آداب وفنون

كن من لا شيء.

كتب : منال مجاهد

كن من لا شيء، شيئا

من الجميل أن نشغل حيزًا على هذه الأرض ، لا أقصد المساحة فهذا مفروغ منه ، لكنني أقصد هنا الوجود المعنوي.

أن نكون شيئًا يضيف.

لم لا نفكر أن نكون؟

لم نستسلم؟

هل جربت أن تكون؟

أولًا أفرغ مابعقلك من مقترحات وأهداف وأفكار وضعها بمذكرتك الخاصة لتحفظها من النسيان.

لا تشتهي بقدراتك العقلية، بل نَمِّ قدراتك وحافظ عليها.

وأنت تتقدم إلى الأمام

،تأكد أن الأرض التي ستفرغ فيها مابعقلك هي أرض كلها أشواك، غير صالحة للزراعة، بيئة لا تدعم العقل السليم لإخراج مايحتوي.

كن حذرًا، الأرض والبيئة فهما عاملان أساسيان لنجاح أي هدف وفكرة على أرض الواقع ، إذا كانت الأرض صالحة والبيئة مشجعة ، فبالطبع ستحقق نجاحًا عظيمًا ونتائج مثمرة لتلك الأرض والبيئة، وإذا كانت الأرض غير صالحة والبيئة محطمة عليك أن تُغادرهما.

منذ عشرات السنين وعقلي يفرغ مافيه في مذكرتي، لم أستطع ترجمة مابعقلي بسبب الأرض والبيئة، فالأرض مزروعة كلها أشواك للأسف والبيئة ترى أن المرأة ليس لها شيء سوى أن تكون ربة بيت لا غير .

منذ تلك السنوات وأنا أصارع تلك العادات الضالة والأفكار السوداء في بيئتي، بفضل الله ثم بتمسكي بتلك الأفكار والأهداف استطعت أن أتجاوز نصف الطريق المحفوف بالأشواك،  حين أتذكر الأرض والبيئة التي عاش عليها  بعض الأشخاص رغم أنهم ذكور وكيف تمت محاربتهم وخذلانهم وتحطيمهم ولم يستسلموا واستمروا في التقدم وغادروا البيئة والأرض ، عانوا وتحملوا مشقة السفر مابين المحافظات وعواصم بلدان العالم كل ذلك ، ليصبحوا من لا شيء شيئًا يذكر.

هناك عُظماء بدؤوا من الصفر ووصلوا إلى قمة الهرم وكل منهم يختلف بظروفه عن الآخر.

أين كانوا بالأمس وكيف أصبحوا اليوم، بالأمس القريب كان أحدهم بيده اليمنى عصا يهش بها أغنام أسرته ، وباليسرى دفتر يذاكر منه ، ذلك الراعي المحارب من أجل أن يتعلم ويصبح شيئًا عظيمًا رغم كل ظروفه والعقبات التي واجهها، اليوم بيده اليمنى قلمّ وباليسرى كتابّ، أصبح اليوم من طالب قروي وراعي أغنام إلى باحث زائر بمعهد الأنوية الثقيلة بجامعة وارسو ببولندا.

أتعلمون كيف وصل لهذا؟

لم يصل بوساطة أو رشوة أو مجاملة، بل وصل لأنه تمسك جيدًا بأهدافه وأفكاره وحافظ عليها ، وصل لأن عقله سليم ، حارب وقاتل وصارع كل الظروف حتى نجح في تخطي طرق الفشل، اجتاز تلك الأشواك بصعوبة ، ولم يستسلم لها، غادر البيئة ليثبت للجميع أن العقل السليم لا يستطيع العيش والتأقلم في أرض وبيئة غير صالحتين للعقول السليمة.

زر الذهاب إلى الأعلى