قصير إلى كل محميات الجنوب ثم تشكيل جمعية المرأة العدنية وبأعلان استقلال الجنوب في العام ١٩٦٧م وظهور دولة مدنية حقيقية اهتمت بالإنسان وخصوصاً المرأة وحقوقها ظهر للمرأة كيان خاص جمع كل كيانات المرأة في الجنوب بمسمى ( اتحاد نساء اليمن ) وكان ذلك التغيير إلى نساء اليمن بدلاً من الجنوب هو ناتج التغييرات التي اظهرتها على دولتنا الفتية النخبة المغتصبة لجنوبنا الحبيب الذي جرنا إلى أن تم اغتصاب كل ما هو جميل باستعمار يمني غاشم حطم كل ما تم بنائه من العام ١٩٤٥ إلى ١٩٩٠م حيث كانت البصمة الواضحة بل والذراع الواصلة لاتحاد نساء اليمن الجنوبي في انتشال المرأة الجنوبية من براثن الاضطهاد والفقر والجوع والنهوض بالأسرة من خلال التوعية الاجتماعية وتعليم الفتاة والقضاء على الأمية في عموم الوطن الجنوبي في الحضر والريف في ذلك الوقت، وغزت المرأة الجنوبية المحافل العربية والدولية وكان لها السبق بأن تكون من مؤسسي الكيانات النسوية العالمية الأولى في العالم بمشاركتها في التأسيس منذ العام ١٩٧٥م من أول ما أعلن عن العام العالمي للمرأة إلى مؤتمر نيروبي في العام ١٩٨٥م مع أنها السباقة في تأسيس كيانها المحلية كما شاركت المرأة الجنوبية في المحافل الدولية الاشتراكية تماشياً مع اتجاه الدولة في تلك الفترة، ولا ننسى واضعات اللبنات الأولى لاتحاد نساء اليمن الجنوبي الرائدات فوزية محمد جعفر وعائدة علي سعيد اليافعي وغيرهن الكثيرات ممن عملوا بخطوات ثابتة من أجل ادراج حقوق المرأة الجنوبية في دستور الدولة ومساواتها بالرجل في العمل والأجر بينما كانت ترزح أكثر دول العالم تطورا في إعطاء المرأة نصف أجر الرجل في العمل.
إن كل ما عملته المرأة الجنوبية ونتيجة لليمننة الظالمة التي فرضها أعداء الجنوب على وطننا الحبيب قد قدم في طبق من ذهب لمن لا يستحقه بأسم دولة وحدة اليمن في العام ١٩٩٠م حيث وبعد الغزو اليمني واستعمار الجنوب في العام ١٩٩٤م تمت السيطرة على كل المنجزات الجنوبية ويمننتها ومن ضمنها ( إتحاد نساء اليمن الجنوبي ) الذي أدّعت دولة اليمن الاستعمارية أنه ملكاً لها وأنها أسسته في العام ١٩٩٠م مع أنها استولت على كل مقاعده في المنظمات العربية والدولية التابعة للجنوب وتم إقصاء الجنوبيات منها بحجة اليمننة وهناك ممن هن مدسوسات على الجنوب ينادين ببقاء إتحاد نساء اليمن بنفس المسمى مدعيات عراقة الإسم وتزيين كلمة نساء والغرض منها جر الجنوبيات إلى اليمننة من جديد وهذا حلم لن يصلوا إليه كون المرأة الجنوبية قد عرفت طريقها ولن تكرر أخطاء الماضي.
إن المرأة الجنوبية وفي عهد دولة الجنوب ١٩٦٧ – ١٩٩٠م قد وصلت إلى مستوى كبير من التطور وانتزعت الكثير من حقوقها ووصلت إلى مستوى أن تشارك في صنع القرار السياسي وأن تكون رقماً حاضراً في كل منتدى ومؤتمر واجتماع وباستعمار اليمن للجنوب أُعيدت المرأة الجنوبية إلى أزمنة غابرة وكانت هناك محاولة مستميتة من نظام الاستعمار اليمني في تجهيلها واستعبادها وبهذه النظرية المقيتة جهلن أغلب فتيات الجنوب وانتشرت النظريات الدينية المتطرفة التي تسعى لجعل المرأة الجنوبية سلعة يتباها من يمتلكها كأحد زوجاته بطرق عبودية خارجة عن ديننا الإسلامي وعقيدته السمحة إلا أن المتعلمات والمثقفات من الجنوبيات حافظن على الثقافة الجنوبية وساعدن على توصيلها للجيل الحديث لكي لا تندثر وحافظن على مستوى التعلم للمرأة وحفاظها على الجوانب الاجتماعية والعلمية وظلت هي الطبيبة والمهندسة والمحامية والمثقفة التي لم يستطيع الاستعمار اليمني أن يثنيها عن حقها الاجتماعي وناضلت سياسياً وفكرياً إلى جانب الرجل الجنوبي من أجل إزاحة الاستعمار اليمني عن الجنوب ووصلت إلى المشاركة السياسية وتسعى اليوم المرأة الجنوبية وتناضل من أجل التخلص من بقايا الاستعمار اليمني الهدام لتصل إلى صناعة القرار السياسي والمشاركة الدولية في دولة الجنوب المستقلة ذات السيادة الكاملة.