منوعات

من خدع اللصوص إلى بصمة نيوتن.. القصة الخفية وراء الحواف المسننة على العملات المعدنية

كريترنيوز/ متابعات /السيد محمود المتولي

 

ما بين خدع اللصوص إلى بصمة نيوتن حتى وقتنا الحالي تحمل النتوءات على حواف العملات حكاية ممتدة عبر القرون، تداخلت فيها فصول الاحتيال مع لمسات الابتكار، وتقاطعت معها خيوط الاقتصاد والسياسة.”

 

 

البدايات:

 

 

ظهرت العملات المعدنية الأولى حوالي 600 قبل الميلاد في مملكة ليديا (تركيا حالياً)، وكانت ناعمة الحواف ومصنوعة من خليط طبيعي من الذهب والفضة، ومع مرور الزمن، بدأ المحتالون في ممارسة خدعة ذكية تُسمى “قصّ العملات”، إذ كانوا يزيلون أجزاء صغيرة من حواف العملات الثمينة ثم ينفقونها بقيمتها الكاملة، بينما يبيعون المعدن المقتطع وفق موقع “rd”.

 

 

بصمة إسحاق نيوتن:

 

 

 

في أواخر القرن السابع عشر، تدخل السير إسحاق نيوتن حين كان رئيساً لدار سك العملة الملكية في إنجلترا، وابتكر فكرة الحواف المسننة كوسيلة لكشف أي تلاعب، فإذا تم قصّ العملة، ستبدو حوافها غير منتظمة فينكشف التزوير فوراً، هذه الفكرة أثبتت نجاحاً كبيراً، وانتشرت بسرعة حتى تبنتها الولايات المتحدة عند إصدار عملاتها المعدنية عام 1792.

لماذا ليست كل العملات مسننة؟

ليست جميع العملات المعدنية مزودة بحواف مسننة، فئات مثل البنس أو النيكل لم تحتوِ على معادن نفيسة (ذهب أو فضة) تستحق عناء القص، لذا لم تكن بحاجة إلى حماية إضافية، على العكس، العملات ذات القيمة الأعلى، مثل الدايم أو الربع أو نصف الدولار، كانت مسننة لأنها مصنوعة من معادن أثمن.

عدد النتوءات يختلف من عملة إلى أخرى

الدايم (10 سنتات): 118 نتوءاً.

الربع (25 سنتاً): 119 نتوءاً.

نصف الدولار: 150 نتوءاً.

النسر الأمريكي الذهبي أو الفضي: 198 نتوءاً.

أكثر من مجرد حماية

رغم أن العملات الحديثة لم تعد تُصنع من معادن ثمينة، لكن ما زالت الحواف المسننة تؤدي أدواراً أخرى مهمة:

-منع التزوير، فتزوير العملات ذات الحواف الملساء أسهل من المسننة.

-مساعدة ضعاف البصر: يمكن التمييز بين العملات المتشابهة الحجم باللمس فقط.

-إرث تاريخي: الحفاظ على التصميم الكلاسيكي يعكس ثقة واستمرارية.

 

 

تطورات حديثة:

 

 

لم تقتصر حماية العملات على النتوءات فقط، بل طورت بعض الدول تقنيات إضافية، فالمملكة المتحدة مثلاً استبدلت عملتها المعدنية المستديرة من فئة الجنيه الإسترليني عام 2017 بنسخة ذات 12 وجهاً، ما جعلها أكثر صعوبة على المزورين.

تعد الحواف المسننة على العملات ليست مجرد زينة، بل هي إرث قديم ابتكره نيوتن لمحاربة اللصوص، ولا تزال حتى اليوم تلعب دوراً أمنياً ووظيفياً، يجمع بين الحماية والتمييز والرمزية التاريخية.

زر الذهاب إلى الأعلى